أقامت رابطة الأدباء الكويتيين، عبر صفحتها على "إنستغرام"، محاضرة أونلاين بعنوان "خواطر حول السرد"، قدّمها الأديب والكاتب بسام المسلم، وحاوره رئيس المركز الإعلامي سيد هاشم الموسوي.

في مستهل حديثه زفّ المسلم خبرا لمتابعيه بأن روايته "وادي الشمس" ستترجمها إلى اللغة الصينية دار نشر صينية تواصلت معه، ثم تناول المسلم نقلته الأدبية قائلا: "أعتقد أن الكاتب دائما متأثر بالظروف المحيطة فيه، ويكون نتائجه الأدبي متأثرا بوقته وعصره وقضاياه"، مشيرا إلى أنه كان لديه في البداية ارتباط بالجانب المحلي، وأنه تأثّر بأدب الأديبة ليلى العثمان، واصفا أدب العثمان بأنه متداخل بشكل كبير في القضايا والبيئة المحلية، والكويت القديمة، لذلك كانت المجموعتان القصصيتان فيهما نوع من المحلية، وبعد ذلك فترة ما بين 2012 و2013 كان الوضع السياسي الكويتي، وأيضا وضع المنطقة بشكل عام، يشوبه نوع من الاضطراب والالتهاب وبداية الربيع العربي الذي اجتاح الدول العربية، مضيفا أننا نحن في الخليج كان لدينا تأثّر بهذا الحراك، وأنه كان متابعا لذلك الحراك، ورأى أنه في هذه الفترة كان لديه نوع من الهواجس في التعبير عنها، ليطلق نتيجة لذلك روايته "وادي الشمس".

Ad

القصة القصيرة

وعند سؤال الموسوي له: هل القصة القصيرة عتبة أولى لكتابة الرواية؟ أجاب المسلم: "إن عنوان الأمسية خواطر حول السرد، ونحن نقول خواطر، إذن هي أفكار شخصية لديّ قابلة للنقاش، فأنا لا أصدر أحكاما قاطعة فيها، والسرد كلغة فيه أكثر من تعريف، ولكن عند قولنا السرد هنا نقصد فيه القص المتخيل، ووفق هذا التعريف إذن فإن القصة القصيرة والرواية كلتيهما من القص المتخيّل، لذا ينطبق عليهما السرد".

تحديات وآفاق

ورجع المسلم إلى ورقة أعدها في مهرجان القرين الماضي بعنوان "تحديات وآفاق القصة القصيرة في الكويت"، مؤكدا أنه مع الأسف لم يحالفه الحظ في تقديمها بسبب تغيير الموعد، وطرح تساؤلا في هذه الورقة مفاده "هل قصة القصيرة في خطر؟"، وسبب هذا التساؤل أنّ القصة القصيرة في تراجع ملحوظ، سواء من خلال إصدارات دور النشر، وهي في تراجع، ومن خلال القراءة، فالقراء باتوا عازفين عن قراءة القصة القصيرة، بل حتى الصحف أخيرا عندما تواصل مع صحف عربية ومحلية من أجل نشر قصة قصيرة كانت إجابتهم بتوقّفهم عن نشر القصة القصيرة.

تمرين جيّد

وتابع المسلم حديثه أن القصة القصيرة هي فن حديث، والمسرح، والرواية والشعر، كلّها سبقت القصة القصيرة، لافتا إلى أنه بمفهومها المتطور أحدث فنون السرديات والأدبية، ولكن المفارقة لدينا نحن في الكويت بأن القصة القصيرة ظهرت قبل الرواية، وفي تجربته كتب القصة القصيرة قبل أن يكتب الرواية، مشيرا إلى أن هنالك أسبابا لذلك الموضوع، لأنّ القصة هي بطبيعة الحال أقصر من الرواية، والممارسة فيها تكون أسرع، والإعداد لها يكون في فترة زمنية أقصر، ولكن في كتّاب يكتبون الرواية، ولم يجرّبوا كتابة القصة، والأمر يختلف فهو نسبي، ولكن قال المسلم إن الأمر مرتبط بقصر القصة القصيرة وقال: "عندما تكون كاتبا مبتدئا، وتريد أن تكتب رواية، فهي تحتاج إلى استثمار زمني، وبحثي، وتقمّص بالشخصيات قد يأخذ فترة طويلة، ويمكن أن يكون الكاتب بعد هذا الاستثمار، وقد يأخذ شوطا طويلا في كتابة الرواية قد تصل إلى طريق مسدود، خصوصا عندما تكون كاتبا مبتدئا، أما في كتابة القصة القصيرة فالموضوع سهل، وبالنسبة لي، أنا أعيد هيكلة القصة القصيرة بشكل جذري سهل، أما عندما تكون رواية وأصل إلى نصف الطريق مستثمرا وقتا كبيرا فيها، وأصل إلى طريق مسدود فهذا صعب، لذلك أنا أرى أن الكاتب المبتدئ يجرّب، ويبدأ في القصة القصيرة، وسوف تكون تمرينا جيدا لكتابة الرواية".

طول النص

ويرى المسلم أنه من الصعب تحديد العوامل المشتركة بين القصة القصيرة والرواية، ومن ثمّ أعطى المسلم بعض التعريفات للقصة القصيرة من قبل الأدباء المشاهير، ليقول إن إدغار آلان بو في وصفه للقصة القصيرة يقول إنها قطعة من السرد الثري تستغرق قراءتها ساعة أو ساعتين على أكثر تقدير، وتسعى في مجمل تفاصيلها وعناصرها إلى إحداث أثر موحّد في نفس القارئ، وذلك عن طريق الاقتصاد في انتقاء المادة والأحداث وانتظامها في تشكيل فنّي دقيق، مشيرا إلى أن هذا التعريف يحدد موضوع القصة القصيرة بأنها تقرأ في ساعة أو ساعتين، ولافتا إلى أن هذا يضعنا أمام سؤال آخر هو: ما هو طول النص الذي يخرجه من قصة قصيرة إلى رواية؟ مبينا أننا هنا أمام موضوع جدلي جدا، ومضيفا: "من وجهة نظري مستحيل أن تضع رقما يخرج نصا تحدد فيه جنس النص من جنس إلى آخر، لذلك يقول عبدالكريم المقداد، لا تزال القصة القصيرة تفتقد ضوابط محددة تعطيها تعريفا نهائيا مكتملا، لكونها منفتحة على مختلف الفنون كسينما والمسرح والفن التشكيلي والشعر".

وأضاف المسلم أن الموضوع ليس طول النص، لأنّ الرواية في النهاية هي قصة طويلة، وتبقى الإشكالية ما هو الطول الذي يُخرجه من الرواية إلى الفن القصصي، فالموضوع فن، وصعب تحديده برقم معيّن.