حذر الرئيس اللبناني ميشال عون الإثنين من أن البلاد تتجه نحو «جهنم» في حال عدم توافق القوى السياسية على تشكيل حكومة كان يؤمل إعلان تأليفها قبل أسبوع، ولا تلوح في الأفق حلول لتبديد العراقيل أمام ولادتها.وتعهّدت القوى السياسية، وفق ما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته لبيروت مطلع الشهر الحالي، تشكيل «حكومة بمهمة محددة» مؤلفة «من مجموعة مستقلة» وتحظى بدعم كافة الأطراف السياسيين في مهلة أقصاها أسبوعان.
لكن مساعي التشكيل تراوح مكانها مع إصرار الثنائي الشيعي ممثلاً بحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهم والتمسّك بحقيبة المال، الأمر الذي يعارضه أطراف آخرون، أبرزهم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.وخلال مؤتمر صحافي بعد الظهر، قال عون، الذي يُعد أحد أبرز حلفاء حزب الله السياسيين، «نحن اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضاً أن تحصل لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة».وأضاف رئيس الجمهورية، الذي بدا التعب عليه وتلعثم مرات عدة، «مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ومغلوباً».ورداً على سؤال عمّا ستؤول إليه الأمور في حال عدم التوافق، أجاب عون «طبعاً إلى جهنم».
تكليف
ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة نهاية الشهر الماضي، عشية زيارة ماكرون للبنان، زار مصطفى أديب رئيس الجمهورية أربع مرات من دون عرض أي تشكيلة حكومية.ويطمح أديب إلى تشكيل حكومة اختصاصيين هدفها وقف الإنهيار الاقتصادي المتسارع الذي يشهده لبنان منذ عام.وقال في بيان صباح الإثنين إن «أوجاع اللبنانيين تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج سبق أن تعهدت الأطراف دعمها».ودعا الأطراف إلى «العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً ومن دون إبطاء»، مؤكداً أنه سيواصل العمل من أجل تشكيل الحكومة، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن احتمال تخليه عن هذه المهمة الصعبة.ضغوط فرنسية
تمارس فرنسا ضغوطاً منذ انفجار المرفأ المروّع في 4 أغسطس على القوى السياسية لتشكيل حكومة تنكب على إجراء إصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم مالي دولي لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية وتعيد إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.وفاقم انشار فيروس كورونا المستجد ثم الانفجار الكارثي الوضع سوءاً.وعرض عون خلال المؤتمر العراقيل امام تشكيل الحكومة، متهماً أديب بأنه «لا يريد الأخذ برأي» الكتل النيابية في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء و«يطرح المداورة الشاملة»، أي عدم احتفاظ أي جهة بحقيبة معينة، ويدعمه رؤساء الحكومة السابقون وبينهم الحريري.ومن جهة ثانية، تحدث عن إصرار الثنائي الشيعي على التمسك بوزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة، في حين «لا ينص الدستور على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف».ويقول مراقبون إن العقوبات الأميركية الأخيرة على وزيرين سابقين، أحدهما المعاون السياسي لبري وزير المال السابق على حسن خليل ثم على شركتين قالت واشنطن إنهما مملوكتان لحزب الله، زادت من تعنت الثنائي.وشدّد عون على أن «التصلب في الموقفين لن يوصلنا إلى أي نتيجة، سوى المزيد من التأزيم»، وعرض حلاً يتمثل بـ «إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات.. السيادية».توافق
وطالما شكل التوافق بين المكونات الأساسية شرطاً لتشكيل الحكومات في لبنان، الذي يقوم على المحاصصة الطائفية، في مهمة صعبة تستغرق عدة أسابيع أو حتى أشهر.ولا تلوح في الأفق أي حلول.وكتبت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله الإثنين أن الأزمة دخلت «مرحلة مراوحة بعدَ توقف الإتصالات في اليومين الماضيين بينَ الأطراف السياسية».وانتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي الأحد مطلب الثنائي الشيعي، متسائلاً «بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها، وتعطل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها».من جهته، استنكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المرجعية الشيعية الأعلى في لبنان، «ما صدر عن مرجعية دينية كبيرة بحق الطائفة الإسلامية الشيعية»، وأسف «لما انحدر إليه الخطاب من تحريض طائفي يثير النعرات»، في إشارة ضمنية إلى موقف البطريرك.