رسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خريطة الطريق السياسية للبنان، مانحاً الأطراف كافة مهلة 3 أشهر، تتصادف مع انتهاء استحقاقات دولية في مقدمتها الانتخابات الرئاسية الأميركية.وبدا أن الرئيس الفرنسي وضع ثقله السياسي كله بتنفيذ هذه الخطة، إذ أعلن أنه سيزور لبنان للمرة الثالثة في أول ديسمبر المقبل، إذ سيراقب عن كثب كيفية عمل الدولة ومقاربتها للملفات الساخنة والدسمة الكثيرة التي عليها متابعتها.
وقال إن "الأسابيع الستة المقبلة حاسمة لمستقبل لبنان"، معلناً استعداده "استضافة مؤتمر دولي في منتصف أكتوبر بشأن كيفية مساعدة بيروت"، في وقت حذر من "اتخاذ إجراءات عقابية تتراوح بين حجب خطة إنقاذ مالية دولية حيوية (سيدر) وفرض عقوبات على الطبقة الحاكمة في حال التخاذل". وكرر ماكرون موقفه السابق تجاه "حزب الله"، مشيراً إلى أنه "يمثّل جزءاً من الشعب اللبناني ومُنتخَب، وهناك شراكة اليوم بينه وبين أحزاب عدّة أُخرى". وفيما بدا أنه رسالة بضرورة احترام المسار الدستوري موجهة إلى المحتجين الذين التقى ممثلين عنهم أمس، قال الرئيس الفرنسي إن "البرلمان تم انتخابه من الشعب ولا يمكنني القول إنه يجب تغيير الطبقة السياسية بأسرها. فهناك انتخابات وعلى الشعب أن يقرر ويفرز واقعاً سياسياً جديداً إذا أراد ذلك". وبعد لقائه المؤثر بالسيدة فيروز، غرس ماكرون أرزة في محمية جاج بقضاء جبيل محتفلاً بمئوية إنشاء دولة لبنان الكبير على عهد الانتداب الفرنسي.وبعد الظهر خصص ماكرون اليوم للسياسين مستهلاً لقاءاته في القصر الجمهوري بنظيره ميشال عون الذي قال في غداء أقيم على شرف الضيف الفرنسي إن "الأمل يرتكز اليوم على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على إطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية"، ملتزماً "الدعوة إلى حوار وطني نصل من خلاله إلى صيغة تكون مقبولة من الجميع".وكشفت مصادر سياسية متابعة، أمس، أن باريس حددت أجندة عمل "حكومة المهمة" برئاسة مصطفى أديب، ورسمت لها الخطوط العريضة التي يجب أن تركّز عليها، من إعادة الإعمار إلى الإصلاحات في الطاقة والكهرباء إلى التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وصولاً إلى الانخراط جدياً في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وقالت المصادر إن "سرعة تأليف الحكومة وكيفية مقاربة الأحزاب لحقائبها ومدى تمسكها بهذه الوزارة أو تلك ستشكل العنوان الذي يساعد في قراءة مكتوب الحكومة العتيدة باعتبارها الاستحقاق الأول بعد مغادرة ماكرون". ودعت إلى "رصد عودة الوسيط الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت الأربعاء ومفاعيلها والاتجاهات التي ستصب فيها خصوصاً أن حراكه في بيروت لم يعد مقتصراً على خط التواصل في ملف ترسيم الحدود بل توسع إلى قضايا داخلية أخرى". وتساءلت: "هل سيكون متكاملاً أم متعارضاً مع المبادرة الفرنسية لا سيما أن ثمة أكثر من قول بأن الإدارة الأميركية قد تقبل تخفيف ضغوطها على لبنان ومنح الرئيس ماكرون فرصة أشهر قليلة لترتيب الأوضاع اللبنانية قبل العودة إلى ممارسة السياسة المتشددة التي كانت تعتمدها قبل الرابع من أغسطس الماضي". وبينما وجّه ماكرون رسائل شديدة اللهجة إلى الطبقة السياسية في لبنان، أكد أنه لن يتساهل معهم "ويريد معرفة الأرقام الحقيقية بشأن النظام المصرفي اللبناني"، داعياً إلى "تدقيق في الحسابات". لكن فيما بدا أنه رفض للمبادرة الفرنسية شهد وسط بيروت وقبالة قصر الصنوبر، مقر إقامة السفير الفرنسي الذي يستضيف ماكرون، تظاهرات عنيفة تخللتها مواجهات مع قوات الأمن، وأُحرقت آلية للدرك في وقت اشتعل مدخل صحيفة النهار خلال المواجهات.
أخبار الأولى
ماكرون يقود محاولة لإنقاذ لبنان في 3 أشهر
02-09-2020