لا يختلف اثنان على أن المجلس الحالي من المجالس التي لم يظهر لها معالم رقابية أو تشريعية طوال السنوات الأربع الماضية بالشكل المطلوب، ولذا فإن معظم المهتمين بالشأن العام من خارج المجلس صاروا معارضين ومنتقدين له، وهو أمر طبيعي ومستحق برأيي، فعادة ما تواجه المعارضة في أي دولة صعوبة في انتقاد نظام حكومي أو برلماني يعمل بشكل جيد، لأن النقد يقصد به أساساً سحب الغطاء الشعبي من الجهة التي يتم توجيه الانتقاد لها، ولن يحدث ذلك إلا حين يكون النقد مسبباً ومبرراً، ولأن الأداء الحكومي الحالي (على قد الحال) ومجلس الأمة الحالي (يساعد على نفسه) فإن من الطبيعي أن يصبح الغالبية معارضون للحكومة وللمجلس وإن كانوا لم ينتخبوا الحكومة وإنما انتخبوا المجلس فقط، ففي كل البرلمانات الناجحة حول العالم تخضع التوجهات لمعايير وحسابات خاضعة لاستبيانات وقنوات تواصل قادرة على تحسس حاجات المجتمع وتوجهات الجماهير، وما يخرج عن ذلك فإنه عيب في الأداء البرلماني الذي إذا لم يتداركه النواب فإن التغيير يصبح مستحقاً وواجباً، وقد اتسم الأداء البرلماني الكويتي (حسب رأيي) بالعيوب العديدة التي انتهى وقت تداركها، ولذا فإن التغيير أصبح مستحقاً وواجباً في الانتخابات التي اقترب أجلها.وأذكر أني كنت في أحد دواوين الإخوة البدون قبل أزمة كورونا، فسألني أحد الموجودين عن المعيار الذي يمكن من خلاله تحديد جودة الأداء البرلماني بشكل علمي ودقيق، فقلت له "اختر قضية واقرأها بصورة توظيفية صحيحة ثم أسقطها على واقع العمل البرلماني، وكمثال: انظر الى مسار قضية البدون، فإن رأيتها تسير نحو إنصافهم ولو جزئياً فاعلم أن الأداء البرلماني جيد، وأن رأيت أن القضية تسير الى درك سحيق كما هي اليوم فاعلم أن الأداء سيئ، لأن المجلس القوي يفرض على الحكومة الإنصاف، والمجلس الضعيف يجعل بعض الأصوات من خارج المجلس هي الأقوى وهي التي تفرض على الحكومة نوع الحلول المتخذة في كل القضايا التي تنشط بها وأولها قضية البدون".
ولعل أهمية الأصوات الشعبية المعارضة التي تتسم بالوعي الشديد أمثال العم أحمد السعدون والدكاترة حسن جوهر وعبيد الوسمي وصالح الملا وغيرهم، أصبح يفرض عليهم التخلص من عقدة التردد التي طال أمدها بلا داع، ودخول المعترك الانتخابي لتغيير المعادلة من الداخل وإخراج البلد من المأزق الحالي بدلاً من النقد المنزلي الذي لا يخدم العملية السياسية بالشكل المطلوب، فأياً كانت أسباب مقاطعة الانتخابات تبقى هذه الأسباب شكلية بعيدة عن منظومة المبادئ، وبالتالي فإن الاستمرار باعتزال الانتخابات والمشاركة المستمرة بالندوات واللقاءات السياسية يضر ولا ينفع، فدفع الناخبين الى رفض الوضع الحالي والسعي الى التغيير ثم اكتشافهم غياب المرشحين الثقات الذين يحدث التغيير من خلالهم هو أشبه بنشر اليأس الذي يجعل الناس تحجم عن المشاركة لأن أخذ موقف سلبي من المجلس الحالي مع عدم توافر مرشحين مختلفين لا يترك خياراً للناخب إلا الجلوس بالمنزل.أنتم الأقدر على إعادة الأمور إلى نصابها، وأنتم القادرون على الدفع بالمشاركة الشعبية إلى اتجاه جديد إذا ما دخلتم المعترك الانتخابي بتنسيق مشترك وإن بالحد الأدنى منه، فأنتم وأمثالكم قادرون على إعادة الجماهير اليائسة والمعتزلة للمشاركة وتغيير الواقع بالشكل الذي يخدم الوطن والمواطن.
مقالات - اضافات
وجهة نظر: المعارض المتفرج والتغيير المستحق
04-09-2020