عبير نعمة أنشدت للحب والسلام في «بيروت ترنم الأمل»

الحفل أقيم في كنيسة متضررة من انفجار المرفأ

نشر في 10-09-2020
آخر تحديث 10-09-2020 | 00:05
في حفل استثنائي يحمل رمزية كبيرة لبيروت، انساب صوت المطربة عبير نعمة ليبعث الحب والسلام والأمل، فيطغى على دوي الانفجار الذي حدث في 4 أغسطس الماضي في مرفأ بيروت. وكان الحفل الذي أقيم تحت عنوان «بيروت ترنم الأمل»، واجتمع لمشاهدته العديد من اللبنانيين، ضمن أجواء صعبة تعيشها بيروت متاحا عبر مواقع التواصل وبعض محطات التلفزة.
في حفل موسيقي حمل عنوان "بيروت ترنم للأمل"، نظمه مهرجان "بيروت ترنم" السنوي، أطلت الفنانة اللبنانية عبير نعمة في كنيسة مار مارون بمنطقة الجميزة في بيروت، بمشاركة فرقة موسيقية من جوقة الجامعة الأنطونية.

وفي توقيت انفجار مرفأ بيروت نفسه، وعند الساعة 6:07 دوى صوت عبير نعمة بمشاركة الفرقة الموسيقية في قلب الكنيسة، والتي تضررت كثيرا إثر الانفجار الذي حدث بمرفأ المدينة في 4 أغسطس الماضي، والذي أودى بحياة نحو 200 شخص وجرح الآلاف، وألحق الضرر والدمار بمنازل الكثيرين.

وقالت نعمة للصحافيين قبل بدء الحفل: "كان علينا أن نفكر في مبادرة تعيد النبض إلى قلب بيروت، وارتأت لجنة مهرجانات بيروت ترنم إقامة هذه الأمسية، على أن تكون بمنزلة صلاة يشارك فيها أهالي المدينة، كل من مكان إقامته، بسبب جائحة كورونا"، مضيفة: "بيروت بحاجة اليوم لسماع صوت مختلف عن دوي الانفجار الذي طالها وأحدث فيها كل هذا الدمار".

ورغم التباعد الاجتماعي، الذي فرضه تفشي "كورونا"، فإن كثيرين تحلقوا حول مكبرات الصوت للاستماع إلى الأغاني التي تلامس أحاسيسهم الوطنية والدينية، وعبروا عن الأمل الذي يشعرون به لكون مدينتهم على طريق العودة لاستعادة نضبها.

وقد ارتدت نعمة فستانا أسود، يعبّر عن حالة الحزن التي يعيشها العالم أجمع، إزاء ما حدث في لبنان مؤخرا.

مكبرات الصوت

ولاقى الحفل انتشارا واسعا، عبر بثه في وسائل التواصل الاجتماعي وشاشة تلفزيون "إم تي في"، وأيضا بث لقطات متفرقة من الأجواء خارج الكنيسة، كما انتقل البث الصوتي المباشر في شوارع العاصمة، وأرجاء الشوارع المدمرة عبر مكبرات الصوت، من خلال 7 نقاط في وسط العاصمة، مما أعطى الفرصة لسكان بيروت وزوارها للاستماع على مدى 50 دقيقة إلى برنامج ثري يضم أغنيات وطنية وترانيم دينية.

رجعت العصفورة

وغنت نعمة مزيجا جميلا من الأغنيات والترانيم التي كانت راسخة في ذاكرة الناس، فأظهرت قدراتها الأدائية بعدة أغان لفيروز بعنوان "رجعت العصفورة" ومن أجوائها "رجعت العصفورة تعشش بالقرميد، والسوسني رجعت تزهر من جديد، إجت الشتوية تجمعوا العشاق، رجعت المدارس أطفال تلج وعيد، وطلع السماق ومد جنا حو، بس اللي راحوا راحوا، بالدفاتر عندي أسامي غياب".

وأعادت إلى الأذهان زمن الفن الجميل، فغنت لفيروز أيضا "عا اسمك غنيت"، التي غنتها بأسلوبها الخاص، إضافة إلى "بيتي أنا بيتك" و"إيماني ساطع"، كلمات وألحان الأخوين رحباني، و"يا بني أمي" للأديب اللبناني جبران خليل جبران، ومن ألحان الفنان الراحل زكي ناصيف، وتقول كلماتها: "في ظلام الليل أناديكم هل تسمعون، مات أهلي وعيونهم محدقة في سواد السماء، في ظلام الليل أناديكم هل تسمعون، مات أهلي وغمرت تلال بلادي الدموع والدماء، الويل لأمة كثرت فيها طائفها وقل فيها الدين... الويل لها، الويل لأمة تلبس مما لا تنسج وتشرب مما لا تعصر... الويل لها، والويل لأمة مقسمة وكل ينادي أنا أمة... الويل لها".

وأعطت نعمة تحية سلام لبيروت، من خلال أغنية فيروز الشهيرة "من قلبي سلام لبيروت"، تلك الكلمات التي كتبها جوزيف حرب، وتميزت بثراء وتنوع موسيقي كبير، لتقول "لبيروت، من قلبى سلامٌ لبيروت، وقُبلٌ للبحر والبيوت، لصخرةٍ كأنها وجه بحارٍ قديمِ، هي من روحِ الشعب خمرٌ، هي من عرقِهِ خبزٌ وياسمين، فكيف صار طعمها طعم نارٍ ودخانِ".

الحب والسلام

وغنت نعمة مجموعة من الترانيم، وبرزت موهبتها الاحترافية، وكانت بمنزلة مقياسا دقيقاً ومذهلاً أظهر تدرجات صوت نعمة ومستوياته، من حيث القوة والجمال والقدرة التعبيرية، وعبرت الترانيم عن كلمات حول الشكر، والحب، والسلام، مخاطبة قلوب الجميع من مختلف الأديان والطوائف.

والمميز في صوت نعمة أنه ليس صوتا آسرا فحسب، بل يعبر عن العمق في أدائها، فغنت لماجدة الرومي ترنيمة "يا نبع المحبة" من كلمات مارون كرم، ورتلت أنشودة نثرت السلام، وتحمل في ثناياها رسائل عديدة لتقول: "لن تغلق الأبواب لن تقفل السماء، فبيننا رجاء ولقاء، لن ينتهي العزاء أو يسكت الغناء، فبيننا حياة وبقاء، ثقة وثبات".

نعمة كبيرة

واستمرت نعمة في تقديم وصلاتها الغنائية بكل ثقة وثبات، حيث حركت معها قلوب الجمهور الذي لم يكف عن التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن التعليقات "صوت عبير نعمة عالم تاني من قلبي سلامٌ لبيروت، تويت حب للصوت الملائكي #عبير_نعمة، عبير_نعمة تغني لتضيء ظلام الليل، شكرا عبير نعمة! أجمل واروع من غنّى فيروز! صوت، حضور، تقنية واحساس يصعب وصفهم وقد لا يعطيها حقها، شكرا للجوقة والموسيقيين ولهندسة الصوت، شو هالعبير وشو هالنعمة الكبيرة على الفن اللبناني، المبدعة #عبير_نعمة في #بيروت_ترنم_الأمل، صوتك دواء لكل الجروحات".

فنانة وباحثة

الجدير بالذكر أن عبير نعمة فنانة وباحثة موسيقية لبنانية، وحازت جائزة murex d'or ثلاث مرات، وتميزت بأنها تستطيع غناء جميع الأنماط الموسيقية، وقامت ببطولة عرض "أبيض وأسود"، أضخم عمل مسرحي غنائي تم تقديمه بأحدث التقنيات الموجودة بالعالم في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بالكويت.

واختارتها هيئة الثقافة والسياحة في أبوظبي لتأليف وإعداد موسيقى جائزة الشيخ زايد للكتاب، وقامت بإعداد وغناء موسيقى عمل المتنبي مسافرا أبدا، وفيه قدمت مجموعة قصائد مغناة للشاعر المتنبي برعاية هيئة ابوظبي للثقافة والسياحة ورافقتها الأوركسترا الفيلهارمونية البلغارية.

قدمت مزيجاً جميلاً من الأغنيات والترانيم الراسخة في الوجدان
back to top