وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بـ«السوشال ميديا» هي منصات صُنعت– كما يدلنا اسمها- لتعزيز علاقاتنا بمن نحب، فتجعل البعيد قريباً وتمكننا من مشاركة المحتوى كالصور والرسائل الفورية، فنتواصل مع من نحب ونكون صداقات جديدة في عالمنا الرقمي الخاص.لكن الحاصل أن هذه المنصات أصبحت قنوات لتفريغ أقبح ما في النفس البشرية، فنرى العنصرية بأبشع صورها واستخدام الألفاظ السيئة والأسلوب الوقح والخوض في سلسلة من الجدالات العقيمة– التي تنم عن فراغ كبير- والتي غالباً ما تنتهي بـ»بلوك» أو تهشيم لعلاقة كانت ودية يوماً ما، ذلك ناهيك عن تناقل الإشاعات والمعلومات الخاطئة، لا سيما على تطبيق «واتساب» فيؤدي إلى التشويش والإرباك، فالإكثار من تداول المنشورات ونشرها للجميع على طريقة «البرودكاست» يسبب إزعاجاً للآخرين وينفرهم، هنا يصبح القريب بعيداً!
إذاً، كيف لنا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مثمرة وممتعة نخلق من خلالها تواصلاً حقيقياً مع أحبابنا– لا سيما تحت الظروف الحالية- حيث إنها الوسيلة شبه الوحيدة للتواصل مع الآخرين؟أولاً يجب علينا تنقيح حساباتنا، فنبتعد عن متابعة الحسابات السلبية والاستفزازية، أو ضغط زر الصامت لمن لا نستطيع إلغاء متابعته لأي سبب من الأسباب، هذه الخطوة فقط ستزيح عنك حملاً كبيراً وتزيد راحتك النفسية، أما الخطوة الثانية فهي مراجعة أنفسنا: ما المحتوى الذي نشاركه الآخرين؟ هل هو سيل لا ينتهي من صور «السيلفي» أم هو صور يومية لكوب قهوتك؟ لابد أن نسأل أنفسنا: ما الغاية من نشر هذه الصور والحرص على مشاركة الآخرين بما يمتع ويفيد كالهوايات المحببة أو المواضيع المثيرة للاهتمام، أعتقد أن الجميع قد أصابته «التخمة» من صور الطعام والصور الشخصية «المفلترة» لشحذ الاهتمام!كذلك يمكننا متابعة الحسابات التي تلهمنا وتفيدنا من حرف يدوية وفنون وتصاميم إلى حسابات تنشر مختلف المعلومات الممتعة والمفيدة. يجب ألا ننسى أن الإنترنت فضاء شاسع يمكننا أن نستمتع باكتشافه، فهو لا يقتصر على هذه المنصات التي غالباً ما تكون محدودة وموجّهة، ناهيك عن أنها سبب رئيس في ضياع الوقت والسخط بسبب مقارنة الذات مع صور غير واقعية.أما كيفية بناء علاقات حقيقية من خلال هذه المنصات فتكمن في ملاحظة من يشجعك ويتفاعل معك بشكل إيجابي ثم المبادرة ببناء جسر المودة معه، فيصبح التواصل على أرض الواقع أكثر سلاسة ومرونة في المستقبل، ذلك بدلاً من اللهاث خلف من لا يهتم لأمرك!وتوصيتي لكم هي الحفاظ على قدر من الخصوصية كي لا يقع الندم لاحقاً، والترفع عن الرد على الإساءات والاكتفاء بمسحها، فمن الأضرار الجانبية لهذه المنصات أنها جعلت للحمقى صوتاً، فظنوا أنهم والعقلاء سواسية! ولكم أشفق على المشاهير بمختلف أطيافهم، فمنهم من كشفت «السوشال ميديا» جهلهم وسوء أسلوبهم، ومنهم من كان في مقتبل العمر فتهور في أقواله وأفعاله ثم ندم على نشر تفاصيل حياته على الملأ، قد يمكنه مسح هذه المقاطع من حساباته لكنه لن يستطيع إلغاءها من ذاكرة المتابعين.خلاصة القول أن وسائل التواصل الاجتماعي أداة لبناء علاقاتنا مع الآخر وتكوين صداقات جديدة واكتشاف عوالم أخرى من الجمال والإبداع، لذا فلنحسن استخدامها في ما يخدمنا ويطورنا.
مقالات - اضافات
تواصل عن بعد
18-09-2020