جنديان من ميانمار يعترفان بارتكاب أعمال وحشية في راخين
![ذي دبلومات](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1616610621333007000/1616610658000/1280x960.jpg)
خلال الشهر الأول من "عملية التطهير" التي أطلقها الجيش في ولاية "راخين" الشمالية، أشارت تقديرات منظمة "أطباء بلا حدود" إلى مقتل 6700 شخص من مسلمي الروهينغا على الأقل، بما في ذلك 730 طفلاً، بطريقة وحشية، ثم وصف مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تلك التحركات العسكرية بالأعمال "الهمجية المروعة" وتكلم عن احتمال حصول "إبادة جماعية".إنها المرة الأولى التي يعترف فيها عناصر من جيش تاتماداو في ميانمار علناً بارتكاب اعتداءات وحشية ضد مسلمي الروهينغا، حيث وصف ماثيو سميث، الرئيس التنفيذي لمنظمة "فورتيفاي رايتس"، تلك الاعترافات بـ"اللحظة التاريخية لجماعات الروهينغا وشعب ميانمار في خضم نضالهم المستمر في سبيل العدالة".لكن رغم إحراز تقدم بارز في مساعي محاسبة المرتكبين، لا يزال الطريق طويلاً قبل محاكمة كبار أعضاء الجيش في ميانمار بتهمة ارتكاب إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية. عاجلاً أو آجلاً، لا مفر من أن تتأثر أي جهود مرتبطة بالمساءلة القانونية الدولية بحجم الصلاحيات: هل تستطيع أي محكمة أن تقوم بالتحقيقات أو تفرض أحكامها على بلدان مستقلة أخرى؟ ليست مصادفة أن تستهدف معظم أحكام المحكمة الجنائية الدولية البلدان الإفريقية الفقيرة التي ضعفت سيادتها بسبب الحروب الأهلية أو التدخلات الخارجية.لكن تطرح ميانمار تحدياً شائكاً من نوع آخر، فقد كانت زعيمة البلد أونغ سان سو تشي مسؤولة ليبرالية تحظى بتأييد الغرب في الماضي، لكنها تعرضت للهجوم لاحقاً بسبب تورطها في اضطهاد مسلمي الروهينغا، ومع ذلك لا تزال تتمتع بشعبية واسعة في عقر البلد وأوساطه العرقية، وهي تسعى إلى الفوز بولاية جديدة في الانتخابات الوطنية في 8 نوفمبر.حين سافرت أونغ سان سو تشي إلى محكمة العدل الدولية في أواخر السنة الماضية للدفاع عن جيش ميانمار المتّهم بارتكاب إبادة جماعية، حصدت الإشادة ودافع عنها الكثيرون في بلدها، وبنظر عدد كبير من الجماعات البورمية العرقية، لا يُعتبر مسلمو الروهينغا ضحايا بل هم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش، وقد بدؤوا تدريجاً يستنزفون الهوية البوذية البورمية في ميانمار، وهذا الرأي يحمله عدد كبير من البوذيين في "راخين"، مع أنهم قاوموا بدورهم سيطرة الدولة المركزية التي تطغى عليها الجماعات البورمية.في غضون ذلك، يستفيد البلد من حليفته الصينية القوية التي تحاول تحقيق أهدافها الاستراتيجية الخاصة في ميانمار، فأعلنت أنها ستحمي حكومة أونغ سان سو تشي من محاولات "تدويل" أزمة "راخين".هذه العوامل كلها تطرح معضلة صعبة على مؤيدي المحاسبة القانونية الدولية، حيث يقول جيف أونغ، طالب دكتوراه في قسم الأنثروبولوجيا في جامعة كولومبيا: "استناداً إلى الرد الشعبي على إجراءات محكمة العدل الدولية تجاه ميانمار، يبدو أن محاولات تطبيق "محاسبة دولية" تقوي مكانة الجيش بدل إضعافه، إذ يتوحد القوميون في ميانمار دفاعاً عن السيادة الوطنية".تشكّل الاعترافات الصادمة التي أدلى بها الجنديان خطوة صغيرة لكنها مهمة لمحاسبة مرتكبي الأعمال الوحشية في ولاية "راخين"، ففي الحد الأدنى ستُسلّط الضوء على الأعمال المشينة الحاصلة هناك، لكن لا أحد يعرف بعد إذا كانت ستُمهد لتحسين الوضع بطريقة ملموسة على أرض الواقع.* «سيباستيان سترانجيو»