مؤسسة لوياك: أكثر من ثلث شباب الكويت يتعرضون للتنمُّر والتمييز والمضايقات اللفظية

خطوات عملية اتخذتها المؤسسة لمكافحة ظاهرة سوء المعاملة من خلال ورش عمل توعوية منهجية
في استبيان للمؤسسة حول قضية العنف شمل 1745 مشاركاً

نشر في 14-09-2020
آخر تحديث 14-09-2020 | 00:04
ضمن الجهود التي تبذلها مؤسسة لوياك في خدمة المجتمع، وانطلاقاً من الأثر السلبي للعنف على أخلاق الشباب وسلوكياتهم العامة، أجرى قسم الدراسات والأبحاث في "لوياك" استبياناً حول هذه القضية، مستعيناً بتجارب مجموعة من الشباب المشاركين في برنامج "لوياك" للتدريب المهني (درب) 2018، والذين بلغ عددهم 1745 مشاركا.

وتهدف هذه الدراسة إلى التعرُّف على مدى إدراك المتقدمين للبرنامج لحالات العنف، ووعيهم لها. وقد جمع الاستبيان بيانات كميَّة عن تصورات العنف، ومدى انتشاره، والأمكنة التي يرجح وقوعه فيها، وردود أفعال الشباب حيال هذه الحالات. وقد طوَّرت إدارة تقنية المعلومات في "لوياك" برنامجاً إلكترونياً لتقييم المقابلات الشخصية، وتم استخدام هذا البرنامج لإجراء الاستبيان، وامتدت فترة التقديم للبرنامج من 20 مارس 2018 إلى 30 يوليو 2018.

وقد شكَّل المشاركون الكويتيون النسبة الأكبر من عينة الاستطلاع (71 في المئة)، وكان إقبال الإناث على المشاركة أكبر، حيث شكَّلن 61 في المئة من العينة، التي شملت سكان جميع محافظات الكويت، ومثلت محافظة حولي أكبر نسبة من العينة (37 في المئة)، في حين أتت أقل نسبة من المشاركين بمحافظة الجهراء (7 في المئة).

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن أكثر من ثلث الشباب المشاركين في الاستبيان من الإناث والذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و27 عاماً في الكويت يتعرضون إلى نسبة عالية من أنواع سوء المعاملة، المتمثلة في العنصرية والتنمر والمضايقات اللفظية، وأفاد أربعة من كل عشرة (42 في المئة) عن تعرضهم للتمييز، فيما صرَّح 36 في المئة عن تعرضهم للتنمر، وأكد 31 في المئة تعرضهم للمضايقات اللفظية. ولفت أكثر من 30 في المئة إلى امتناعهم عن اللجوء إلى الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين أو القنوات الرسمية للإبلاغ عن هذه الحالات ومعالجة آثارها.

تفاوت نسب انتشار سوء المعاملة بين الجنسين

أظهرت نتائج الدراسة تفاوت نسب انتشار بعض أنواع سوء المعاملة بين الجنسين من المشاركين. وفيما كانت نسبة انتشار التعرض للتمييز متقاربة (43 في المئة للذكور، و42 في المئة للإناث)، فقد بدا التفاوت ملحوظاً في الأنواع الأخرى، حيث يعاني من انتشار التنمر 40 في المئة من الذكور، مقارنة بـ 32 في المئة من الإناث. وكانت الإناث أكثر عُرضة للوقوع ضحية للمضايقات اللفظية (49 في المئة)، مقارنة بالذكور (13 في المئة). وأكد 22 في المئة من الذكور انتشار الاعتداء البدني بينهم، مقارنة

بـ 8 في المئة فقط من الإناث.

إدراك المشاركين لماهية العنف

كان العنف اللفظي والإهانات (75 في المئة) والعنف الجسدي (74 في المئة) أكثر أنواع السلوك العنيف التي اعتبرها المشاركون سوء معاملة. ورأى 22 في المئة فقط من المشاركين أن الإهمال يُعد عنفا، فيما وصفت 75 في المئة من الإناث اللمس غير المرغوب فيه بأنه يُشكِّل عنفا، مقارنة بـ 62 في المئة فقط من الذكور. ويشير هذا الاختلاف فيما يتعلق بالعنف على النحو الذي ورد ذكره آنفا إلى أن بعض المشاركين الذكور لا يعتبرون بعض أشكال العنف سوء معاملة، وبالتالي لا يستنكرونها.

خطوات عملية لمواجهة التنمُّر
لمواجهة ظاهرة انتشار العنف التي رصدها الاستبيان، بدأت "لوياك" باتخاذ خطوات عملية لمواجهة التنمر في المؤسسات التعليمية وأماكن العمل، وكانت أولى هذه الخطوات، هي تنظيم ورش عمل لمكافحة التنمر والحد من آثاره السلبية، بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأوروبي في الكويت، وقدمت الورش د. هيلينا ميرفي من المركز الوطني لأبحاث وموارد مكافحة التنمر في أيرلندا، وقد قدمت الورش للمتدربين المشاركين في برنامج لوياك للتدريب المهني.

ويستمر تعاون "لوياك" مع المركز الأيرلندي لإعداد دليل إرشادي للتربويين يتضمن الطرق السليمة للتعامل مع حالات التنمر والحد من حدوثها في المؤسسات التعليمية. وسيتبع هذه الخطوة دورات تدريبية يقدمها المركز الأيرلندي لتجهيز مدربين من منتسبي "لوياك"، والذين بدورهم سيقدمون دورات بالمؤسسات التعليمية في الكويت، بهدف بناء قدراتها في مجال مكافحة التنمر.

كما أطلقت "لوياك" حملة توعوية بوسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى نشر الوعي بين الشباب، وتوضيح أساليب التعرف على التنمر والتعامل معه، للحد من تطوره لأشكال عنف أخرى، وانطلقت الحملة بفيديو توعوي عن هذه الظاهرة لقي تفاعلا إيجابيا كبيرا من الشباب وأولياء الأمور في منصات التواصل الاجتماعي. وتم عرض الفيديو في دور السينما، بالتعاون مع شركة السينما الكويتية الوطنية (سينسكيب). وتأتي هذه المبادرة في إطار الحملة التوعوية التي تطلقها "لوياك" لمواجهة ومكافحة العنف والتنمر في المجتمع الكويتي.

المدارس والجامعات أكثر الأماكن المنتشر فيها العنف

بلغ متوسط نسبة الشباب من الإناث والذكور الذين تعرضوا للعنف في المدارس أو الأماكن العامة، كالمستشفيات أو الأسواق المركزية أو مجمعات التسوق أو الشارع 53 في المئة، أي أن هناك حاجة كبيرة جدا إلى إيجاد بيئة لحماية الشباب في المرافق العامة والمدارس بالكويت.

وقد أظهرت إجابات المشاركين أن المدارس والجامعات تشهد حدوث أكثر حالات العنف، حيث تحدث 56 في المئة من الحالات بأروقتها، وهذا ينسجم مع حقيقة أن 90 في المئة من جميع المشاركين في الاستطلاع كانوا من الفئة العمرية 18-24 سنة.

وتتفاوت البيئات التي يرجح أن يحدث فيها العنف وفق الجنس، وكانت الأماكن العامة، مثل: المجمعات التجارية والأسواق المركزية والمستشفيات والشوارع العامة... إلخ، هي البيئات التي حدثت فيها معظم حالات العنف ضد الإناث بنسبة 57 في المئة، مقارنة بـ 39 في المئة للذكور.

ومن جهة أخرى، كانت المدرسة أو الجامعة البيئة التي شهد فيها الذكور معظم حالات العنف، حيث بلغت نسبة حالات تعرض الذكور للعنف في المدرسة أو الجامعة 65 في المئة، مقارنة بـ 50 في المئة للإناث.

توزُّعه بين المحافظات

ويشير توزيع البيانات وفق المحافظة إلى أن 58 في المئة من الإناث بمحافظة مبارك الكبير اشتكين من المضايقات اللفظية، أي أعلى بنسبة 9 في المئة مقارنة بمتوسط حالات المضايقات اللفظية في جميع المحافظات. وإضافة إلى ذلك، أبلغ 24 في المئة من الذكور في محافظة الأحمدي عن حالات عنف جسدي (10 في المئة)، وهي النسبة الأعلى من متوسط حالات العنف الجسدي بجميع المحافظات.

عزوف عن اللجوء للقنوات الرسمية

لم يكن هناك أي تفاوت بين الجنسين في النسب المئوية التي اختارت عدم اتخاذ أي إجراء تجاه تعرضهم للعنف أو سوء المعاملة، وعلى سبيل المثال كانت إجابة 23 في المئة من الذكور، و20 في المئة الإناث: "لم أخبر أحداً بما حصل"، في حين أجاب 29 في المئة من الذكور، و32 في المئة من الإناث: "لم يتم اتخاذ أي من الإجراءات المذكورة أعلاه".

ومن المثير للقلق أن الضحايا لم يبلغوا عمَّا يصل إلى ثلث جميع حالات العنف. ورغم أن الذكور أبلغوا معلميهم أو الاختصاصيين الاجتماعيين في المدرسة عن تعرضهم للاعتداء أكثر من الإناث بنسبة 22 و14 في المئة على التوالي، فمن المرجح أن يكون هذا التباين بسبب حقيقة أن معظم حالات العنف بين الذكور وقعت في المؤسسات التعليمية.

وجدير بالذكر، أن الإناث أبلغن أفراد أسرهن عن حالات العنف بنسبة أكبر، بواقع 10 في المئة من الذكور.

وأشارت نتائج الاستبيان إلى أن الشباب يشعرون بدرجة أكبر بالأمان عند اللجوء إلى الأصدقاء أو العائلة للحصول على الدعم، بدلا من الذهاب إلى اختصاصي اجتماعي أو معالج نفسي متخصص أو القنوات الرسمية، وهو ما قد يعكس عدم ثقتهم بسبل العلاج النفسي والقنوات الرسمية الحالية. وربما لا يؤمن الشباب بأن تجربتهم حقيقية تستحق العلاج والدعم النفسي من المختصين، مع الأخذ في الاعتبار أنه في حالة التعرض لتجربة مؤلمة وعدم التعامل معها بالشكل المناسب، يمكن أن تصبح متجذرة في أوساط البالغين الشباب، ثم تزيد حدتها بعد ذلك، وتتحول إلى مشاكل تؤثر سلبا على نمو شخصياتهم. لذلك لابد أن تتناول الدراسات المستقبلية أسباب عدم اتصال الضحايا بالمختصين بهذه الحالات والسُّلطات المعنيَّة، وتحديد الإجراءات التي تتخذها الشرطة أو الاختصاصيون الاجتماعيون والنفسيون، ومدى توافر مكان آمن يستطيع الضحايا اللجوء إليه، فضلا عن مدى حساسية المجتمع تجاه مختلف أشكال سوء المعاملة والعنف، ومدى تقبل أو رفض ثقافة المجتمع لهذه الحالات.

مركز الإرشاد النفسي والتوجيه الأسري
في سياق بحث أسباب ومظاهر انتشار العنف في المجتمع، طرح قسم الاتصالات في "لوياك" مجموعة من الأسئلة على مركز الإرشاد النفسي والتوجيه الأسري التابع لوزارة التربية، والمؤلف من نخبة من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين بمدارس الكويت، حيث أفادت المتحدثة باسم المركز خلود الكندري، بأنه يتم التعامل مع جميع الحالات المعنفة بمنهجية وطرق مدروسة، فإذا كان التعنيف من الأسرة يتم تطبيق برنامج توعوي خاص للطفل والأسرة من قبل الباحث النفسي، وإذا لوحظ تأثر الطفل تأثراً حاداً بهذه السلوكيات، يتم تحويله لإدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية، لوضع خطة علاجية بواسطة دكاترة متخصصين أكاديميين، وتطبيقها على الطفل في أسرع وقت ممكن.

ولفتت إلى أن مكتب الإنماء الاجتماعي التابع لمجلس الوزراء يستقبل تلك الحالات من جميع الأعمار، ويقدم لهم كل أشكال الدعم النفسي في سريَّة تامة، إضافة إلى إنشاء جمعية خاصة لحقوق الطفل مخصصة للتعامل مع حالات العنف الممارس ضد الأطفال.

من جانبها، أوضحت الاختصاصية النفسية د. خلود الثويني أن معظم الشكاوى تكون بسبب تعنيف الوالدين وأولياء الأمور، بسبب اختلاف الأفكار والثقافة بين جيلين مختلفين، حيث يتم التعامل في هذه القضايا بصورة ودية، ومحاولة إرضاء الطرفين، كما يتم تعرض بعض الأطفال للتعنيف من الخدم والعمالة المنزلية، وفي هذه الحالات يتم تقديم برامج توعية للطفل وولي الأمر حول آلية التصدي لهذه الظاهرة.

وأضافت: "أما في حال التعرض لأحد ممارسات سوء المعاملة داخل أسوار المدرسة، فيتم تطبيق عقوبات تأديبية من المسؤولين ضد المعنف، مثل التعهد والفصل ومجلس النظام، وفي حال التعرض لأحد أشكال سوء المعاملة خارج أسوار المدرسة، فقد خصصت منطقتا العاصمة التعليمية ومبارك الكبير التعليمية يومين بالأسبوع لتلقي الشكاوى وتقديم الاستشارات للضحايا في إحدى المدارس، من الرابعة عصراً حتى الثامنة مساءً، كما يمكن التواصل وطلب المساعدة من خلال رقم خاص تم تحديده لهذا الغرض.

توصيات الدراسة

أوصت الدراسة بضرورة تركيز الجهود لتهيئة بيئة حاضنة قادرة على تشجيع الشباب ومساعدتهم على الإبلاغ عن هذه الاعتداءات، كما يحتاج المجتمع أيضاً إلى المزيد من الوعي بأهمية طلب المساعدة النفسية الاختصاصية بعد التعرض للتجارب المؤلمة.

وأكدت الدراسة أنه يجب توحيد جهود مؤسسات الدولة المختصة، بهدف بناء مجتمع صحي وقائي يحمي ويدعم الشباب الناشئ من الجنسين، فالشباب يستحقون أن يعيشوا حياة آمنة في بيئة صحية تمنح الرعاية والتمكين اللازم لهم لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم، وخدمة وإنجاح المجتمع ككل.

منظمة غير ربحية

تُعد "لوياك" منظمة غير ربحية رائدة في مجال التنمية الشاملة للشباب على مستوى الشرق الأوسط، تأسست عام 2002، تحت شعار: "شباب مستنير من أجل السلام والرخاء"، وتهدف إلى دعم أكبر عدد ممكن من الشباب عن طريق تقديم الفرص الوظيفية والتجارب الحياتية التي تتيح لهم الارتقاء في سلم الإنسانية.

وإضافة إلى فرع "لوياك" الرئيسي في الكويت، فإن لها فروعا أخرى في الأردن ولبنان واليمن، والتي تعاونت جميعها في تحقيق الرؤية المنشودة، وهي النهوض بالشباب العربي، وتوعيتهم على مختلف الأصعدة. وأثمر هذا التعاون حصول "لوياك" على عدة جوائز عالمية مهمة، مثل جائزة الشايو لحقوق الإنسان عام 2018.

نسب انتشار سوء المعاملة متفاوتة بين الجنسين

53% من الشباب تعرضوا للعنف في المدارس والأماكن العامة
back to top