وجهة نظر: التيارات... والانتخابات القادمة
![صالح غزال العنزي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/500_1682523043.jpg)
لكن ما يحدد شعبية التيارات بمختلف توجهاتها الليبرالية والدينية مقدار تواصلها المستمر بالجمهور وتحسس حاجاته، واتساع رقعة نشاطها الجغرافي، ولهذين السببين نجد أن تيار الإخوان المسلمين السني والتحالف الإسلامي الشيعي هما أكثر التيارات الدينية شعبية بين مختلف التيارات والأكثر قدرة على تسكين هذه الشعبية، ولعل التيارين يتشابهان بالبيئة الثقافية الداخلية التي تساعد في انصهار الفرد في بوتقة التيار وإيثار المصلحة (العامة) على الخاصة، في حين يختلف التياران جوهرياً في مسألة التجديد في الكوادر والتحديث في الهيكل القيادي لكل منهما، فالإخوان يجددون كوادرهم في كل انتخابات ولا يبقون على ممثليهم في الغالب لأكثر من دورتين، أما التحالف فقد عرف عنه ثبات القيادة وبطء التغيير، ولعل هذا التباين يعود لسببين:الأول التغيير المستمر في الأدبيات الإخوانية وما يرتبط بها من تغيير في النشاط الحركي مما يفرض التغيير المستمر في الواجهة القيادية والكوادر الأولى، في حين أن التحالف أكثر ثباتاً في أدبياته مما يساعد في تسكين الوظائف القيادية بشكل كبير. الثاني أن تيار الإخوان استطاع أن يُهيْكل بعض الوظائف القيادية الكبيرة المغرية ليجعلها بدرجة مقاعد مجلس الأمة أو أكثر أهمية منها، حيث يلاحظ أن العديد من الأسماء الإخوانية الكبيرة زاهدة في التنافس على مقاعد مجلس الأمة رغم نجوميتها السياسية والإعلامية، في حين أن هرم القيادة لدى التحالف الإسلامي يضيق كلما اتجه الى الأعلى، مما يساهم في تسكين مناصب عضوية المجلس لنواب التحالف في دورات عدة، لندرة المناصب الأعلى أو الأكثر أهمية.وأما بقية التيارات الدينية فتعاني عدة عيوب مصنعية تجعل من مسمى (تيارات) وصفاً مجازياً غير دقيق، لأن بعضها نشأ على أدبيات جامدة لا ترافقها قوانين لديناميكات الحركة بسبب قدرات المؤسسين المحدودة، وبعضها مرتبط بنجاح الشخص الذي ينال عضوية المجلس غالباً لاعتبارات أسرية أو قبلية دون أن يكون للتيار فضل في نجاحه، مما يضع التيار في دائرة الفشل إذا لم ينجح الشخص مرة أخرى، وبعضها تأسس في الأساس لخدمة مرشح لا العكس.وأما التيارات الليبرالية فإنها بالمجمل تعاني من نخبويتها أو فوقيتها أو ديناصوريتها واعتناقها أفكاراً بالية، أو عجزها عن التواصل مع الجماهير، وذلك يشمل حتى التيارات التاريخية مثل المنبر الديمقراطي الذي كان تراجعه (في رأيي) ناتجاً عن أمرين:الأول افتقاره للقدرة على إيجاد قنوات تواصل جماهيرية تتسم بالثبات والديمومة، إذ لم يحاول المنبر تدارك التراجع الشعبي منذ بوادره الأولى.الثاني عجزه عن توفير فرص مستمرة لصعود الكوادر البديلة مما جعل التيار مكشوفاً بعد اعتزال القيادات التاريخية.وربما للحديث بقية.