الصلاحيات الواسعة والفساد
الفساد هو إساءة استغلال السلطة المخولة لتحقيق المصالح الشخصية. تتحرك الدول الواعية فورا مع ظهور أول مؤشر للفساد لمنع تفشيها في المجتمع، وتردع سريعا الفاسدين، وتبحث في علاج الخلل وتطور الأجهزة الرقابية، وتؤهل القائمين عليها، يتضح من المتابع الجيد للأدوار التي يقوم بها المسؤولون الكبار في الدولة من وزراء ورؤساء هيئات حكومية أن الصلاحيات لا تخضع لمعايير واضحه وثابتة، وهي غنية بالمحسوبيات، حيث تعطي للبعض الصلاحيات أكبر من المسؤوليات المحددة في وزارته في المقابل البعض لا يملك صلاحيات وزارته أو هيئته، والذي جعل من المخالفات والتسيب الإداري والمالي أمراً مقبولاً ومألوفاً، فالثقل السياسي السلبي عامل يساند في ازدياد مخالفة اللوائح والقوانين في الدولة.
مؤلم أن يفوق نفوذ البعض السياسي صلاحيات بعض المسؤولين الرسميين، حيث تأتي الأوامر من أشخاص من داخل السلطة التنفيذية وخارجها، وتدعم بخفاء ولا تظهر بالعلن إلا في حالة تعنيف المسؤول النزيه الذي يعرقل أهدافها، بل يصل الأمر بقدرتهم على إنهاء خدمات كبار المسؤولين وتعيين من يعينهم على تمرير كل طلباتهم. وفرضت قوى الظل نفسها على أنظمة الدولة، وتدعم من يتبع توجهاتهم وقراراتهم حتى أصبح الفساد كرة ثلج، وانتشرت ممارسات لم يعتد عليها المجتمع كالرشا وإنشاء مؤسسات شكلية وتنصيب أتباعهم في وظائف قيادية، وخلق مشاريع تنفيعية دون الالتفات للدعوات المتكررة بتقنين المصروفات.عجلة التنمية مستحيلة في بيئة غير صحية فاسدة، فالإصلاح يبدأ بتوضيح الأدوار ومعرفة حدود صلاحيات المسؤولين بالدولة وفق مسطرة واحدة، وتحجيم النفوذ وحصانة المسؤولين وإغلاق كل التدخلات خصوصاً خارج المنظومة، وتوجيه رسالة شديدة اللهجة بأن موارد الدولة ليست ملكية خاصة بل تخضع لنظام الدولة الرسمي، ولا أحد فوق القانون، والاهتمام والحرص في هذا الشأن يحمي الدولة من عدة جوانب ونتائج الفساد ليست خفيه على أحد فقد تسببت في إفلاس منظمات كبرى وانهيار الدول. الآن صوت العقل يجب أن يسود، فسمعة الكويت وتعزيز ثقة المجتمع بالنظام في غاية الأهمية.