تركيا تسحب «أوروتش» من المتوسط واليونان ترحّب وتتسلّح
مستشار إردوغان يتغزّل بالجيش المصري ويدعو للتقارب... وشكري ينظر للأفعال لا التصريحات
سحبت تركيا سفينة استكشاف عن الغاز والنفط من مناطق متنازع عليها في شرق البحر المتوسط، وسط ترحيب من اليونان، التي أعلنت عن صفقة تسلح من فرنسا وسط التوتر مع جارتها، في حين امتدح مستشار الرئيس التركي الجيش المصري واتهم بعض الدول بمحاولة تحريضه على محاربة بلاده.
في ظل ضغوط دولية وتلويح أوروبي بعقوبات صارمة على تركيا، بحال لم تقم بخطوات لتهدئة التوتر في المنطقة، عادت سفينة الأبحاث والتنقيب التركية «أوروتش رئيس» إلى ميناء أنطاليا جنوب تركيا، أمس. وأفادت تقارير تركية شبه رسمية بأن السلطات التركية لم تمدد مهمة السفينة التي انتهت، أمس الأول، مشيرةً إلى أن قرار عدم تمديد مهمّتها يُعدّ «خطوة لإعطاء فرصة للدبلوماسية»، ولفتت إلى أن ذلك مرتبط بمحاولات حلف شمال الأطلسي «الناتو» لإطلاق محادثات بين اليونان وتركيا.وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أن سحب السفينة لا يعني تخلي بلاده عن حقوقها في شرق المتوسط.
وقام آكار بزيارة، أمس، إلى منطقة كاش الساحلية المقابلة لجزيرة كاستيلوريزو اليونانية، الواقعة على بعد كيلومترين فقط عن السواحل التركية، بالتزامن مع زيارة رئيسة اليونان كاترينا ساكيلاروبولو لها. وقال: «نحن دائما إلى جانب السلام. في حال تلبية طلباتنا، فنحن إلى جانب الحوار والحل، وننتظر من الطرف الآخر الشيء نفسه». وشن الوزير التركي هجوما لاذعا على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واعتبر أن تصريحاته الأخيرة ضد أنقرة تنم عن إفلاسه، مجدداً انتقاد أنقرة، التي تدعم جمهورية القبارصة الأتراك، لرفع الولايات المتحدة حظر التسلح الذي كان مفروضا على قبرص اليونانية المعترف بها دوليا أخيراً.جاء ذلك غداة تصريحات شديدة اللهجة أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، محذراً خلالها ماكرون، الذي يقود جهوداً لتوحيد الصف في الاتحاد الأوروبي ضد أنقرة، من «العبث مع تركيا»، بالإضافة إلى دعوته أثينا إلى «عدم الوقوع في فخ مصالح دول أخرى».
ترحيب وتسلُّح
في غضون ذلك، أعرب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عن ترحيبه بعودة السفينة، معتبرا أن ذلك خطوة أولى إيجابية من جانب تركيا لتخفيف التوتر، وستكون تمهيدا لتحسن الوضع في العلاقات الثنائية.وأضاف ميتسوتاكيس: «آمل أن تكون هناك استمرارية. نريد التحدث مع تركيا، لكن في مناخ خال من الاستفزازات». وتابع أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلة الوحيدة بين البلدين، وهي ترسيم حدود المناطق البحرية.ورحبت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، في بيان، باختيار اليونان طائرات «رافال». وقالت إنّ «الاختيار سيسمح بتكثيف التعاون الدفاعي».وأضاف البيان أن «باريس تواصل عملها لمصلحة أوروبا دفاعية أقوى وأكثر استقلالية ووحدة، وفقا للتوجهات الاستراتيجية» للرئيس ماكرون.قلق أميركي
من جهته، حضّ وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة لقبرص، تركيا على وقف الأنشطة التي تُثير التوتّر في شرق البحر المتوسّط، داعياً جميع الأطراف إلى دعم السبل الدبلوماسيّة.وقال بومبيو، في نيقوسيا بعد اجتماع مع رئيس جمهوريّة قبرص نيكوس أناستاسيادس ووزير الخارجيّة نيكوس خريستودوليدس: «ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء عمليّات تركيا المستمرّة» في شرق المتوسّط.«قاعدة إنجرليك»
من جانب آخر، قال السناتور الأميركي، رون جونسون، إن واشنطن عليها أن تستعد للأسوأ، في حال اضطرت إلى الخروج من قاعدة إنجرليك في تركيا بسبب السياسة الخارجية للرئيس إردوغان، والتي وصفها بـ»المقلقة».وذكر تقرير أميركي، أمس، أن إردوغان هدد عدة مرات بمنع دخول الأميركيين إلى القاعدة، التي تحتوي على عشرات القنابل النووية الأميركية، وذلك منذ إحباطه محاولة الانقلاب في عام 2016.غزل تركي
إلى ذلك، رأى مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، ياسين أقطاي، أن التواصل بين تركيا ومصر ضروري رغم الخلافات بين رئيسي البلدين إردوغان وعبدالفتاح السيسي، واصفاً الجيش المصري بـ«جيش أشقائنا».وقال أقطاي إنه لا معلومات دقيقة لديه حول تفاهمات بين أنقرة والقاهرة حول ليبيا، لكنه أردف: «حسبما أسمع وأرى فإن هناك تقاربا وتواصلا بين الأطراف»، مؤكداً أن بلاده لا تحتل ليبيا، بل تحاول إحلال السلام وتسليم البلاد لأهلها، وأعرب عن أمل تركيا بأن «تتبع مصر هذا النهج». وأعاد مستشار إردوغان التأكيد على أن الجيش المصري لن يقاتل نظيره التركي في ليبيا، وتابع قائلا: «الجيش المصري جيش عظيم، نحن نحترمه كثيراً، لأنه جيش أشقائنا»، متهماً دولة خليجية وفرنسا بتحريض الجيش المصري على محاربة بلاده، «لكنّ هذا شيء مستحيل، ولن يحدث».وأضاف: «لا نتمنى ولا ننتظر من الجيش المصري أن يعادي تركيا، وهذا لا يعني أننا خائفون منه، لكننا لا نريد أن نواجه أي دولة مُسلمة».وهاجم أقطاي جامعة الدول العربية بسبب إدانتها التدخل التركي في شؤون دول عربية، ضمن القرار الصادر عن اجتماع الجامعة على مستوى وزراء الخارجية.ولفت مستشار إردوغان إلى أن بلاده تمتلك الحق الأكبر بالدفاع عن العرب، مشيرا إلى أن «عدد العرب المتواجدين في تركيا يبلغ أكثر من 10 ملايين شخص، بينما عدد العرب في بلاد أخرى لا يتجاوز المليون مواطن».ولاحقاً، علق شكري على التصريحات التركية، مشدداً على أنَّ القاهرة ترصد الأفعال لا الحديث والتصريحات، لأن الحديث إن لم يكن متفقا ومتوافقا مع سياسات تعزز من الاستقرار وتتسق مع قواعد العلاقات الدولية فلا يصبح له أهمية. واتهم شكري أنقرة بتبني «سياسات توسعية مزعزعة للاستقرار في المنطقة». ورأى أن ذلك «لا يقود لحوار وتفاهم وبدء صفحة جديدة».
بومبيو يؤكد في قبرص قلق واشنطن من التحركات التركية