رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي يستخدم تفويض السيستاني ويبدأ حملته الانتخابية بحزمة مفاجآت
• حرَّك قطاعات «كوماندوز» لحماية مطار بغداد لأول مرة
• شعبيته تقسم حلفاء إيران بين التريث والتصعيد
بضربةٍ واحدةٍ عزل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تسعة من شاغلي المناصب التنفيذية العليا، واستبدلهم بتكنوقراط حسني السمعة، معظمهم من الشباب، وبدأ حملة اعتقالات لمسؤولين سابقين موالين لرئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، أبرزهم رئيس هيئة التقاعد العامة.يأتي ذلك ضمن سلسلة تطورات مفاجئة تعصف بالمشهد السياسي في العراق، خلال محاولة الكاظمي الإيفاء بوعوده لشباب حركة تشرين الاحتجاجية، الذين يتعرضون، حتى اليوم، لتهديد وترويع، ويسقط منهم ضحايا على يد الميليشيات الموالية لإيران، إضافة إلى تبني المرجع الديني الأعلى بالنجف علي السيستاني لمطالب الاحتجاجات، وتحذيره الحكومة والأحزاب من حلول ساعة الندم.ويحاول الكاظمي الاستفادة من زخم ولّدته حركة الاحتجاج والتقارب بينها وبين المرجع السيستاني، ليظهر مناصراً للشعب ضد الأحزاب القديمة المتهمة بالفشل في إدارة البلاد، وخطته أن يصل قوياً إلى الانتخابات المقررة بعد تسعة أشهر، ليتحالف مع مرشحي حركة تشرين، ويحاول تغيير موازين القوى في البرلمان المقبل، مما جعل بعض المعلّقين يصفون هذه التطورات بـ "بداية مبكرة" للدعاية الانتخابية للكاظمي.
لكنّ المقربين من الأخير يقولون إن الرأي العام يضغط بقوة على الحكومة، وينتظر تحقيق وعودها بضبط سلاح الميليشيات، ومحاكمة كبار الفاسدين، وسط عجز مالي حاد بسبب تراجع أسعار النفط. وإذا كانت نوايا الكاظمي قد أصبحت واضحة، فإن ردود أفعال خصومه ليست كذلك، وتؤكد المصادر أن الأحزاب الموالية لإيران تنقسم بشدة اليوم بين طرف يطلب من طهران التصعيد ضد بغداد والقوات الأميركية في العراق، وآخر متعقل يقول للإيرانيين إن الكاظمي بدأ يحظى بشعبية كبيرة نسبياً، وليس من مصلحة الميليشيات أن تخوض مواجهة معه.وضمن الإجراءات الجديدة، حرّك الكاظمي قطعات "كوماندوز" إلى محيط مطار بغداد، الذي تستخدمه الميليشيات لضرب المطار، حيث سقط صاروخ كاتيوشا الأسبوع الماضي في باحة قرب "ترمينال" المسافرين للرحلات الداخلية، وأثار الفزع بينهم، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.وتحذِّر الفصائل المسلحة من دخول مواجهة مع قوات النخبة، التي تضاعفت أعدادها وتدريباتها خلال معارك طويلة مع تنظيم "داعش" بعد عام ٢٠١٤، ويحاول جهاز مكافحة الإرهاب استعادة هيبته بعد فشله يوليو الماضي في الاحتفاظ بمسلحين اعتقلهم بتهمة إطلاق الصواريخ على منشآت حيوية، إذ ضغطت ميليشيات موالية لطهران لإطلاق سراحهم.ويسود حذر واضح بين الأحزاب المنافسة للكاظمي بعد اعتقال مدير التقاعد العام السابق، خاصة بعد أن أشاعت الحكومة وجود ستة معتقلين آخرين يمثلون شبكات فساد حزبية، ويقال إن رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي ممتعض جداً؛ لأن الكاظمي قام بهذه الإصلاحات خلال وجوده بالخارج.وذهب المالكي إلى إيران لأغراض قيل إنها علاجية، لكن ذلك قد يعني أيضاً إجراء مباحثات مع الإيرانيين لرسم سيناريوهات التعامل مع الكاظمي الذي أصبح مقرباً جداً من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وينهمك اليوم في انفتاح متسارع من منطقة شمال الخليج حتى مصر.