على وقع مخاوف من انزلاق الولايات المتحدة إلى الأسوأ، خصوصاً مع الانتشار الكبير للأسلحة وتحول الاحتجاجات العرقية إلى الفوضى، نفى الرئيس ​دونالد ترامب​ دعوته أنصاره إلى «الاصطدام مع ​المحتجين»​ أو طلبه منهم «الدخول معهم في مواجهات»، محذراً من «ثورة يسارية راديكالية» في حال عدم فوزه بولاية جديدة.

وقال ترامب إن أنصاره يرون على شاشة التلفزيون ما يحدث في بورتلاند وكينوشا ولا يصدقون أعينهم، مشيراً إلى أن «الجريمة آخذة في الازدياد في العديد من المدن والولايات، التي تعود ​السلطة​ فيها إلى الديمقراطيين، لكن لا أريد منهم المواجهة، وسأترك الأمر لهيئات إنفاذ القانون».

Ad

وفي ظل انقسام سياسي حاد وأسوأ أزمة صحية منذ تفشي الإنفلونزا الإسبانية في 1918، وأسوأ ركود منذ أزمة 1929، وأسوأ أزمة اجتماعية منذ التحرك للمطالبة بالحقوق المدنية في الستينيات، تعرض جميع الشبكات بشكل متواصل مشاهد الاحتجاجات التاريخية ضد العنصرية وعنف الشرطة ومشاهد الفتى المسلح المناصر لترامب والمتهم بقتل شخصين في ويسكونسن، وصور قافلة من مئات السيارات تقل مؤيديه في مدينة بورتلاند المعقل التقدمي، حيث قُتل أحد أنصاره بالرصاص.

وقبيل رحلته إلى ويسكونسن، وتوجهه تحديداً إلى مدينة كينوشا، التي شهدت إطلاق شرطي أبيض النار على مواطنه الأسود جايكوب بليك 7 مرات، حذّر ترامب من أن الولايات المتحدة ستواجه «ثورة تقوم بها قوى يسارية راديكالية» إذا فاز خصمه الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة في 3 نوفمبر.

وقال، لشبكة «فوكس نيوز» ليل الاثنين- الثلاثاء، إن غريمه «شخص ضعيف طيلة حياته، ويخضع لتلاعب قوى أخرى تتربص في الظل، ولن يتمكن من تهدئة الاضطرابات، وما كان ينبغي له الترشح للرئاسة».

زيارة كينوشا

وفي ظل اشتعال الأوضاع وتقاذفه مع بايدن مسؤولية تأجيج الاضطرابات، توجه ترامب إلى كينوشا، أمس، وكرّم قوات الأمن، مردداً خطابه الأمني المتصلب، في وقت بات شعار «القانون والنظام» يتصدر حملته الانتخابية.

وعشية زيارته، التي حاول حاكم ولاية ويسكونسن الديمقراطي توني إيفرز عبثاً التصدي لها، خوفاً من أن «تؤخر المصالحة» مع السكان الذين لا يزالون «تحت الصدمة»، خفّف ترامب من خطورة تجاوزات الشرطة، وقال خلال مؤتمر صحافي: «علينا أن نعيد الكرامة والاحترام إلى شرطيينا، رغم أن بعضهم يتخذ قرارات سيئة فحسب»، موضحاً أنه لن يلتقي عائلة جايكوب بليك ورفض التعامل مع محاميهم. واكتفى بالتحدث إلى «قسهم الرائع»، الذي نفى والد المصاب وجوده من الأساس.

وهدد بتوسيع إشراك سلطات إنفاذ القانون الاتحادية في بورتلاند، التي تشهد مواجهات بانتظام بين ناشطين من اليسار المتطرف وقوات الأمن منذ أكثر من ثلاثة أشهر واستخدمت فيها الأسلحة بصدامات مع مجموعة من مناصري في اليمين المتطرف، في ظروف لا تزال غامضة.

حملة بايدن

في المقابل، قال بايدن، خلال تجمع في بيتسبورغ بولاية بنسيلفانيا الأساسية في الانتخابات، أمس الأول، إن خصمه «يعتقد أن إطلاق كلمتي قانون ونظام يجعله قوياً، لكن فشله في دعوة أنصاره إلى الكف عن التصرف كميليشيا مسلحة يظهر إلى أي حد هو ضعيف»، مؤكداً أنه «يؤجج النار ويسمم قيم الولايات المتحدة منذ أربعة أعوام، ولا يستطيع وقف العنف والتشجيع على النعرة القومية البيضاء، لأنه تسبب بها طوال 4 أعوام».

وبعد تجميد نشاطاته في مارس بسبب تفشي فيروس كورونا، فعّل بايدن حملته بهذه الرحلة الأولى بالطائرة، مستأنفاً زيارة الولايات الأساسية التي تحسم نتيجة الانتخابات، غير أنه اختار مبارزة ترامب في أبرز عناوين حملته المنادية بـ»القانون والنظام».

وحرص بايدن على التنديد بالصدامات العنيفة على هامش التظاهرات. وقال: «النهب ليس تظاهراً. إضرام النار ليس تظاهراً. لا شيء من كل ذلك له صلة بالتظاهرات. إنها فوضى، نقطة على السطر».

وأكد أن «ترامب لم يتمكن من حماية أميركا، ويحاول أن يخيفها، وكل حملته الانتخابية تختصر بكلمة واحدة: الخوف». وقال: «تعلمون تاريخي وعائلتي. اسألوا أنفسكم إذا: هل يبدو علي أنني اشتراكي راديكالي يؤيد من يمارسون النهب؟ بجدّ؟».

استطلاعان

وعلى وقع اتهامات بايدن، تراجع دعم المؤسسة العسكرية لترامب، مقارنة مع آخر استطلاع للرأي في ديسمبر 2019 عندما كان يحظى بـ42% من التأييد.

ووفق استطلاع أجرته «ميليتاري تايمز» ومعهد جامعة سيراكوزا، قبل المؤتمرين الأخيرين للحزبين الديمقراطي (الازرق) والجمهوري (الأحمر) وشمل 1018 من المحاربين القدامى والأسر العسكرية، فإن نصف الجنود لا يؤيدون ترامب و42% يعارضونه كثيراً، بينما يؤيده 37.4% فقط.

وعكس الاستطلاع آراء الضباط المحترفين أكثر من الجنود الشباب، بحسب «ميليتاري تايمز»، بالتالي هذا لا يعكس كل توجهات الجيش الأميركي، الذي يزعم ترامب دائماً أنه يحظى بدعم قوي داخل «البنتاغون» ويتباهى بزيادة الأموال المخصصة لها.

وفي مفاجأة غير متوقعة، أظهر استطلاع أجرته كلية «إيمرسون» أن ترامب تلقى زيادة في التأييد بعد المؤتمر الجمهوري بين الناخبين من أصول إفريقية، ليصبح على مسافة نقطتين مئويتين فقط من بايدن.

وتشير نتائج الاستطلاع، الذي شمل 1576 ناخباً بين 30 و31 أغسطس للتأكد من تأثير المؤتمرين الوطنيين الجمهوري والديموقراطي على الرأي العام، إلى أن ترامب قلص الفارق مع بايدن من نسبة 50 - 46% في شهر يوليو، إلى 49 - 47% في أغسطس الماضي.