الانتخابات القادمة لمجلس الأمة
بعد نحو شهرين أو أكثر ستُجرى انتخابات لمجلس أمة كويتي جديد لأربع سنوات قادمة، كما تنص المادة (83 )، من الدستور الكويتي: "مدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة» مع مراعاة المادة 107 «والأعضاء الذين تنتهي مدة عضويتهم يجوز إعادة انتخابهم، ولا يجوز مد الفصل التشريعي إلا لضرورة في حالة الحرب ويكون هذا المد بقانون". وتجري الانتخابات هذه السنة في ظروف مختلفة كليا عن المرات السابقة نظراً لانتشار وباء "كوفيد-19" الذي حد من التجمعات وعقد الندوات وغيرها، وهي من الأساسيات في الترشح وإبراز كل مرشح لما يريد أن يقوله للناخبين وجها لوجه. صحيح أن هناك وسائل التواصل الاجتماعي التي تقوم ببعض الأمور ومنها الدعاية الانتخابية، إلا أن ذلك لا يكفي خصوصا للوجوة الجديدة التي ترغب في الترشح لمجلس الأمة، بعض المطلعين على شؤون لانتخابات يَرَوْن أن نسبة المشاركة ستكون أقل من 50 في المئة لأن عدداً من كبار السن لن يشاركوا لأسباب صحية إذا استمرت جائحة كورونا، يضاف إلى ذلك المقاطعون للانتخابات بسبب الصوت الواحد، وكذلك بسبب الأداء المتواضع لهذا المجلس.
للأسف الشديد لا توجد مراكز رصد اتجاهات الرأي العام في الكويت، باستثناء بعض المراقبين لشؤون مجلس الأمة، وعموما في الكويت يتحرج بعض الناخبين من قول الحقيقة عن المرشح لاعتبارات قد تكون اجتماعية أو مراعاة لبعض المرشحين أو لأسباب أخرى، وبذلك يكون الناخب مشوشا في معرفة المرشح الجيد خصوصا لأولئك الذين لا ينتمون إلى تجمع سياسي معين أو كتلة قبلية أو عائلية، فيعتمد ذلك على ما يقوله الناس حول هذا المرشح أو ذاك، وفي مجتمع مثل المجتمع الكويتي الذي يغلب عليه طابع المجاملة قد تكون لأسباب سياسية أو دينية أو اجتماعية أو غيرها. لا يعرف المرشح اتجاهات الناخبين التي تتأثر بهذا الكلام أو تلك الإشاعة، وتأتي قضية أخرى وهي متفشية منذ عدة سنوات، وهي ظاهرة شراء الأصوات ونقل الأصوات من دائرة لأخرى، بالإضافة إلى الانتخابات الفرعية ودخول عنصر المال لشراء الذمم، وهي إحدى الوسائل التي يستخدمها عديمو الضمير والوطنية للفوز بأي ثمن في عضوية مجلس الأمة. يلاحظ أيضا أن هناك فئات لا تشارك في الانتخابات، وهم الذين يعارضون انتخاب الصوت الواحد، وهؤلاء يشكلون نسبة من الناخبين، أيضا فئة أخرى وهي مهمة في الانتخابات، أولئك الأشخاص غير الراضين عن أداء المجلس الحالي الذي يصفونه بقلة الإنجاز، إلى جانب ظاهرة المشاحنات والمعارك اللفظية التي حدثت بين بعض الأعضاء، إلى جانب ما واجهه بعض الأعضاء من تهم التكسب غير المشروع، وبلاشك فإن هذه السلبيات السابق ذكرها تشوه سمعة الديمقراطية الكويتية التي كانت مضرب الأمثال والفخر والاعتزاز أمام العالم. السؤال المهم هو: هل يستطيع الناخب الكويتي رجلاً كان أو امرأة، كبيراً في السن أو شاباً، أن يقلب هذه المعادلات والأفعال التي أساءت إلى المسيرة الديمقراطية في الكويت؟ وهل يكون تجديد الدماء بدخول وجوه جديدة تحسن صورة الديمقراطية التي شوهت ببعض الممارسات الخاطئة، وأن تكون هذه الدماء الجديدة أداة عمل قائمة على احترام الدستور والقوانين، والدفاع عن مصالح الشعب وأمواله، وفرض تطبيق القانون على الجميع بدون تفرقة، خصوصا بما تشهده الكويت من ازدياد الفضائح المالية التي تبرز بين الحين والآخر والتي تسيء إلى المجتمع الكويتي الذي عرف عنه الأمانة والإخلاص لهذه الأرض الطيبة التي بناها الأجداد والآباء من رجال ونساء، هذه الأرض التي أعطتنا الكثير ويجب علينا رد الجميل لها بالحفاظ عليها والدفاع عنها وعن المكتسبات التي تحققت عبر السنين؟ آمل ذلك. أسأل العلي القدير أن يحفظ هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء، وأن يحفظ شعبه الطيب، وأن يبعد عنه الأخطار والمشاكل والمحن والأوبئة والأمراض، وأن يمنّ الله على صاحب السمو الأمير بالصحة والعافية، ويرجعه سالما لأرض الوطن، وأن يعين سمو نائب الأمير وولي العهد على حمل الأمانة ويمتعه بالصحة والعافية، آمين يا رب العالمين.