احتدام المنافسة على لقب خصم نتنياهو الأول!
بدأت نِسَب تأييد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتراجع في الأشهر الأخيرة، وتحديداً بسبب تعامله الشائب مع فيروس كورونا المستجد وأدائه الضعيف في إدارة الأزمة، فخلال أسابيع خسر حزب "الليكود" ما يوازي 10 إلى 13 مقعداً في الكنيست في استطلاعات الرأي، لكنّ اصطفافه مع الأحزاب اليمينية والمتطرفة يمنحه حتى الآن 60 مقعداً على الأقل.تحافظ هذه الكتلة على نتائج ثابتة لأن ناخبي نتنياهو المُحبَطين لم ينتقلوا إلى اليسار السياسي الوسطي، بل اتجهوا إلى حزب "يمينا" الذي يرأسه نفتالي بينيت ويحقق أرقاماً عالية في الاستطلاعات، لكن بالكاد يستفيد زعيم المعارضة يائير لبيد، رئيس الحزب الوسطي "يش عتيد"، من هذا التحول.وفي 2 سبتمبر تعرّض لبيد لضربة موجعة ومفاجئة، حين طالب عوفر شيلح، شريكه وصديقه بإجراء انتخابات أولية لقيادة حزب "يش عتيد" وأعلن نيّته منافسة لبيد وهزمه، حيث صُدِم الرأي العام والنقاد بهذه المفاجأة.
كان لبيد الشخص الوحيد الذي لم يتفاجأ بما حصل، فقد شهدت علاقته المعقدة مع شيلح تقلبات كثيرة، لكن كان الرجلان يتصافيان دوماً في أوساطهما الخاصة، ولطالما أدرك لبيد شكوك شيلح حول مسار الحزب وسمع انتقادات قاسية منه مع مرور الوقت. حتى الآن، يحاول لبيد احتواء الأزمة قدر الإمكان، فهو يأمل أن يتراجع شيلح عن موقفه بطريقة ما، وإذا حصل الأسوأ فسيوافق لبيد على إجراء انتخابات أولية وتحقيق الفوز، لكن عددا كبيرا من مؤسسي الحزب تركوا لبيد منذ تأسيسه، فاضطر يعقوب بيري، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك"، للتنحي بسبب فضيحة مرتبطة بخدمته العسكرية، وترك مستشاره وكاتم أسراره الحاخام شاي بيرون، معترك السياسة بعد خسارة الحزب في انتخابات 2015، كذلك انسحبت رئيسة بلدية "هرتسليا" السابقة، ياعيل جيرمان، بسبب تدهور صحتها، وأُقيل عدي كول، عضو آخر في الكنيست، بعد اعتباره غير وفي بما يكفي للبيد، فقد يتحول لبيد إذاً إلى نسخة أخرى من نتنياهو الذي يُبعِد شركاءه ومناصريه عنه منذ عقود إذا خسر شيلح أيضاً.قد يبدو عضو الكنيست عوفر شيلح (60 عاماً) مشابهاً ليائير لبيد ظاهرياً، لكن عند النظر إليه عن قرب، يتّضح أنه مختلف عنه، ففي حين كان لبيد الذي أدى خدمته العسكرية الإجبارية بصفته صحافياً في جريدة "بامحانية" التابعة للجيش، كان شيلح جندياً في سلاح المظلات وضابطاً شارك في عمليات لبنان وتعرّض لإصابة بالغة وخسر واحدة من عينيه وتشوه وجهه، وعلى عكس لبيد الذي تخرّج من المدرسة الثانوية بصعوبة، يحمل شيلح شهادة جامعية من الولايات المتحدة، فهو مفكر عميق وجدّي ويتمتع بمهارات سياسية ممتازة.أخيراً، تبدو الخريطة السياسية بعيداً عن حزب "يش عتيد" مضطربة بالقدر نفسه، فهي تشهد تقلبات شبه يومية، ويستعد لاعبان أساسيان لخوض المنافسة، وهما رئيس بلدية تل أبيب رون هولداي الذي أعلن أصلاً نيّته الترشّح للمشاركة في السياسة الوطنية قبيل الانتخابات المقبلة، وقائد الجيش السابق غادي إيزنكوت الذي يقيّم خياراته في الوقت الراهن أيضاً. وأخبر لبيد شركاءه بأن قرار شيلح؛ إطلاق المناورات اللازمة لتأمين منصبٍ له، ربما يشتق من رغبة هولداي الواضحة في تولي قيادة اليسار السياسي الوسطي، وفي مطلق الأحوال يستطيع نتنياهو أن يحافظ على هدوئه إلى أن يختار اليسار الوسطي زعيماً واضحاً يتمتع بما يلزم لهزم جميع المتنافسين على هذا اللقب.* «بن كاسبيت»