لبنان: ميشال عون يطالب بـ«الثلث» ومخاوف من «احتراق» مصطفى أديب
• «التيار» و«حزب الله» يتخوفان من «مونة» رؤساء الحكومات السابقين على «حكومة المهمة»
لم يرشح أي مؤشر إيجابي يدلل على إمكانية الوصول إلى تشكيلة حكومة جديدة، خصوصاً أن رئيس الجمهورية اللبنانية أثار معضلة جديدة تمثلت بطلبه الحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة، يأتي ذلك في وقت أثارت زيارة رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية للبنان غضباً لدى بعض الأطراف، خاصة تهديده إسرائيل واعتباره أن «المقاومة في غزة تمتلك صواريخ لتدك بها تل أبيب وما بعدها».
يزداد الخوف في لبنان يوماً بعد آخر، من متغيرات محلية أو إقليمية قد يؤدي حدوثها إلى إطاحة الفرصة التي أمكن لفرنسا توفيرها بدعم أوروبي وقبول أميركي من أجل مساعدة لبنان على وقف التدهور. ويبدو أن «حكومة المهمة» التي رسم الرئيس الفرنسي خلال زيارته الثانية إلى بيروت معالمها، سواء من حيث حجمها المصغر أو مضمونها الإصلاحي، وأن تكون من أهل الاختصاص ومن أشخاص مستقلين لا ينتمون إلى الاحزاب والفاعليات السياسية، لن تكون ولادتها طبيعية بعد أن زرع بعض أطراف الداخل ألغاماً مبكرة ومباغتة على طريقها. فبين إصرار الرئيس المكلف مصطفى أديب، مدعوماً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على صيغة مصغرة، ومطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون بحكومة موسعة باعتبار أن تجربة وزير بحقيبتين فشلت، ضاع التأليف. وبرزت، أمس، معضلة حكومية جديدة تمثلت بطلب الرئيس عون عبر أحد معاونيه ثلثاً معطّلاً داخل الحكومة في حال لم يرضَ الرئيس المكلف بتشكيل حكومة موسعة من 24 وزيراً.
وكشفت مصادر سياسية متابعة لـ «الجريدة»، أمس، أن «الرئيس عون يصر على الثلث المعطل لأنه في حال كانت الحكومة من 14 وزيراً، وسمت باريس 4 وزراء (الأشغال، الاتصالات، الطاقة والعدل) كما يتداول، فلن يكون لدى أي طرف سياسي مع حلفائه القدرة على تعطيل الحكومة». وأشارت المصادر إلى أن «عون يدرك أن نادي رؤساء الحكومة السابقين يمونون على أديب وبإمكانهم حثه على الاستقالة متى أرادوا ولا يريد أن يكون رهينة مزاجهم السياسي»، لافتة إلى أن «حزب الله يدعم عون في هذا التوجه».
لودريان
إلى ذلك، شدد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، على وجوب «التمييز بين حزب الله كمنظمة عسكرية ومسلحة التي ندينها، ويدينها الاتحاد الأوروبي ويعتبرها منظمة إرهابية، وحزب الله السياسي، الذي انتخبه لبنانيون. لذا في التعامل مع هذه القضية ثمة عوامل مختلفة منها السياسي والطائفي والتاريخي». وقدم الوزير الفرنسي في مقابلة مع «راديو إنتر» الفرنسي، مساء أمس الأول، صيغة جديدة للفصل بين الجناح العسكري والسياسي والاجتماعي لحزب الله، وهي الصيغة التي كانت لجأت إليها بعض الدول الأوروبية قبل تصنيف حزب الله بالكامل منظمة إرهابية ومنع كل نشاط متعلّق به وبمؤسساته، كما فعلت ألمانيا قبل أشهر. وحول دور إيران والنظام السوري وتأثيره على أداء «حزب الله» في لبنان والمنطقة، أشار لودريان إلى أنّ «اللبنانيين سبقوا وأكدوا على سياسة النأي بالنفس تجاه الصراعات في المنطقة، وإذا لم يستمرّ الأمر وإذا لم تنفّذ الإصلاحات، فإنّ البلد في خطر التحوّل إلى ساحة للصراعات الدولية، ولا نحن ولا اللبنانيون نتمنى حصول ذلك». ورداً على سؤال حول تدخّل الدولة الفرنسية في الشؤون اللبنانية، شدد لودريان على أنه «عندما لا يقوم هذا البلد بإصلاحات في زمن الانهيار، ويطلب في الوقت نفسه المساعدة الدولية، من الطبيعي أنّ تكون فرنسا في طليعة الدول التي ستقوم بمساعدته».زيارة هنية
في سياق منفصل، أثارت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية غضباً في لبنان لدى بعض الأطراف، خصوصاً تهديده إسرائيل واعتباره أن «المقاومة في غزة تمتلك صواريخ لتدك بها تل أبيب وما بعد تل أبيب»، إضافة إلى استقبال هنية في مخيم عين الحلوة في ظل انتشار لعناصر مسلحة. ووجّه رواد مواقع التواصل انتقادات لاذعة للمواقف السياسية التي أطلقها والتي بات لبنان بغنى عنها في ظل أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يرزح تحتها، بالإضافة إلى استباحة حدوده لإطلاق التهديدات، والمظاهر المسلحة التي يطالب معظم اللبنانيين بإلغائها. واستنكر العديد من السياسيين الزيارة والمواقف التي أطلقها هنية من لبنان. وكتب الوزير السابق ريشار قيومجيان المسؤول في حزب «القوات» عبر حسابه على «تويتر» أمس قائلاً: «كيف يسمح مسؤول حماس لنفسه بإطلاق تهديدات لإسرائيل من بلد ليس بلده خصوصاً أن الجيش اللبناني منتشر على الحدود الجنوبية؟ من أعطاه الإذن والحق بذلك؟ أين موقف الدولة اللبنانية؟ اللي فينا مكفينا اعمل عنترياتك من بلدك وأرضك فلسطين مش لبنان». كما غرّد القيادي «الكتائبي» النائب المستقيل نديم الجميّل عبر «تويتر»، أمس، قائلاً: «لبنان مش منصّة تطلقوا منّو مواقف يوم كرامة السوري ويوم كرامة الإيراني ويوم كرامة الفلسطيني وكلّو على حساب سيادة لبنان وكرامة الشعب اللبناني».أما الوزير السابق اللواء اشرف ريفي فكتب على «تويتر» أمس قائلاً: «مواقفك التي استظلت بحزب الله الإيراني، لا تخدم قضية فلسطين ولا توحيد الموقف الفلسطيني الذي ندعم صموده في الأرض المحتلة». وأضاف: «إيران حولت القضية الفلسطينية لورقة مساومة ومزايدة وعمقت الخلاف الفلسطيني ودعمت نموذج غزة، وما فعلَته بفلسطين كان نسخة عن مشروعها لتفتيت لبنان واليمن والعراق وسورية. إن تمكين إيران من الورقة الفلسطينية، هو خطأ جسيم، والخطأ الأفظع، تسليمها ورقة المخيمات الفلسطينية في لبنان».
«القوات» و«الكتائب» وريفي ينتقدون زيارة هنية