خالد الجبيلي: تَقَعُّر المترجم في اللغة يُنَفِّر القارئ
«ليست لدي معايير صارمة للعمل الذي أنقله إلى العربية»
تحظى أعمال المترجم السوري خالد الجبيلي بشهرة واسعة، ويتميز الرجل المقيم حالياً في الولايات المتحدة بغزارة إنتاجه المترجم الذي يتجاوز الستين كتاباً، وارتبط اسمه بالكاتبة التركية إليف شَفَق منذ ترجم روايتها "قواعد العشق الأربعون".
وفي حوار أجرته معه "الجريدة" من القاهرة قال الجبيلي، إنه لا توجد لديه معايير صارمة للعمل الذي ينقله إلى العربية، لافتاً إلى أن تقعّر المترجم يُنَفِّر القارئ، واصفاً سلمان رشدي بأنه أحد كبار الكتاب العالميين. وفيما يلي نص الحوار:
وفي حوار أجرته معه "الجريدة" من القاهرة قال الجبيلي، إنه لا توجد لديه معايير صارمة للعمل الذي ينقله إلى العربية، لافتاً إلى أن تقعّر المترجم يُنَفِّر القارئ، واصفاً سلمان رشدي بأنه أحد كبار الكتاب العالميين. وفيما يلي نص الحوار:
• كيف كانت سنوات النشأة الأولى سبباً في عشقك لفن الترجمة؟-بدأ حبي لتعلم اللغات الأجنبية في وقت مبكر، ويعود الفضل في ذلك إلى أبي رحمه الله الذي كان يجيد لغات أجنبية عديدة، فبدأت بتعلّم اللغة الفرنسية، ثم انتقلت إلى الإنكليزية، وتخصصت في دراستها عندما التحقت بقسم اللغة الإنكليزية وآدابها في جامعة حلب، وتعمّق شغفي للترجمة منذ ذلك الحين.
• «مزرعة الحيوان» لجورج أورويل أول عمل ترجمته حين كنت طالباً في الجامعة... إذا أمسكت بهذا الكتاب الآن هل يمكن أن تعيد الاشتغال عليه لمزيد من ضبط الترجمة؟- كان ذلك منذ زمن بعيد، يبدو لي الآن دهراً كنت قد رأيت رواية «مزرعة الحيوان» في مكتبة أبي التي سرعان ما لفتت انتباهي وتساءلت متحدياً نفسي إن كان بإمكاني أن أُخرج نصاً بالعربية يجاري النص الأصلي فقمت بترجمتها وطبعتها بنفسي على آلة كاتبة كانت لدينا في البيت لكن للأسف ضاعت مني تلك الترجمة، علاوة على ترجمات عدة قمت بها آنذاك، مثل كتاب عن الأديان في العالم. بالطبع كان أبي الشخص الذي شجعني وأرشدني في كلّ ذلك وعندما أخبرت مدرّساً للغة العربية بأنني ترجمت هذا الكتاب، كنت متردداً جداً وخائفاً، لكني فوجئت عندما قال لي، إنه استمتع بقراءته، كأنه كان يقرأ نصاً غير مترجم. بطبيعة الحال، لو وقع ذلك النص تحت يدي الآن، لأدخلت عليه الكثير من التعديلات، كما أفعل دائماً.
أفكار جديدة
• ما المعيار الرئيسي الذي على أساسه تختار عملاً من أجل ترجمته؟- لا توجد لديّ معايير صارمة ودقيقة في العمل الذي سأقوم بترجمته، لكن بشكل أساسي، يجب أن تتوفر في العمل متعة وفائدة وتكون فيه أفكار جديدة، وأن يكون متميزاً في أسلوبه الشيء الأساسي هو محبتي للعمل نفسه، ورغبتي في أن أشارك القارئ العربي هذه المتعة.لغة جميلة
• إذا كان النص الأصلي إبداعاً فماذا يكون النص المترجم؟ هل هو عمل متطابق أم إعادة خلق له في لغة جديدة؟- الترجمة إبداع أيضاً فالمترجم يبدع نصاً جديداً في لغة وثقافة جديدتين، مع التزامه وتقيّده التام بالنص الأصلي، ونقل جميع الأفكار والمضامين والأساليب، بقدر ما يستطيع، بأمانة وبلغة جميلة مفهومة وسلسلة تجعل القارئ يحبّ النص ويقبل على قراءته، وهذه مهمة شاقة، حتى تكاد تكون شبه مستحيلة في بعض الأحيان وإن إخراج نص من منظومته اللغوية ونقله إلى منظومة لغوية ثانية، مختلفة تمام الاختلاف من حيث البيئة والثقافة والمفاهيم، أمر بالغ الصعوبة وأرى أن النص المترجم هو إعادة خلق للنص الأصلي في لغة جديدة، لكنه يجب أن يكون في الوقت نفسه متطابقاً مع النص الأصلي، من حيث المفاهيم والأسلوب.دقة وعناية
• ما الأدوات التي يجب أن يمتلكها المترجم لاحتراف عمله في هذا المجال؟- يجب أن يمتلك المترجم حصيلة لغوية ممتازة، وأن يتمتع بحسّ أدبي عالٍ فهو كالكاتب الأصلي، مثل رسام أو نحات، يختار المفردات والعبارات بدقة وعناية، وينبغي أن يكون مواكباً للمفردات والتعابير العصرية، وأن يتحاشى التقعّر في اللغة، كي لا ينفرّ القارئ من قراءة النص المترجم.الساحة مفتوحة
• احتكار دار نشر لأعمال أديب ما هل يصيب المترجم بالإحباط، مثلما الأمر في حالة التركية إليف شَفَق التي كنت سبباً في تعريفنا بها في العالم العربي؟- ليس من الضروري أن يصيب احتكار دار نشر أعمال أديب معين بالإحباط وربما يرغب في القيام بترجمة أعمال الكاتب الأخرى لأنه خَبِر أسلوب ذلك الكاتب لكن الساحة مفتوحة وواسعة، وهناك عشرات، لا بل مئات من الأعمال الأخرى الجديرة بالترجمة.كاتب معين
• هل يجب أن تكون مؤمناً بأفكار كتاب ما لتشرع في ترجمته أم يكفي ما حققه من أصداء أو جدل لاتخاذ هذا القرار مثل «آيات شيطانية» لسمان رشدي الذي ترجمت له عملين؟- ليس ضرورياً أن أكون مؤمناً بأفكار كاتب معين كي أترجم أعماله وأنا لم أترجم رواية «آيات شيطانية» للكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي، لكنني سعدت لأنني ترجمت آخر عملين له، وهما: «سنتان وثمانية شهور وثمان وعشرون ليلة» و«البيت الذهبي» واستمتعت بترجمتهما كثيراً علماً أن سلمان رشدي من كبار الكتّاب العالميين.«ما بعد الحكاية»
• ما العمل الذي تعكف عليه راهناً وربما يخرج إلى النور قريباً؟- أنهيت منذ فترة قصيرة ترجمة رواية ضخمة فائقة الأهمية بعنوان «ما بعد الحكاية»، لكاتب أميركي مرموق. كان العمل صعباً ومعقداً جداً، تناول فيها الكاتب الذي أمضى أكثر من ست سنوات في كتابتها، موضوعات علمية ونفسية وأدبية شتى وأعكف حالياً على ترجمة رواية بعنوان «صوفيا أو بداية جميع الحكايات» للكاتب الألماني السوري الأصل، رفيق شامي.
حبي للغات بدأ مبكراً وترجمت «مزرعة الحيوان» حين كنت طالباً