المنابر الأثرية المصرية تحتمي بـ «حواجز زجاجية»
بهدف صون المساجد المملوكية ومنع وصول أيادي اللصوص إليها
في خطوة تستهدف حماية الآثار الدينية في مصر، بعد تكرار سرقة منابر المساجد الأثرية وأجزاء منها خلال السنوات الماضية، لجأت وزارة السياحة والآثار إلى فكرة جديدة، بدأت تطبيقها في مسجد السلطان أبوالعلا، وسط القاهرة، حيث جرى تسييج المنبر بحاجز زجاجي شفاف للحؤول دون تكرار عملية السرقة.
انتهت وزارة السياحة والآثار المصرية، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، من تركيب أول حاجر حماية شفاف حول منبر مسجد السلطان أبوالعلا الأثري في القاهرة، في إطار مشروع حماية ودرء الخطورة عن المنابر الأثرية المملوكية.في هذا الصدد، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، إن هذا المشروع تم تنفيذه بناء على القرار الذي اتخذته اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية منذ شهور قليلة، لحماية هذه المنابر بعد تعرض العديد منها للسرقة على مدار السنوات الماضية.وأكد أن تلك الحواجز من شأنها تخفيض خطر السرقة بنسبة تصل إلى 85 في المئة، وفق دراسة تقييم ودرء المخاطر عن المنابر المملوكية، ويعتبر ذلك من الاستراتيجيات التي تقوم على درء مخاطر متعددة في الوقت ذاته، حيث تحمي المنبر من خطر الاحتكاكات، وبالتالي تعرضه للخدوش وفقد الحشوات، وهو ما يحدث نتيجة ضغط واحتكاك المصلين وقِطع الأثاث بالمنبر.
ضد الصدمات
بدوره، أوضح مساعد وزير الآثار للشؤون الهندسية هشام سمير أن هذا الحاجز مصنوع من الزجاج الثلاثي الطبقات Triplex بسُمك 10 ملليمترات، ليزوِّد المنبر بأكبر قدر من الحماية، حيث يتميز بالصمود ضد محاولات الكسر لأطول فترة ممكنة، ما يمنع وصول اللصوص إلى الحشوات التي تزين المنبر، مؤكدا أن الحاجز محمي بطبقة داخلية ضد الصدمات، ليتشقق الزجاج عند محاولة الكسر حتى لا يسقط ويتفتت على الأرض، كما جرى تزويد الحاجز بباب في مقابل باب المنبر، ليحقق الاستخدام بصعود الخطيب عليه، وتم تأمينه بترباسين وقفل من نوع Patch Fitting Lock بمفاتيح رقمية.وأضاف: «أثناء تثبيت الحاجز الزجاجي تمت مراعاة القيمة الأثرية للمسجد والمنبر، والرؤية الجيدة لتفاصيل المنبر وحشواته، باستخدام الزجاج المصنوع من أفضل الأنواع المتاحة لضمان عدم تغيُر اللون مع مرور الوقت، وكذا اعتماد تصميم بأكبر مساحة ممكنة للألواح الزجاجية لكي لا تنقطع الرؤية بفواصل كثيرة».نقل المنابر
وكانت الحكومة المصرية أصدرت قرارا آخر حمل رقم 110 في 20 فبراير 2018 بنقل وتخزين 55 منبرا أثريا تعود إلى العصر المملوكي، من مساجد مصر التاريخية، بهدف حماية هذه المنابر الأثرية من السرقة، ورغم أهمية القرار فقد أثار في حينه اعتراضا من جانب بعض الخبراء، واعتبروا أنه يبدد الآثار الإسلامية ويسهل عمليات السطو على هذه المنابر الأثرية ويهدر قيمتها الأثرية والمادية.ولا يشمل القرار المنابر الأثرية فقط، بل ينسحب على 60 قطعة أثرية أخرى موزعة بين مشكاوات ومقاعد أثرية لمقرئي القرآن وثُريات، بهدف حمايتها من السرقة.في ذلك الوقت، اجتمع وزير الآثار خالد العناني بمسؤولين في الوزارة، لاستعراض قرار اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، التي أصدرت القرار في هذا الشأن. وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري إن «عملية التسجيل الأثري للمنابر والمقتنيات الأثرية بالمساجد في سجلات قيد الآثار تُجرى للمرة الأولى في تاريخ الآثار الإسلامية والقبطية، في سبيل الحفاظ عليها ومنع العبث بها أو سرقتها».وأشار إلى حدوث سرقة منبر كامل من مسجد قايتباي الرماح في حي القلعة بالقاهرة، وهي الواقعة التي حدثت قبل نحو 10 سنوات، فضلا عن تعدد سرقات حشوات المنابر، لذا جاء قرار تسجيل المنابر سديدا لحمايتها، بحسب وزيري.وبدأ تنفيذ القرار بتفكيك منبر مسجد القاضي أبوبكر بن مزهر، أحد أندر منابر المساجد المملوكية في القاهرة التاريخية، وهو مصنوع من خشب الماهوجني والأبنوس ومرصع بالعاج، كما يحتوي على عبارة تشير إلى اسم صانعه.فاروق جويدة
وفي مقال سابق له بعنوان «لم يبق غير المنابر»، نُشر في صحيفة الأهرام المصرية، 24 أبريل 2018، أشار الشاعر فاروق جويدة إلى أن هناك دولا تخصصت في سرقة هذه المنابر عبر الشراء من اللصوص، منتقدا عدم تحرك الحكومة لمنع هذه الجريمة.وأضاف جويدة: «هناك متاحف أقيمت على سرقات الآثار المصرية خاصة الإسلامية، وما أكثر المخطوطات النادرة التي تنتشر الآن في متاحف خارجية، بل أكثر من هذا إن تراث مصر الفني والسينمائي والغنائي تم بيعه في الأسواق الخارجية ولا توجد لدينا نسخ منه».
مصطفى وزيري: الحواجز تخفض خطر السرقة بنسبة تصل إلى 85%