اختتم السيناريست السوري د. ممدوح حمادة ورشة كتابة النص الدرامي ضمن برنامج «الملاذ المسرحي 2» الذي تقيمه أكاديمية الفنون الأدائية (لابا)، وعلى هامش الورشة قال حمادة: عندما دعيت لتقديم هذه الورشة فكرت كثيرا قبل أن أُقدم على المخاطرة. فما مدى النجاح الذي يمكن أن نصيبه ضمن الظروف التي فرضتها جائحة كورونا التي جعلتنا نغلق علينا الأبواب، وجعلت شاشة الكمبيوتر نافذتنا الوحيدة على العالم؟

ما إمكانية التفاعل مع المشاركين ضمن هذه الورشة؟ ومن أجل الإجابة عن هذه الأسئلة، كان لا بدّ من المغامرة، وهكذا كان، وكانت الساعة الأولى بمنزلة جس النبض، ثم تتالت الساعات ليبلغ التفاعل ذروته في اليوم الثاني، حيث اتفقنا على كتابة نص درامي عن طريق العصف الذهني، وقدّم الجميع نصوصهم، وتمكّنا من إصابة الهدف بنسبة مئة في المئة، منهم ما يقارب النصف، وقارب النصف اللآخر الهدف بنسبة كبيرة، وكان حديثنا وقتها عن كيفية العثور على الفكرة التي حددنا فيها ثلاثة طرق، هي الاقتباس والتأليف أو الابتكار والعصف الذهني، ثم تحدثنا عن الشخصية الدرامية ومكوناتها ومواصفاتها، وقام الجميع بصناعة شخصيات تم وضعها في موقف درامي بسيط بما يتناسب مع الوقت المتاح لنا، بعد ذلك تحدثنا عن البناء الدرامي وعناصره، وتكفلنا بكتابة نص مبني على فكرة قصة الحرباء للكاتب الروسي تشيخوف، وقد أنجز المهمة عدد من الدارسين ولم يوفق في فك رموزها البعض.

Ad

دهاليز النظرية

وتابع حمادة: مرت الساعات العشر بإيقاع مرتفع ومزاج عال، وقدّمنا خلال الفترة المتاحة أكبر قدر من المعلومات، مع الحرص على أن تكون سهلة الحفظ، وعلى درجة من الوضوح حتى لا يشعر الدارس بالضياع في دهاليز النظرية، وطرحنا الكثير من الأمثلة على كل تفصيل تحدّثنا عنه، وكان التفاعل ممتازًا لدرجة أن الكثيرين كانوا يتساءلون عن موعد الجلسة التالية يوم غد.

موهبة ومعرفة

وأشار إلى أن معظم النصوص التي قدّمها الدارسون كانت على درجة عالية من الموهبة، وقد تميز الكثيرون منهم بالأسلوب الأدبي الجميل والمتناسق والرشيق، حيث تشعر أنك تتعامل مع محترفين، وتميّز البعض بالحبكات التي تشير إلى اجتهاد ومعرفة الدارس.

حول تقييمه للمشتركين قال حمادة: في ختام الورشة تكون لديّ انطباع أو لنقل قناعة بأن هؤلاء الدارسين سنصادف أسماءهم في القريب العاجل على «بروشورات» المسرح أو الأفلام بصفتهم مؤلفين لهذه الأعمال، ويمكنني أن أجزم بأنها كانت تجربة مفيدة وممتعة، وتمنيت لو أنها امتدت عدة أيام أخرى، وأخيرا أستغل الفرصة لتوجيه التحية الى أسرة الملاذ المسرحي، ممثلة بالأستاذة فارعة السقاف وإلى المشتركين جميعا وإلى الناقدة ليلى أحمد التي شرّفتنا بحضورها آخر يومين.

آراء

وعقب ختام الورشة التقينا عددا من المشتركين، وكان في مقدّمتهم الفنان عصام الكاظمي الذي قال: تشرفت بالمشاركة في ورشة الكتابة الدرامية، وتميز المحاضر د. ممدوح حمادة بامتلاكه خبرة كبيرة في مجال الكتابة الدرامية، وزودنا بمجموعة عديدة من أعماله المعروفة مثل «بقعة ضوء» للاطلاع عليها والتعلم منها، وتميّزت الورشة بعدة تمارين، مثل تمرين استخدام ثلاثة عناصر مختلفة لكتابة مشهد، حيث تكون هذه العناصر فعّالة دراميا في المشهد، ثم تمرين كتابة حوار بين شخصيتين بينهما فروقات متباينة، إضافة إلى تمرين أنواع الصراعات الداخلية والخارجية، وأخيرا تمرين تحويل قصة «الحرباء» لأنطون تشيخوف بعد معالجتها وإعدادها بشكل مغاير عن عناصر القصة الأساسية، بشكل يتناسب مع مجتمعنا وزمننا الحالي. كما ساهمت الكاتبة والناقدة ليلى أحمد بإثراء الورشة بشكل كبير من خلال عدة مداخلات ونقاشات، فكل الشكر لها وللدكتور ممدوح حمادة على وقته ومعلوماته.

ورش أكاديمية

أما حميد البلوشي فقال: استفدنا من الورشة استفادة رائعة في كيفية كتابة النص، خاصة أن د. ممدوح حمادة أبدع بشرحه تفصيلا وإجمالا بفنون التأليف وكتابة النصوص. وأحث الشباب على الاستفادة من مثل هذه الورش الأكاديمية التي تقيمها «لابا»، خاصة في ظل الفراغ الذي يعيشه العالم أثناء جائحة كورونا.

فارق كبير

من جانبها، قالت ريم مرزوق: تشرفت بحضور ورشتين مختلفتين ضمن «الملاذ المسرحي» ورشة المسرح الوثائقي مع المبدعة سحر عساف تلك الورشة الفائقة القيمة والحداثة بالنسبة لي. وكذلك ورشة الكتابة مع د. ممدوح حمادة، أحد أعمدة الإبداع في سورية الحبيبة. ما يميّز الورشة استاذها الذي يتصف بتواضع كبير وسلاسة بالطرح والشرح. ورغم أنني أكتب في مجال المسرح منذ أكثر من 15 عامًا، فإنني استمتعت جدا بنوعية المعلومات المطروحة ودمج النظري بالعملي، وحرص د. ممدوح على أن يقوم كل طالب بتطبيق ما تم شرحه نظريا، مما زاد من جمال الورشة وفائدتها. كذلك كان جميع الزملاء شاركوا في تنفيذ المهام التي كان يطلبها منا، وبذلك كنا نتبادل خبراتنا ومعلوماتنا التي اكتسبناها، مما أضاف للورشة فائدة كبيرة، لأن هذا التكنيك جعل كل طالب يعرض أفكاره التي تعلمها، ويضيف إليها معلومة أخرى من زملائه. وكلّي امتنان وشكر للقائمين على ورش «الملاذ المسرحي» الفريدة والمفيدة التي ستصنع فارقا كبيرا في مجالات الإبداع المسرحي.