ماذا يجري في «الداخلية»؟
هزات متكررة تكاد تصيب مصداقية وزارة الداخلية وثقة المواطن بها، لم نستوعب بعد الحكم الأولي في قضايا اختلاسات الضيافة، والذي أدان العديد من العاملين في الوزارة، حتى باغتتنا جرائم الاتجار بالبشر والنائب البنغالي المرتبط بقيادات في الداخلية، لندخل من جديد في دوامة متابعة إحدى السقطات الكبيرة للمؤتمنين على الأمن في البلد. وفي حين يتابع الشعب مسار القضيتين (الضيافة والنائب البنغالي) جاءت واقعة تسريبات أمن الدولة لتخلخل الاحترام الشعبي لهذا الجهاز القائم على سلامة الوطن، وحماية مفاصله مع اضطراب قرارات الداخلية، بإحالة أحد مديريها المعنيين بالحادثة للتقاعد ثم سحب القرار خلال ١٢ ساعة في موقف كشف الارتباك العالي في الوزارة، ثم صدم الجميع ما أعلنه النائب عادل الدمخي في جلسة طرح الثقة بوزير الداخلية عن المعاملة الشنيعة التي تلقاها أحد ضباط الداخلية من "الداخلية" نفسها لدرجة دعت أسرة الضابط للقول إنها فقدت التواصل مع ابنها ولا تعلم عن مكانه لمدة أسبوع وأكثر. ماذا يجري في "الداخلية"؟ وما العقلية التي سيطرت على هذه الوزارة في السنوات الماضية؟
فمنذ مانشيتات (الضربة الاستباقية) الكاذبة وهذه الوزارة تفقد رصيدها الشعبي، فإذا أضفنا لها تغوّل بعض النواب في الاستفادة من خدماتها انتخابياً مثل إنجاز المعاملات المخالفة، والتدخل بالقبول بكلية الشرطة، ثم المشاركة في توزيع الأفراد والضباط في المواقع المختارة، والترقيات والمهمات الرسمية، وبخلاف ما نجهله من هبات ومزايا أخرى، فإننا نرى انحرافاً واضحاً للوزارة في مسارها الأمني.إننا نعلم أن في وزارة الداخلية رجالاً ونساءً أوفياء للوطن مخلصين في العمل صادقين في عطائهم، شاهدناهم بوضوح في أزمة كورونا بكل موقع يعملون بلا كلل ليل نهار في الشوارع والمحاجر ووقت الحظر، وإن مثل أولئك المخلصين يحزنهم ما يرونه ويسعون إلى الإصلاح قدر استطاعتهم لكن الشللية أبعدتهم والأيادي المتسلقة حاربتهم لا سيما الرتب الانتهازية التي تتخذ من الوظيفة مغنماً ومكسباً على حساب المصلحة العامة. وإن رسالتنا للحكومة الموقرة أن تتدارك ما يجري في وزارة الداخلية، وأن تعيد الهيبة والوقار والصرامة للمؤسسة الأمنية لتمارس دورها الصحيح في خدمة الشعب والوطن بحيادية تامة وكفاءة عالية، فتسترجع ثقة المجتمع بعيداً عن الانجراف في الصراعات السياسية أو تجيير أعمالها للخدمات الانتخابية، والله الموفق.