حمد أحمد المير شارك في بناء السور الثالث ويجيد «الهندية» و«الإنكليزية»
ينتابني دائماً شعور ممتع عندما أكتب عن رجالات الكويت بالماضي، وخاصة أولئك الذين لا يظهرون على الأضواء، وأشعر أن لهم دوراً في خدمة المجتمع، وأدرك عن يقين ثابت طيب معدنهم وحبهم وإخلاصهم للعمل وثقة الآخرين في التعامل معهم، وكذلك بطريقة كفاحهم وتغربهم عن الأوطان من أجل لقمة العيش الشريف، والأهم ما تركوا خلفهم من السمعة الطيبة. لا أطيل فضيف حلقة اليوم هو المرحوم حمد أحمد محمد المير، من مواليد مدينة الكويت القديمة (فريج الثنيان) بالحي القبلي عام 1٨٨٤، وفي طفولته المبكرة تعلم ودرس وحفظ القرآن الكريم واللغة العربية والحساب على يد والدته (المطوعة) نورة بنت موسى السيف؛ ودرسته وعلمته جيداً كونه معها بالبيت، وعندما أصبح شاباً امتاز بجمال خطه في الكتابة، وكذلك إجادته للعمليات الحسابية، فكان يساعد والده في أعماله التجارية، بمسك الدفاتر والحسابات وأصبح لديه نبوغ في هذا المجال، وسيأتي تبيان ذلك فيما بعد.في عام 1920، شارك مع أبناء وطنه في بناء السور الثالث للكويت، وهذا العمل الجليل من الأعمال الوطنية التي تستحق التقدير والثناء، ونتيجة جمال خطه في كتابة الرسائل، ونبوغه في العمليات الحسابية رشحه الحاج حمد العبدالله الصقر للسفر إلى كراتشي مع ابنه عبدالعزيز حمد الصقر لإدارة حسابات مكتب الصقر، وتسجيل قوائم البيع والمراسلات التجارية، وكذلك لتصريف وبيع التمور في الهند، وأصبح يتنقل بين بومبي وكراتشي لهذا السبب، وأجاد خلال وجوده في الهند التحدث بلغة الهنود، وكذلك اللغة الإنكليزية.
عاد بعد ذلك في أواخر العشرينيات إلى الكويت، وكان ينتظره ترشيح آخر، وخلال هذه الفترة جرت اتصالات بين الملك عبدالعزيز آل سعود والشيخ أحمد الجابر الصباح، لترشيح عدد من الكويتيين المتعلمين، ومن لديهم القدرة الجيدة في العمليات الحسابية لإدارة شؤون منطقة الاحساء التجارية وموانئها ومرافقها، ولم يأت هذا الطلب إلا لثقة ومعرفة الملك عبدالعزيز برجالات الكويت وأمانتهم وسيرتهم الحميدة، ورشح الشيخ أحمد الجابر الصباح 19 من الكويتيين الأكفاء لهذه المهمة، وكان حمد المير من بين هؤلاء، وأسندت إليه إدارة مالية جمارك القطيف والدمام، وأدى عمله على خير وجه، وعاد بعدها للكويت، وسبق لي في مقالة أخرى أن تحدثت عن تفاصيل سفر الوفد الكويتي الذي ذهب إلى الاحساء، ومعلومات عن حياتهم الاجتماعية واللقاءات التي تمت بينهم.عند عودته للكويت في الأربعينيات تفرغ لحياته وأعماله الخاصة، وأيضاً إدارة شؤون الوقف الخاص بوالدته (المطوعة) نورة بنت موسى السيف، وطريقة صرفه للمحتاجين والفقراء ولشؤون المساجد كما أوصت.رحم الله صاحب هذه السيرة، الذي توفاه الله إلى رحمته بتاريخ 19 سبتمبر 1963، ورحل عن الحياة بصمت وهدوء دون ضجيج.