58 مليار دولار إجمالي إصدارات السندات والصكوك الخليجية والدولية بالنصف الأول
بنك الكويت الوطني: عائداتها تبدي علامات استقرار مع زيادة التفاؤل تجاه التعافي الاقتصادي
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن وتيرة الاتجاه الهبوطي الذي اتخذته عائدات السندات العالمية خلال معظم فترات العام الحالي ومنذ مايو استقرت بفضل تراجع المخاوف المتعلقة بجائحة كورونا وتحسن البيانات الاقتصادية، في إشارة إلى أن الأسوأ ربما قد مضى بالنسبة للاقتصاد العالمي. وحسب التقرير، أدى ذلك إلى تعزيز معنويات التفاؤل ودعم الطلب على الأصول الأكثر خطورة، كما أن الإصدارات السيادية الكبيرة التي تم إصدارها لتمويل التدابير التحفيزية الضخمة لمواجهة تداعيات الجائحة ساهمت في الحد من تراجع العائدات، لكن عائدات الإصدارات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي واصلت تراجعها إثر استمرار زخم الطلب الدولي وارتفاع أسعار النفط. في التفاصيل، بلغ إجمالي إصدارات السندات والصكوك المحلية والدولية حوالي 58 مليار دولار في النصف الأول من عام 2020 بما يتماشى تقريباً مع مستويات النصف الأول من عام 2019 التي بلغت قيمتها 62 مليار دولار.
استقرار عائدات السندات العالمية
أدى ارتفاع الآمال بإنتاج لقاح مضاد لفيروس «كوفيد-19» وتحسن البيانات الاقتصادية مثل بيانات قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة والإنفاق الاستهلاكي وسوق العمل إلى تحسن معنويات المستثمرين بما عزز الآمال في انتعاش اقتصادي سريع، مما أدى إلى تراجع طلب المستثمرين على أصول الملاذات الآمنة والإقبال على البدائل الأكثر خطورة «مثل الأسهم». وعلى الرغم من ارتفاع عائدات السندات العالمية من أدنى مستوياتها المسجلة في مارس، فإنها ما تزال منخفضة نسبياً، إذ ساهمت أسعار الفائدة ومعدلات التضخم المنخفضة في كبح جماح نموها، هذا إلى جانب استمرار تفشي الجائحة وحالة عدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي.وبإلقاء نظرة على الأداء خلال العام الحالي، نلحظ انخفاض العائدات بصدارة سندات الخزانة الأميركية، إذ تراجعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بنحو 120 نقطة أساس منذ بداية العام وصولاً إلى 0.73 في المئة كما في 28 أغسطس، إذ إن تكثيف إصدارات سندات الخزانة لتمويل العجز قابله انخفاض أسعار الفائدة قصيرة الأجل وقيام الاحتياطي الفدرالي بتوسيع نطاق برنامج شراء السندات. وتجدر الإشارة أيضاً إلى التكهنات التي تشير إلى إمكانية تبني الاحتياطي الفدرالي لسياسة التحكم في منحنى العائد على غرار السياسة اليابانية كإحدى الوسائل المتبعة لتعزيز مستويات التحفيز الاقتصادي – على الرغم من استمرار تحفظ مسؤولي الاحتياطي الفدرالي على هذه الفكرة حتى الآن. وبالفعل، بعد الإعلان عن تلك السياسة في أواخر شهر أغسطس، شهدت عائدات الخزانة استجابة فورية وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس خلال أيام قليلة وصولاً إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 10 أسابيع (0.75 في المئة).عائدات السندات الخليجية
انخفضت عائدات السندات السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي منذ أبريل مع وضع المستثمرين بعين الاعتبار وجود بيئة اقتصادية ذات معدلات مخاطر أدنى من الفترة السابقة نظراً إلى تعافي أسعار النفط وتخفيف قيود الإغلاق بما أدى إلى تحسن النشاط الاقتصادي. كما انعكس انخفاض المخاطر أيضاً في تراجع معدلات مبادلة مخاطر الائتمان بصفة عامة. كما ساهم الطلب القوي من جانب المستثمرين، نظراً إلى المستويات المنخفضة لعائدات السندات العالمية، في دفع عائدات السندات الخليجية نحو التراجع. وفي اتجاه مغاير لنظرائها في الأسواق العالمية، تعتبر أسواق السندات الإقليمية ذات مخاطر مرتفعة نسبياً، بالتالي تميل العائدات إلى التراجع عندما تتحسن الظروف الاقتصادية، في أداء مماثل لأدوات دين الأسواق الناشئة الأخرى، إذ يقبل المستثمرون عموماً على مخاطر أقل بما يتماشى مع بيئة منخفضة المخاطر. ويأتي الاتجاه الهبوطي لعائدات السندات في أعقاب الارتفاع الحاد الذي سجلته في فبراير ومارس بالتزامن مع الصدمة الاقتصادية المزدوجة نتيجة انهيار أسعار النفط وبداية تفشي الجائحة بما أدى إلى تدهور الأوضاع المالية وزيادة مخاطر الائتمان السيادي في نظر المستثمرين. وكانت الزيادة السابقة التي شهدتها العائدات مرتفعة بصفة خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي ذات جدارة ائتمانية الأقل من ناحية المالية العامة (البحرين وسلطنة عمان)، إذ ظلت تلك العائدات أعلى من مستوياتها في بداية العام على الرغم من انخفاضها القوي في الأشهر الأخيرة. في المقابل، تمكنت الاقتصادات التي تتمتع بمستويات جدارة ائتمانية أعلى من عكس الزيادات السابقة في العائدات بالكامل، إذ انخفضت عائدات السندات السيادية متوسطة الأجل لكل من أبوظبي والكويت وقطر والسعودية بنحو 100 نقطة أساس في المتوسط منذ بداية العام.السندات السيادية الألمانية والإنكليزية على خطى الأميركية
ذكر تقرير «الوطني» أنه في أوروبا، اتبعت عائدات السندات السيادية الألمانية وتلك الخاصة بالمملكة المتحدة خطى نظيرتها الأميركية، إذ شهدت تراجعاً حاداً في وقت سابق من العام الحالي قبل أن تستقر في الأشهر الأخيرة، متأثرة بنفس العوامل العالمية التي تأثرت بها الولايات المتحدة، التي تتمثل في المخاوف المتعلقة بالركود الاقتصادي وتداعيات تفشي الجائحة إلى جانب التدابير التحفيزية التي تبنتها البنوك المركزية. في المقابل، ظلت عائدات السندات السيادية اليابانية لأجل 10 سنوات مستقره بدعم من تبني المصرف المركزي في اليابان لسياسة إبقاء الفائدة صفرية (0 في المئة). لكن على الرغم من ذلك، شهدت عائدات السندات اليابانية طويلة الأجل ارتفاعاً ملحوظاً منذ يوليو، إذ أشار المصرف المركزي إلى أنه سيتوقف عن زيادة مشترياته من السندات طويلة الأجل (أكثر من 10 سنوات). ووسط ضعف معدلات التضخم والانخفاض التاريخي لأسعار الفائدة وحالة عدم اليقين تجاه وتيرة الانتعاش الاقتصادي، نتوقع أن تظل عائدات السندات منخفضة إلى أن تصبح آفاق النمو الاقتصادي أكثر وضوحاً، وهو ما يعتمد على طول مدة الجائحة أو توافر اللقاح في الأسواق.