وهيبة سَقاي: أسكبُ كتاباتي في قالب المشاعر الإنسانية

«الترجمة متعة لكن التأليف إبداع أصلي يتجلى فيه الجمال»

نشر في 04-09-2020
آخر تحديث 04-09-2020 | 00:02
رغم دراستها لعلم الأحياء الدقيقة، حلّقت ابنة مدينة قسنطينة الجزائرية وهيبة سَقاي في فضاء الأدب، واستطاعت أن تنسج من وحي المشاعر الإنسانية قصصاً بديعة في مجموعتيها «حلم حياتي» و«دموع أغرقت البحر».
وفي حوار مع «الجريدة»، قالت سقّاي إن الحب مادة ثرية تجيد المرأة الكتابة فيها إلى حد الإبداع والتميز، لافتة إلى أن الكتابة حياة موازية تتجلى فيها شخصية الكاتب وهويته... وفيما يلي نص الحوار:
• يتنوع إبداعكِ بين القصة والكتابة للمسرح والطفل، على أي أساس تحددين القالب الأدبي الذي تسكبين فيه نصكِ؟

- نصوصي الأدبية وجّل كتاباتي بصفة عامة، لطالما سكبتها ولا أزال، في قالب المشاعر الإنسانية، والعاطفة الجياشة، والرومانسية الحالمة، والأحاسيس الصادقة النابعة من واقع معيش، لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله وأشيّد لأغلب قصصي صرحاً من الحوادث والمصادفات التّي أتعرّض لها شخصياً في حياتي اليومية، فيسعفني الوحي والإلهام في غضون دقيقة، وأخلق جوّ القصّة أو المسرحية التّي أريد وضعها، بشخصياتها وبكّل تفاصيلها.

• رغم دراستكِ العلمية في كلية العلوم البيولوچية، وتخصصكِ في علم الأحياء الدقيقة، اتجهت إلى عالم الكتابة... ما السبب؟

- بالفعل، رغم دراستي العلمية البيولوجية، اتجّهت إلى عالم الكتابة، الذّي استهواني منذ أن كنت طالبة في المرحلة الإعدادية وكنت أجد لذّة ومتعة في نقل أحاسيسي ومشاعري، ليس لكلام أو بكاء أو قهقهات فحسب، كما يفعل الكثيرون، بل لكلمات أضعها على كرّاسةٍ بقلم رصاص، أضيف إليها ما أشاء أو أنقِص، بممحاة كانت لا تفارقني أبداً. وفي أغلب الأوقات، أنفرد بنفسي في غرفتي عند الغروب أو ليلاً، وأحاول أن أتذكر ما أختلج في أعماقي من مشاعر نحو أغرب أناس صادفتهم في حياتي، ثّم أتخيّل ما يحدث عندما تتلاطم تصرّفاتهم، بوجهات نظرهم المختلفة المتعدّدة. وهكذا أخلق الشخصيات، وأخلق الموضوع.

إثراء خيالي

• يؤثر مكان نشأة الكاتب في إبداعه، فهل تأثرتِ بمدينة الجسور المعلقة «قسنطينة»؟

- لم يكن لمكان نشأتي أي أثر في إبداعي الأدبي فمطالعاتي الكثيرة، ومشاهداتي للأعمال السينمائية المتميزة، هي التّي لعبت دوراً في إنماء موهبتي الكتابية، وإثراء خيالي الإبداعي.

المجهود الذهني

• تمارسين الترجمة الأدبية أيضاً بالفرنسية والإنكليزية... أيهما أكثر متعة لكِ الإبداع أم إعادة الإبداع عبر الترجمة؟

- لا أنكر أنّ إعادة رسم خطوط الإبداع عن طريق ترجمة العمل الأدبي، له متعة وإحساس بالنشوة، لا يمكن وصفهما، لكن يظّل التأليف أو الإبداع «الأصلي» إن صح التعبير، هو تجلّي الجمال بحّد ذاته، وهو المتعة التي لا تضاهيها أخرى، والتّي يتوق لنيلها كّلُ أديبٍ، ويرنو لها بكّل ما أوتي من أدوات إبداعية فهنا التفرّد لا غير، بوضع الفكرة، وبذل المجهود الذهني المتميز من أجل إخراج العمل الأدبي، في أبهى حلّة، ووضع الخطوط الأولى له، من حبكة وعقدة وعنصر تشويق وخلافه كمن يستغني عن شراء الجاهز من الثياب، ويفصل لباساً على مقاييسه هو، باختيار «الموديل» المناسب، ونوعية القماش الذّي يروق له.

حياة المرأة

• مجموعتكِ القصصية الأولى «حلم حياتي» هل تنهل من سيرتكِ الذاتية أم تُوغِل في حياة المرأة عموماً؟

- المجموعة بقصصها العشر توغل في حياة المرأة عموماً وهناك خيط رفيع متين في آن واحد، يربط القصص ببعضها هو الحّب بأشكاله المختلفة، وألوانه المتباينة وقصص رسمتُ من خلالها لوحات مختلفة، والتقطتُ من أجل ذلك نماذج عديدة، جميعها صورٌ حيّة نابضة، نابعة من المجتمع.

• الحب هو الموضوع الرئيس لقصص مجموعتكِ «دموع أغرقت البحر»، هل الحب مادة ثرية تجيد استخدامها المرأة المبدعة؟

- بحكم تكوينها الأنثوي المتميز برقّة المشاعر، وجيشان العاطفة، ورهافة الحّس، فالحب مادّة ثرية دسمة، تجيد المرأة الكتابة فيها لحد الإبداع والتميّز، لكن هذا لا ينفي أبداً، أنّ المرأة استطاعت التعبير أيضاً عن ذاتها وتعدت ذلك إلى التعبير عن قضايا الأوطان والأمم، في الشعر والسرد، ولم تكتفِ بالكتابة عن الحّب فقط.

الكتابة حياة موازية تتجلى فيها شخصية الكاتب وهويته، بالتالي المرأة تبدع بذاتها ولغتها كامرأة، كما تتصرف في الحياة كامرأة، لها خصوصيتها في نمط التفكير والسلوك والمشاعر وهي أكثر إخلاصاً في التطّرق إلى التفاصيل، والعلاقات الدقيقة بين الأشياء، والمشاعر المرتبطة بالحياة ومكوناتها.

فكرة القصّة

• «في حضرة توت عنخ آمون» إحدى قصص المجموعة، هل كانت نتاج زيارة لمصر؟

- هذه القصّة كانت نتاج زيارتي الأولى لأرض الكنانة عام 2017. تلك الزيارة التّي كلّلت بنشر أوّل عمل أدبي لي، ولكن هناك عنصراً ثانياً دفعني إلى كتابتها، هو حلم اليقظة، إذ لدى زيارتي للمتحف المصري، استوقفتني تماثيل بديعة لملك مصر الفرعوني «توت عنخ آمون»، وأنا أتأملها، جاءتني فكرة القصّة على شكل ومضات، حوّلتها بعد ذلك إلى نصٍ سردي على الورق، وأنا في غرفتي في الفندق، واحتفظتُ بالمسوّدة، لحين سكبها في قالب قصّصي ممتع، ثّم ضممت النّص فيما بعد لمجموعة قصصي الثانية.

خشبة المسرح

• هل تكفي الكتابة للمسرح، بغض النظر عن تحويل العمل من دفتي الكتاب إلى عرض حي؟

- يعد المسرح واحداً من أهم وأقدم الفنون التي عرفها الإنسان، فهو فنٌ مركب يتكوَّن من عناصر عِدة لا بد من تضافرها للحصول على عملٍ مسرحي جيد، يجذب المتفرجين ويؤثر فيهم كليّاً والعمل الجيّد سيجد الأسباب المواتية، التّي ستدفعه دفعاً، كي يُجسّد على خشبة المسرح فالمهّم إذن هو الالتفات لتكثيف الجهود الكتابية الإبداعية، وعدم المبالغة في التفكير، في إمكانية تحويل العمل لعرض حي، من عدمه.

• ما الذي تعكفين على كتابته حالياً وقد يرى النور قريباً؟

- أنا عاكفة على وضع اللمسات الأخيرة لأوّل رواية لي، ذات الطابع الاجتماعي بامتياز كما أكتب نصّاً درامياً يتطّرق لجائحة كورونا وتداعياتها السلبية على العالم، وعندي أيضاً مشروعات إبداعية أخرى، سطّرت خطوطها العريضة على الورق، سأخوض فيها قريباً، حينما أنتهي من كتابة عملي الروائي.

«حلم حياتي» 10 قصص توغل في حياة المرأة

تأثرت بمطالعتي ومشاهدتي لا بمكان نشأتي
back to top