يعقوب عبدالله: أجد نفسي في الأدوار المركبة
«المخرجون يسندون لي أعمالاً تحمل أبعاداً نفسية غير نمطية»
أكد الفنان يعقوب عبدالله أن التحدي يتمثل في تقديم الشخصيات المركبة والمعقدة بسلاسة ومرونة، وهو ما يبحث عنه في أعماله، إذ إن الأدوار البسيطة أو النمطية لا تستهويه، ومن هذا المنطلق جاء تجسيده شخصية طارئة على الدراما الخليجية، من خلال دور سجين بمسلسل «في ذاكرة الظل»، وتبعه دور لا يقل إثارة في «عداني العيب»، حيث جسد شخصية أحد أبناء دور الرعاية، وكشف عبدالله، في حوار مع «الجريدة»، عن استعداداته لانطلاق تصوير مسلسله الجديد «الروح والرية»... وفيما يلي التفاصيل:
• انطلق مؤخرا عرض مسلسل «عداني العيب»، فما ردود الفعل حوله؟- بمجرد عرض الحلقة الأولى بدأت تلقي ردود الفعل على الشخصية التي أؤديها، وجاءت التعليقات حتى الآن طيبة جدا، ربما فوجئ الجمهور بشخصية «راشد»، لكني لم أبتعد عن الخط الذي رسمته لنفسي منذ البداية، وهو تجسيد الأدوار المركبة غير البسيطة، حيث أجد نفسي، وأعتقد أنني أجيد التغريد في تلك المساحة بحرية.
• كيف جاءت مشاركتك لتجسيد دور «راشد» في المسلسل؟- أشعر أحيانا بأن مثل هذه الأدوار صنعت من أجلي، والمخرجون يعلمون ذلك جيدا ويرشحوني للأدوار التي تليق بي، فليس كل الفنانين يبحثون عن شخصية تحمل أبعادا نفسية غير معتادة، بل يميل الأغلبية إلى الأدوار النمطية المتعارف عليها، وهو ما لا يروق لي أو يجذبني، لذلك أعتذر عن مسلسلات مهمة لأني لا أجد نفسي في الدور، كمسلسلي «جنة هلي» و»دفعة بيروت»، واكتفيت في رمضان الماضي بالظهور «في ذاكرة الظل» بشخصية «وليد» التي تلقيت عنها إشادة كبيرة.
أعماق الشخصية
• هل هناك تشابه بين «وليد» و«راشد» من وجهة نظرك؟- فقط «الشارب»، وهو من الأمور الطريفة التي حدثت أثناء التصوير، فقد تزامن انطلاق تصوير مسلسل «عداني العيب» قبل رمضان الماضي مع تصوير دور «وليد» بـ «في ذاكرة الظل»، والذي كان يمتلك شاربا وفقا لملامح الشخصية التي رسمها المؤلف، وطلبت حينها عدم تصوير مشاهدي في «عداني العيب» حتى أنتهي من المسلسل الرمضاني وأزيل الشارب، لكن كان لزاما دخول تصوير العملين معا لأظهر بذات الشارب، لذلك لن يجد الجمهور اختلافا في الشكل بين «راشد» و«وليد». لكن الفارق هنا سيكون بين الملامح النفسية الداخلية للشخصين، فـ«وليد» الذي قضى 10 سنوات من عمره داخل أسوار السجون، ورغم ما يبدو عليه من هدوء فإنه عنيف من الداخل نتيجة قسوة التجارب التي مر بها، فيسعى للعزلة ويتخذ موقفا عدائيا من الناس التي تستقبله حين الخروج من السجن بذات النظرة العدائية حتى إخوانه وأهله.أما «راشد» ففي أعماقه إنسان طيب ومنكسر نشأ في دار للرعاية، ويسعى إلى الالتصاق بالناس، وتكوين أسرة وأصدقاء، فهو يفتقد المجتمع الذي حرم منه بفعل ظروفه القاسية أيضا، ولذلك فإن الشخصيتين على النقيض.العمل القادم
• اعتذرت عن «جنة هلي» وعدت للتعاون مع منير الزعبي في «الروح والرية» كيف تفسر ذلك؟- منير من المخرجين المحترفين الذي أتشرف بالعمل تحت قيادته في موقع التصوير، لانه يمتلك أدواته ويعلم جيدا ماذا يفعل، ورؤيته الإخراجية بصمة على كل عمل يقدمه، لذلك أنا سعيد بأن العمل القادم سيجمعني به، واعتذاري عن عمل وقبولي آخر لا يكون لأمور شخصية، فالفيصل عندي هو السيناريو، وأهتم بجودة ما يقدمه الكاتب من خيوط درامية، لذلك حين بدأ مشروع التعاون مع منير في «الروح والرية» وجدته وضعني في المكان الصحيح، لذلك لم أتردد في المشاركة، فضلا عن أن القصة مختلفة وموضوعة بدقة. • ما الشخصية التي تقدمها من خلال العمل؟- ليس مسموحا لي بالكشف عن ملامح الشخصية قبل انطلاق التصوير، وفقا للاتفاق مع جهة الإنتاج، التي تعكف حاليا على التفاوض مع القنوات لتحديد موعد عرض المسلسل، ومن ثم انطلاق تصويره قريبا، لكن المسلسل بشكل عام ذا طابع مميز أشبه بـ«صديقات العمر»، وهو ذلك النمط الذي يجيده الزعبي وتتفنن في كتابته المؤلفة أنفال الدويسان، حيث لكل فنان خط منفرد في العمل، وفي النهاية تجتمع الخيوط عن طريق رابط مشترك، لكن أغلب الفنانين لا يلتقون، فأنا أغلب مشاهدي مع الفنانة هبة الدري، وعن طريقها تتشابك الأحداث مع بقية الشخصيات والقصص، وهو نوع من الكتابة الدرامية أحبه جدا لثرائه وقوته وتكثيفه، حتى ان كل خط درامي يصلح أن يكون قصة عمل منفصل، ومن هنا تأتي جودة المسلسل.الأدوار النمطية
• ما الذي يجعلك ترفض المشاركة في عمل ما؟- أن يكون عاديا، كأغلب الأعمال التي نقدمها بالسنوات الأخيرة، ففي السابق كانت الأعمال دون المستوى لا تتجاوز 20 إلى 30 في المئة، والآن الأمر انعكس تماما، وأصبحت الأعمال الجيدة لا تتجاوز هذه النسبة، وللأسف أغلب الفنانين يبحثون عن الأدوار النمطية التي لا تبتعد كثيرا عن المتعارف عليه، لكن الفن يجب أن يطرح كل قضايا المجتمع وهمومه وآماله، وليس نمطا واحد يعطي صورة غير واقعية أو حقيقية.• هل ترى أن الدراما لا تقدم صورة حقيقية عن المجتمع الخليجي؟- بالتأكيد، فالدراما مؤخرا تركز على أمور هامشية، وتصورها كأنها الواقع والأغلب العام بالمجتمع، مما أعطى صورة غير حقيقية عن مجتمعاتنا، لذلك يعزف الناس عن الدراما بقوة، ويعتبرونها تحمل الكثير من الإسفاف والتهميش والبعد عن الواقع.• لذلك تقدم السجين واليتيم لتعكس الانطباع عن المجتمع الخليجي؟- الدراما تعكس عن المواطن الخليجي جوانب الرفاهية والسطحية وربما الإسفاف أحيانا، وتترك قضايا واقعية ومشكلات ملحة، لذلك فإن تجسيد دور سجين أو يتيم عاش حياته بدار للرعاية هو مصارحة ومكاشفة صادمة للمشاهد، ولكنها في النهاية تحظى بتقديره واحترامه، وتعكس جهد الفنان وموهبته ومسؤوليته في أداء رسالته الفنية أمام هموم وطنه ومواطنيه.زيارة السجن
• كيف تتعمق في الشخصية؟ هل زرت سجنا أو دارا للرعاية قبل تجسيد الدور؟- الأمر ليس سهلا، ويتطلب تصاريح وإجراءات، من ناحيتي أناقش الكاتب في الأمور التي لا أجد لها إجابة بالنص، وحين لا أجد إجابة أعتمد على نفسي، كما تعاملت عن قرب مع أشخاص خاضوا تجربة السجن ودار الرعاية، فضلا عن أن مهنتي الأساسية بالحياة، وهو عملي كمدرس لأصحاب الهمم والاحتياجات الخاصة، أعطاني خبرة كبيرة بالتعامل مع الحالات المركبة، ودفعني الى تجسيد همومهم من منطلق إنساني وحب لتلك الفئة، لذلك جسدت دور الكفيف في «كالوس»، و«المعاق ذهنيا» في «جار القمر»، ومريض الصم والبكم في «أشوفكم على خير»، وأفتخر بتلك التجارب التي تشعرني بأنه لا يزال لدي الكثير لأقدمه.
عملي مدرساً لأصحاب الهمم ساعدني على تجسيد حالات مركبة