ميساء موسى: الخيال من أهم شروط الكتابة للطفل

الأديبة اللبنانية ترى أن غياب حبكة القصة يفقد النص قيمته

نشر في 02-09-2020
آخر تحديث 02-09-2020 | 00:03
باحترافية شديدة استطاعت الكاتبة اللبنانية ميساء موسى أن تنسج عشرات القصص الموجهة إلى الصغار، وقالت في حوار مع «الجريدة» إن الخيال الواسع من أهم الشروط الواجب توافرها في الأديب الذي يكتب للطفل، مع ضرورة أن يكون النص متوازناً بحيث يجري ربط أحداث القصة وعناصرها ببعضها حتى نصل إلى عمل أو نص متقن ومحترف.
واعتبرت موسى أن النص يفقد قيمته من دون حبكة القصة... وفيما يلي نص الحوار:
• سنوات الطفولة الثرية المفعمة بالحكايات تسهم بدرجة كبيرة في خلق أديب بارع في الكتابة للصغار... إلى أي مدى تحقّق لكِ ذلك؟

- من الطبيعي عندما ينشأ الطفل في بيئة ثقافية تشجع على القراءة والكتابة ينتج عن ذلك أديب بارع يحكي قصصاً جميلة، مشوّقة وهادفة، فمن المعروف أن الإنسان يميل إلى ما كان يحبّه في الصغر كأن يحب قراءة القصص والحكايات ومع وصوله إلى سنّ معينة يبدأ الكتابة فتصبح هوايته المفضلة ينمّيها مع الوقت ليصبح أديباً معروفاً في الوسط الأدبي. وبالنسبة إلى تجربتي كنت أحب متابعة البرامج والأفلام القصيرة باللغة العربية وكانت أمي تروي لي القصص والحكايات االمتنوعة، وعندما كبرت أصبحت أعبّر عمّا أفكر فيه من خلال الكتابة إلى أن تخصصت في مجال التربية الذي هو إلى حدّ كبير مرتبط بالطفولة وحبّي وشغفي للكتابة جعلني أسلك هذا الطريق.

محتوى الكتاب

• ما منطلقاتك العامة في الكتابة للطفل؟

- على الكاتب أن يأخذ بعين الاعتبار عناصر القصة عند سرده أي قصة، فإن كانت عناصرها غير مكتملة أو غير مترابطة يفقد الكتاب قيمته لدى القارئ وكأن يكون الزمان مناقضاً لمحتوى الكتاب والمكان لا يشبه أحداث القصة أو شخصياتها، لذا الزمان والمكان من العناصر المهمة، ولعنصر التشويق دور أساسي ومهم في تحفيز الطفل لمعرفة ما يدور في القصة وأيضاً يجب أن تكون أحداث القصة متسلسلة بشكل منطقي يسهل من خلالها الوصول إلى نهاية القصة، ولحبكة القصة دور مهم جدّاً في تحديد المشكلة أو المعضلة أو الحدث المهم في القصة ومن دونها يفقد النص قيمته والأهم ترابط العناصر بين بعضها، ولكي يكون النص متوازناً علينا أن نربط أحداث القصة وعناصرها ببعضها حتى نصل إلى عمل أو نص متقن ومحترف.

خيال واسع

• برأيكِ، ما الشروط أو المعايير التي يجب أن تتوافر في من يتخصص في أدب الطفل؟

- من أهم المعايير أن يكون الكاتب صاحب رؤية يحدّد من خلالها مسيرته الأدبية ويختار الموضوعات التي تحاكي الطفل وتسعى لتنشئته في بيئة ثقافية وأيضاً أن يكون للكاتب خيال واسع يستطيع من خلاله سرد القصص بطريقة ممتعة وتواكب المستوى العقلي للطفل إلى جانب السلاسة في الكتابة، فكلّما كانت لغته بسيطة وغير معقدة يصل إلى فكر الطفل بطريقة أفضل. وعلى الكاتب أن يكون مخضرماً في مجال عمله بحيث يتنوّع في الكتابة ولا يقتصر ما يطرحه على موضوعات محدّدة ومكرّرة، بل عليه أن ينوّع في أفكاره مع الحفاظ على أسلوبه في الكتابة.

الآراء الإيجابية

• من واقع تجربتك وإصداراتك العديدة هل تقيسين نجاحها بحسب ردود فعل الأطفال أم آراء النقّاد حيالها؟

- كما يعرف في مجال الطفل علينا أن نتقبّل كل الآراء سواء كانت إيجابية أم سلبية، فالآراء الإيجابية تحفّز الكاتب وتزيد من إصراره على الكتابة والآراء السلبية تساعده لتخطّي الأخطاء وألا يعود إليها ويأخذ بعين الاعتبار هذه الآراء ويتقبّلها برحابة صدر. أمّا النقد فهو نوعان: «بنّاء» أي عندما ينتقد الكاتب بطريقة منطقية فعليه أن يعمل على النقاط التي تم طرحها عليه. و»سلبي» حين لا يكون منطقيًّاً أي عندما ينتقد الكاتب من دون توضيح النقاط التي أخطأ فيها وبما أن الكاتب يكتب لفئات عمرية حسّاسة أي أن عقولهم تتشكّل على أفكار مكتسبة فللكاتب والمربي دور أساسي ومهم جدًّاً في تنشئة الطفل، لذا عليه أن يتقبّل كل الآراء من حوله.

ثقافة وتراث

• ما أهمية أن يكون لدينا أدب للطفل من وحي بيئتنا وثقافتنا العربية وعدم الاكتفاء بالقصص المترجمة المتنشرة في المكتبات العربية؟

- عندما نتحدّث عن كتاب مترجم تلقائيّاً نحدّد هوية الكاتب وبيئته، ولهذا مهمّ جداً أن نحدّد هوية الكاتب العربي في مجال أدب الطفل وتكون له بصمة فعّالة في هذا المجال وإلّا نفقد ثقافتنا وتراثنا ولا يعود أحد يتحدّث عنهما. فمن الضروري أن يكتسب ثقافة وتراث بلده من خلال المربي والكاتب اللذين يرسخان لديه هذه المفاهيم الأساسية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجذوره. كما تفعل الشجرة فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجذورها ولا تتخلّى عنها. فلا نستطيع أن نغذّي عقل الطفل فقط بتراث وثقافة بيئة مختلفة عن بيئته، بل يجب أن يحافظ عليها ويورثها عندما يكبر إلى جيل آخر.

النص والرسومات

• ما أهمية الشكل إلى جانب النصّ؟

- شكل الكتاب مهم كأهمية النص، فكيف نقدّم للطفل كتاباً نصّه متقن وشكل الصور وإخراجه رديء وعلينا أن ننتبه ونركز على أهمية احتواء القصص على شكل جميل ولافت، بحيث يبدع الرسّام في رسوماته فدوره مماثل للكاتب وأيضاً للإخراج دور مهم فالمخرج أيضاً يبدع في التنسيق بين النص والرسومات فكما الكتابة فن أيضاً الإخراج فنّ والرسم فنّ ولا يقتصر الإبداع على الكاتب ومخيّلته والأهمّ من ذلك كلّه التنسيق فإذا كان النصّ غير منسّق مع الرسم والإخراج فكيف للكتاب أن يكون جميلاً ويصبح بمتناول الأطفال. فحين يكون الرسم غير متطابق مع محتوى النصّ والإخراج يفقد عنصر التشويق.

مشاهدة الفيديوهات

• السوشيال ميديا والفيديوهات المتاحة بوفرة على مواقع الإنترنت هل تهدّد بسحب البساط من تحت الكتاب الموجه للطفل؟

- لا ننكر أن التكنولوجيا أثّرت إلى حدّ كبير في أذهان أطفالنا، لكن يعود الدور الأساسي للأهل والمربّين والكتّاب ليعطوا أهمية للكتاب الورقي الذي سيظلّ محافظاً على قيمته رغم كلّ التّحدّيات التي تواكبه، لذا على الأهل أن يوازنوا بين التكنولوجيا والكتاب الورقي، كأن لا يستغني الطفل عن مشاهدة الفيديوهات أو التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أن يكون للكتاب الورقي الحصة الأكبر من الوقت خصوصاً خلال النهار وقبل النوم لنعطي للكتاب حقّه ونميّزه دائماً عن التكنولوجيا التي أصبحت واقعاً لا نستطيع التخلّص منه.

مجال النشر

• ما مشروعك الأدبي الذي تعكفين عليه راهناً؟

- في الواقع أنا لا أتحدّث عن أعمالي المستقبلية في أدب الطفل وأكتفي بعنصر التشويق خصوصاً لما يتعرّض له مجال النشر والكتاب من قرصنة وتزوير.

لا نستطيع أن نغذّي عقل الطفل فقط بتراث وثقافة بيئة مختلفة

يجب أن يكون للكتاب الورقي الحصة الأكبر من وقت الطفل
back to top