في عام 1956، أصدر الزعيم محمود بهجت سنان، وكان ضابطاً كبيراً في الجيش العراقي برتبة عميد، كتاباً ضخماً يعتبر من أهم الكتب التي تحدّثت عن الكويت إيجابياً بكل المقايس، وأكد الكاتب على حدود الكويت السياسية وسيادتها بالوثائق، وعدّد مظاهر التقدم بها في النواحي التعليمية والاقتصادية والصحية وغيرها، كما تحدّث عن شخصية المغفور له - بإذن الله - الشيخ عبدالله السالم، وامتدحه كثيراً، وأشاد بديمقراطيته وحبّه لأبناء بلده، وسعيه الحثيث للنهوض بالكويت بكل الوسائل.

وتأتي أهمية هذا الكتاب من أنه صادر عن ضابط عراقي كبير ظل حتى وقت إعداد الكتاب وطباعته، في عام 1956، على رأس عمله قائداً في الجيش العراقي، وأذن له رئيس الأركان العراقي بطباعته.

Ad

فكلّ الشكر لمحمود سنان، الذي قال كلاماً أثلج صدورنا - نحن الكويتيين - عن وطننا العزيز الكويت، وذلك قبل أكثر من ستين عاماً، وندعو له بالرحمة والمغفرة من رب العالمين.

بالمناسبة، انفرد الإعلام العراقي بعد تحرير الكويت ببثّ برنامج على حلقات سمّاه "السراب واليقين"، يكرر الأسطوانة المشروخة بادعاءاته الباطلة بشأن سيادة الكويت، وقد تصديتُ بعدد من الحلقات التلفزيونية في برنامج على حلقات "ثوابت كويتية" بالردّ على بعض حلقات البرنامج العراقي بما لديّ من أرشيف لخصوصيات العُملة المتداولة في الكويت قديماً، وخاصة أول عملة وطنية، التي كانت بتاريخ 1886، وعليها توقيع الشيخ عبدالله بن صباح، الحاكم الخامس، وعبارة ضُرِبت في الكويت، في وقت كان العراق حينئذ يستخدم العملات العثمانية.

كما عرضتُ في البرنامج الطوابع والأختام البريدية والخرائط الجغرافية النادرة التي رسمها كبار "الأوتوجرافيين" في دول العالم، وفيها تظهر حدود الكويت السياسية بلون مختلف عن جار الشمال المزعج، بينما كان العراق يظهر في الخرائط القديمة من دون حدود سياسية، وبلون واحد مع بلاد الشام، وتحدثتُ كذلك عن مطبوعات وكتب ومخطوطات كويتية، جميعها تردّ على الادعاءات الباطلة. وكانت هذه النوادر أبلغَ من برامج الحوارات السياسية، رغم أن المشاهد في الوطن العربي، مع الأسف، يقتنع بالكلام "المفذلك" و"المنمّق"، وينجذب إلى كاريزما المتحدث، حتى وإن كان على باطل... لكن، والحمد لله، تحقق ما أردتُ من الحلقات الوثائقية عبر تلفزيون الكويت وأسكتُّ الأبواق الإعلامية الزائفة، وكشفتُ حقيقة وثائقها المزورة.

ما أسعدني بعد عرض الحلقات التلفزيونية الكويتية، أن الأستاذة الدكتورة حصة الرفاعي نشرت في الصحافة قصيدة طويلة أهدتها إليّ، وأشكرها الشكر الجزيل، مطلعها:

قلت للباغين: هذا وطني

مستقلاً، فحسمت الجدلا

هذه أرض جدود صبروا

في الملمّات تحدوا الأجلا

إلى أن تأتي وتقول:

بلسم أنت لجرح غائر

في ضمير الشعب لن يندملا

فلك الشكر ثناء خالصاً

ومدى الدهر ستبقى الأكملا