أنسنة الخطاب الإعلامي: «dw» العربية نموذجاً (2)
تميزت «dw» في تغطية المأساة التي هزت الضمير العالمي، وفتحت أبواب ألمانيا للاجئين السوريين، وغيرها من الوثائقيات مثل: «رحلة مستحيلة: نضال وحلم العودة إلى «غزة»، و «نازحون: لعنة النفط وأزمة فنزويلا»، و «قصص اللاجئين من القرن الإفريقي إلى أوروبا»، و «رحلة عبر الجحيم: الهجرة نحو أوروبا».
ذكرت سابقاً أن الرسالة الإعلامية لفضائية «dw» العربية تتسم بالأنسنة، كونها تنحاز في مختلف برامجها إلى الفئات المهمشة والمستضعفة والمضطهدة والمستغلة والمنتقصة حقوقها في مواجهة الشركات العالمية والدول والقوى والجماعات التي تسعى إلى فرض هيمنتها واستغلال الإنسان الضعيف، وهي في سبيل ذلك لا تتوانى عن كشف الممارسات غير الإنسانية وغير الأخلاقية لهذه الشركات والجماعات والقوى والدول بما فيها حكومتها وشركاتها الوطنية، عملاً بمبدأ «قل الحق ولو على نفسك»، المعبر عنها قرآنياً «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا».المضامين الرئيسية لرسالة «dw»:
1- الدفاع عن حقوق العمالة الضعيفة في مواجهة الشركات العالمية.2- ملاحقة أنشطة هذه الشركات في قارات العالم، وكشف ممارساتها الاستغلالية عبر شبكة مراسليها، وإعداد وثائقيات استقصائية عنها.3- تبني قضايا المرأة ودعم حقوقها، وتسليط الأضواء على مظاهر العنف والتمييز والاستغلال الممارس ضدها تشريعاً وواقعاً عبر العالم، كما في وثائقيات: «العنف ضد النساء في تركيا»، و«غشاء البكارة وعذرية الفتاة وجرائم الشرف»، و«سوق بيع النساء المراهقات والعذارى»، و»تجارة الجنس في نيجيريا: دعارة قسرية».4- الانحياز لحقوق المهاجرين، وتبني قضاياهم، وتسليط الأضواء على معاناتهم، والقيام بزياراتهم في سكنهم وإجراء حوارات معهم، والسعي لحل مشاكلهم لدى الجهات المختصة، ومحاولة لمّ شمل الأسر المهاجرة المتفرقة في المدن الألمانية، عبر العديد من البرامج. انظر على سبيل المثال التغطية الإعلامية المتميزة لصورة الطفل السوري الغريق إيلان كردي على شاطئ بودروم التركي، وكيف تميزت «dw» في تغطية المأساة التي هزت الضمير العالمي، وفتحت أبواب ألمانيا للاجئين السوريين، وغيرها من الوثائقيات مثل: «رحلة مستحيلة: نضال وحلم العودة إلى غزة»، و«نازحون: لعنة النفط وأزمة فنزويلا»، و«قصص اللاجئين من القرن الإفريقي إلى أوروبا»، و«رحلة عبر الجحيم: الهجرة نحو أوروبا».5- مواجهة العنصرية والعنف والتطرف وكشف الجذور التاريخية للتطرف المعاصر، مثل: «الجذور التاريخية للنازية»، و«اليمينيون الشعبويون في أوروبا»، و«التطرف والاعتدال: إندونيسيا بين التسامح والتطرف الإسلامي»، و«مسلمو روهينغا».6- مؤازرة الجهود العالمية لحماية البيئة من الملوثات والانبعاثات، وترشيد استهلاك الموارد والطاقات، وصيانة كوكب الأرض من الدفيئة والمبيدات، وتشجيع البحث العلمي الهادف إلى تطوير مصاد للطاقة صحية ومستدامة. تعد «dw» رائدة في كشف تلاعب فولكس فاغن بنِسَب العادم (فضيحة انبعاثات الديزل)، وانتقاد السياسة الزراعية الأوروبية (هدية مسمومة)، والعمل على إنقاذ البحار والأنهار من التلوث (النهر الأكبر تلوثاً: إنقاذ سيتاروم)، والتحذير من ارتفاع منسوب البحر (زحف البحر)، وكشف التأثيرات السمية للمبيدات التي تستخدمها شركة باير الألمانية في المزارع على النحل، وخسائر مربي النحل، وضغوطها على العلماء لإخفاء سميتها. ولطالما حذرت القناة من استخدام طاقة الفحم المدمر للمناخ رغم أن مناجمها تساهم في توفير وظائف للألمان، وهي أولى الفضائيات في تسليط الأضواء على مشكلة النفايات البلاستيكية لكورونا. 7- الحفاظ على التراث الإنساني في الدول الفقيرة من النهب والسرقة من قبل الطامعين الأغنياء (كنوز إفريقيا المنهوبة).8- أولوية صحة وسلامة الإنسان، كما في عشرات البرامج والوثائقيات المعنية بكشف الأضرار الجانبية الخفية للأدوية والأطعمة التي تروجها الشركات باعتبارها آمنة.9- كشف تورط الشركات الألمانية بالتواطؤ مع جهاز المخابرات في تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات بالمخالفة للقانون كما في (صادرات مميتة)، و(اليمن: تجارة الأسلحة).10- تتبع وفضح الممارسات الإجرامية ضد الإنسانية (مجرمو الحرب في ألمانيا).11- تبني الدعوة إلى نظام (التجارة العادلة) بين المزارعين الفقراء والشركات الأوروبية. خلاصة: تقف هذه القناة كالديدبان الحارس للقيم الليبرالية الغربية، ناقدة حتى سياسة حكومتها. انظر (يد ألمانيا الخفية في صراعات المنطقة العربية)، وهي في رسالتها تستمد دعمها من قوة «المجتمع المدني الألماني».أخيراً: لعلي وفقت في تقديم نموذج إعلامي إنساني مختلف في عالم لا يمل من الشكوى من إعلامه.*كاتب قطري