أجبر الارتفاع السريع في عدد المصابين بفيروس «كورونا» المستجد العديد من الدول على فرض قيود جديدة قد تصل إلى إعادة الإغلاق من جديد وخصوصاً في المناطق التي ارتفع فيها عدد المصابين، في وقت حذّرت منظمة الصحة العالمية، من معدلات «مقلقة» لانتقال العدوى في أوروبا.

وأعلن المدير الإقليمي للمنظمة في أوروبا هانس كلوغه، أمس، معدلات «مقلقة» لانتقال العدوى في القارة، محذّراً الدول من تقليص فترات الحجر الصحي.

Ad

وقال كلوغه، في مؤتمر صحافي، إن «أعداد الإصابات المسجلة الشهر الجاري تعتبر بمنزلة جرس إنذار لنا جميعاً، ورغم أن هذه الأرقام تعكس وجود عمليات فحص شاملة، فإنها تكشف كذلك عن معدلات مقلقة لانتقال العدوى في أنحاء المنطقة».

كما أفادت مسؤولة الطوارئ في فرع المنظمة في أوروبا كاثرين سمولوود، بأن المنظمة لن تغيّر إرشاداتها فيما يتعلق بفترة الحجر الصحي المقررة

بـ 14 يوما لأي شخص تعرّض للفيروس.

حظر تجول

وفي لندن، أعلن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، أمس، رسمياً حظر التجول وإغلاقاً في شمال شرقي إنكلترا بعد ارتفاع أعداد المصابين.

وقال هانكوك، في إفادة برلمانية، إن «المعركة ضد كورونا لم تنته بعد، فيما تمثل القيود المحلية خط الدفاع الحيوي»، موضحاً أنه سيتم فرض قيود جديدة على نورثمبرلاند وتينيسايد الشمالية وتينيسايد الجنوبية ونيوكاسل أبون تاين وغيتسهيد وسندرلاند ومقاطعة دورهام.

وسيشمل ذلك عدم الاختلاط بين الأسر وحظر التجول في الساعة 10 مساءً في المطاعم وأماكن الترفيه. وسيدخل القرار حيز التنفيذ ابتداء من اليوم.

وكان رئيس رئيس الوزراء بوريس جونسون حذر من أن السلطات ستضطر إلى فرض إجراءات أكثر صرامة لمكافحة انتشار الفيروس، و«حماية» أعياد الكريسماس.

وقال جونسون، لصحيفة «ذا صن» الشعبية، أمس، إنه يدرس تقليص ساعات عمل الحانات وفرض المزيد من تدابير الإغلاق.

المناطق الخطيرة

وليست أوضاع أوروبا أفضل، اذ إنها تواجه موجة ثانية من الوباء مع تسجيل 10 آلاف إصابة جديدة في فرنسا خلال 24 ساعة، وهو رقم قريب جدا من رقمها القياسي الذي سجلته منذ إطلاق الاختبارات على نطاق واسع.

ودفع هذا الوضع ألمانيا إلى إدراج منطقة اوت دو فرانس (شمال) في قائمة المناطق الخطرة، إلى جانب العاصمتين الأوروبيتين فيينا وبودابست، وكل من يأتي من هذه المدن يخضع لحجر صحي مدة أسبوعين.

وفي إسبانيا، تنوي منطقة مدريد، بؤرة عودة نشاط الوباء في البلاد، من جانبها، إعادة إغلاق مناطق معينة من المدينة أو المنطقة التي سجلت أكبر زيادة في عدد الإصابات. ونتيجة لهذه الزيادة في عدد الإصابات، تخطّط سلطات مدريد لفرض قيود جديدة وخصوصا في المناطق الجنوبية من العاصمة ذات الكثافة السكانية العالية.

ويلاحظ الشيء نفسه في بلدان أوروبية أخرى. ففي جميع مدن فرنسا الكبيرة، فرض ارتداء الأقنعة على الجميع ومن يخالف يضطر لدفع غرامة كبيرة. وتتخذ جمهورية التشيك والنمسا إجراءات مماثلة.

كما لا يستبعد فرض قيود جديدة في اليونان أيضا. والشيء ذاته يشمل مدينة لندن بعد تسجيل 4 آلاف إصابة يوميا في بريطانيا. وقد أعلن جونسون أن المملكة تفتقر إلى الاختبارات اللازمة ولا يمكنها تحمل تكاليف الحجر الصحي الكامل ثانية.

وأدت محاولة تخفيف القيود في الهند إلى ارتفاع عدد الإصابات إلى أكثر من 5 ملايين شخص. كما

لا تزال الولايات المتحدة تتصدر قائمة الإصابات في العالم حيث تجاوز العدد فيها 6.5 ملايين إصابة. لذلك تعتزم كندا تمديد غلق الحدود معها على الأقل إلى شهر نوفمبر 2020.

غوتيريش والمختبرات

ورأى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي، أمس الأول، أن الجائحة باتت تخرج عن نطاق السيطرة.

وقال غوتيريش إن «الجائحة أزمة لا تشبه أي أزمات في حياتنا. نقترب من تخطّي حاجز المليون وفاة. هذا الوباء هو التهديد الأول للأمن العالمي».

وعن اللقاحات المضادة للفيروس، أوضح أن «الكثيرين يعولون على اللقاح لكنه بحد ذاته لن يوقف انتشار الجائحة».

واتبعت العديد من الدول الغنية، بما في ذلك المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، نهج الولايات المتحدة التي وقعت عدة عقود مع المختبرات لضمان الحصول على أولى الجرعات المتاحة، حسب تقرير صادر عن منظمة «أوكسفام» غير الحكومية. وأحصت المنظمة أن هذه البلدان، التي تمثل 13 في المئة من سكان العالم، اشترت بشكل مسبق نصف الجرعات المستقبلية من لقاحات «كوفيد 19».

وتعمد هذه البلدان إلى التزوّد كإجراء وقائي من عدة شركات مصنعة متنافسة، على أمل أن يكون أحد اللقاحات على الأقل فعالاً.

ترامب

كما دخلت اللقاحات المستقبلية لمحاربة الفيروس على خط حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وأكد الرئيس دونالد ترامب، أمس الأول، أن أكبر اقتصاد في العالم سيحصل على لقاح في أكتوبر وسيتم توزيعه على نطاق واسع على السكان.

وإذ أعلن إن أحد العاملين بالبيت الأبيض أصيب بالفيروس لكنه لم يكن قريبا منه أو على صلة به، قال ترامب في مؤتمر صحافي «فور موافقة إدارة الأغذية والعقاقير على اللقاح، سنتمكن من توزيع 100 مليون جرعة بحلول نهاية 2020 وتوزيع عدد كبير قبل ذلك بكثير».

من جهته، اعتبر المرشح الديمقراطي جو بايدن، في خطاب ألقاه في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، أن «ترامب تخلى عن مسؤوليته الأولى وهي حماية الشعب ولكنه لم يفعل ذلك. هذا أمر يجعله غير أهل بتاتاً لتولّي الرئاسة»، مؤكداً أنّه لا يثق به بالمرة في كلّ ما يتعلّق بإنتاج لقاح فعّال ضدّ «كورونا» وتوزيعه.