وثيقة لها تاريخ: رحيل حسين العبدالرحمن الخراز أحد أساتذة البناء في كويت الماضي
انتقل إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 10 سبتمبر 2020 شخصية كويتية تعلمت منها الكثير منذ أن تعرَّفت عليه قبل حوالي اثنتي عشرة سنة وأنا أعمل على تأليف كتاب عن منطقة الخالدية. هذه الشخصية هي العم حسين العبدالرحمن الخراز، المولود عام 1926 في المرقاب، والذي رسم لي الفريج الذي قضى فيه حياته الأولى وسنوات شبابه، وهو فريج ابن حمود، الذي يوجد فيه مسجد ابن حمود الشايع قرب برج التحرير حالياً، ولم تطله معاول الهدم. من الأمور التي تميَّز بها العم حسين، أنه لم ينسَ مطلقاً الطريقة التي تعلَّم بها كيفية إجراء العمليات الحسابية بأسلوب تدريس الملا مرشد السليمان، وهي طريقة قديمة جميلة تحتاج إلى وقت ومساحة لشرحها. كما علَّمني كيفية تحويل الحروف إلى سنوات، وهي مسألة استخدمها العرب قديماً، خصوصاً في الشعر الفصيح، بحيث تستخدم الكلمة لتدل على سنة معينة.
والعم حسين تميَّز بذاكرة قوية حتى قبل وفاته بسنتين، فقد روى لي الكثير من الروايات الحقيقية التي وقعت لأهالي الكويت، منها قصة نجاة والده وآخرين من الموت في حرب الصريف عام 1901، وقد رويت القصة في إحدى مقالاتي منذ سنوات عديدة. امتهن رحمه الله مهنة البناء وهو صغير، وأصبح أستاذاً في هذه المهنة، وشارك في بناء العديد من المباني القديمة، مثل: ثانوية الشويخ، ومدرسة خديجة، ومدرسة الصباح، ومدرسة المتنبي، والمطبخ المركزي لدائرة المعارف. وذكر لي يوماً أنه عمل مع الأستاذ عبدالعزيز المقهوي، الذي كان مشرفاً عاماً في دائرة الأشغال على بناء المشاريع الجديدة، كما عاصر الكثير من أساتذة البناء في الكويت، منهم ناصر الفرحان (وأولاده عبدالله وفهد ومحمد وسالم)، وسعد الصالح، وصالح وفايز الذربان، وجاسم الطبيخ، وعيسى الجساس، وعبدالكريم الحسينان، ومحمد بن دحيم، ومحمد البناي، وفهد البناي، وعبدالعزيز الحشاش، وعبدالكريم الفوزان، وعبدالرزاق الدعي، وعبدالله الدوسري، وعلي السيد، وخميس السبع. أما أشهر أساتذة البناء الذين ذكرهم لي العم حسين، فهم: راشد الرباح وأولاده عبدالله وفهد ومحمد، وعبدالعزيز المقهوي، وعبدالمحسن التركي، وصالح العبيدي، ووحيد البناي، وعاشور عبدالسلام، وأحمد عبدالسلام، وخليفة البحوه، وراشد البحوه، وصالح البحوه، وخليفة العطار (السويلم)، وعبدالله الناصر. وقد أهداني العم حسين وثيقة قديمة تخص وقف والده بثلث حلاله على يد ابنه حسين، وكان ذلك في عام 1364هـ الموافق 1948م هذا نصها:"بسم الله الرحمن الرحيمهذا ما وصى به الرجل الحر البالغ الرشيد عبدالرحمن الحسين الخراز بعدما شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن عيسى عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وقد أوصى بثلث ماله من بعد قضاء الدين بيد ابنه حسين العبدالرحمن الخراز وهو الوكيل على الثلث. شهد على ذلك كاتبه عبدالله العلي الربعي وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. حرر في 9 ذا الحجة 1367".كما شهد على ذلك أيضاً صالح العبدالله الذربان وعقيل بن محمد إمام مسجد ابن حمود. رحم الله العم حسين الخراز، وجعل مثواه الجنة، وخالص التعازي لأسرته الكريمة.