برزت مؤشرات مفادها أن كوريا الشمالية وسّعت في الفترة الأخيرة جهودها الدعائية على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما المنصات الغربية المشهورة عالمياً على غرار "يوتيوب".يُعتبر تنامي أعداد مستخدمي يوتيوب في كوريا الشمالية خير مثال على التطور الحاصل، إذ يروّج هؤلاء لبلدهم عبر مشاهد واضحة من الحياة اليومية ويختارون أسلوباً شخصياً وغير رسمي يُستعمل على نطاق واسع في بلدان أخرى.
لكن لا تكتفي بيونغ يانغ باستخدام قنوات مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض دعائية، بل يذكر واحد من أحدث التقارير التي نشرتها جامعة "كيم إيل سونغ" أن البلد يعتبر المواقع الأجنبية "مصدراً جيداً" لإعداد التقارير.تعترف الجامعة في تقريرها بأن ذكر وسائل التواصل الاجتماعي قد يقوي "سرعة وتأثير" التقارير الإخبارية وفق الصحيفة الإلكترونية "إن كيو إيكونومي" في سيئول.شددت الجامعة تحديداً على منصتَين من مواقع التواصل الغربية، وهما "فيسبوك" و"تويتر"، وطرحت تفاصيل عنهما: "في ما يخص الشبكات الاجتماعية الكبرى، يبرز "فيسبوك" و"تويتر"، إذ يُعتبر فيسبوك أكبر شبكة اجتماعية في العالم وهو يضمن القيام بنشاطات اجتماعية على الإنترنت، منها تقاسم الرسائل النصية والصور والحكايات بين الناس، أما "تويتر"، فهو شكل من خدمات التواصل الاجتماعي ويسمح للمشتركين بنشر معلوماتهم الخاصة وتبادل الأخبار". تابعت الجامعة تصريحها وتكلمت عن منافع إعداد التقارير عبر استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها اعترفت بأن تحديد دقة البيانات وقيمتها ومصداقيتها يبقى محدوداً على بعض المستويات: "هذا الوضع يفرض على الصحافيين أن يحسنوا أحكامهم ويختاروا الأخبار المناسبة ويُحددوا طبيعة المعلومات ويكتسبوا قدرات تحليلية".على صعيد آخر، شددت الجامعة على أهمية استخدام تلك المواقع لإعداد التقارير الإخبارية، مع أنها لم توضح مدى استعمال الصحافيين في كوريا الشمالية لتلك الشبكات في عملهم. لكنها أضافت أن المراسلين هناك يستخدمون البيانات المتاحة في مختلف المواقع الإلكترونية "على نطاق واسع"، بما في ذلك "ناينارا" الذي يسمح لهم بجمع عدد أكبر من المعلومات وبوضوح مضاعف. "ناينارا" بوابة إلكترونية كورية شمالية تتمتع بخصائص مشابهة لمحرك "غوغل"، منها البحث عبر الكلمات المفاتيح.يُعتبر هذا البحث الجامعي مثيراً للاهتمام لأنه يطرح رؤية جديدة حول العمل الصحافي في بلد منغلق.في كوريا الشمالية، يشكّل الصحافيون جزءاً من "مجموعة قوية وموثوق بها لأعلى الدرجات" في المجتمع، ومع ذلك لا يسعى الكثيرون إلى العمل في المجال الصحافي برأي المنشق الكوري الشمالي جو سيونغ ها الذي أصبح صحافياً بارزاً في كوريا الجنوبية. يوضح جو: "في كوريا الشمالية، لا يكون الصحافيون نافذين بقدر المسؤولين الحكوميين الآخرين، بل إن عدداً كبيراً منهم فقير... لهذا السبب، ينحصر اهتمامهم باستخدام معارفهم كي يصبحوا مسؤولين مرموقين في منظمة قوية أخرى وكي يعترف بهم زعيم كوريا الشمالية عبر نشر تقارير تحمل مجاملات كبرى، وتنمّ عن أعلى درجات الوطنية. نتيجةً لذلك، لا تُنشَر أي تقارير نقدية وتعجّ وسائل الإعلام الكورية الشمالية بمعلومات تُشجّع الآخرين على التعلم من البلد والسير على خطاه".لكن قد يكون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أوائل مؤشرات التغيير، فقد طرح "تلفزيون كوريا المركزي" الحكومي في كوريا الشمالية شكلاً جديداً من التقارير حين اجتاحت الأعاصير البلد حديثاً، فبثّ برنامجاً مباشراً على مدار 24 ساعة لتغطية إعصار "بوبي" في شهر أغسطس الماضي.في تلك الفترة، ظهر صحافي في البرنامج وقدّم تقريراً حياً عن أحوال الطقس (هطول الأمطار، سرعة الرياح، مؤشرات تحذيرية من الفيضانات)، حيث تعتبر وسائل الإعلام الكورية الجنوبية هذا الأسلوب في تغطية الأحداث "غير مسبوق" و"مستوحى من الغرب".* «تاي جون كانغ»
مقالات
هل تُغيّر كوريا الشمالية نهجها الصحافي؟
14-09-2020