استجاب مركز الأبحاث للتاريخ في إسطنبول، لطلب سفير دولة الكويت في تركيا، غسان الزواوي، بإصداره كتاب "الكويت في الوثائق العثمانية"، استكمالاً لمشروعهم الموسع "البلاد العربية في الوثائق العثمانية"، الذي صدرت منه حتى الآن ثمانية مجلدات. واستعرض الزواوي فيه أكثر من وثيقة، تعدّ من أندر الوثائق التاريخية عن الكويت والمحفوظة في الأرشيف العثماني بإسطنبول، وفيه وثائق تنشر لأول مرة، إلى جانب استعراض شامل لكل ما تحتويه كل واحدة منها.
وقد أقرت الدولة العثمانية، من خلال هذه الوثائق، بحكم آل الصباح على الكويت.كما تسلّط تلك الوثائق الضوء على حقبة زمنية تمتد إلى نصف قرن من الزمن من تاريخ الكويت، وبالتحديد بين 1850 و1900.ويؤكد مدير المركز، د. فاضل بيات، أن المعلومات الواردة بالوثائق في غاية الأهمية وفريدة من نوعها، ولم تذكر في أي مصدر من المصادر، وهذا أول عمل من نوعه ينشر فيه هذا الكم من الوثائق.
ترتيب الملفات
اقتصر عمل المركز على اختيار وثائق تعود إلى فترة زمنية محددة، وليس طوال الوجود العثماني في المنطقة، فهي مختارات وليست كاملة. الوثائق محفوظة في ملفات تحمل رموزاً حسب عائديتها إلى الدوائر، وهي على الشكل التالي: KUVEYT عدد الملفات 623 وتتبعه الأسماء: ABDULLAH SABAH وعدد الملفات تحته 70. MUBARAK SABAH عدد الملفات 623 وتتبعه الأسماء: Mubarek el-sabah , Mubarek es –sabah, mubarek us-sabah, mubarek u's – sabahالمحتوى والترجمة
عمل مدير المركز على تقديم ملخص مختصر للوثيقة ليكون بمنزلة عنوان لها، ثم استعرض محتويات الوثيقة، ومما يجدر ذكره أن البرقيات والرسائل التي أرسلها شيوخ الكويت إلى مركز الدولة "السلطان أو الصدر الأعظم أو شورى الدولة أو وزارة الخارجية" أو ولاية البصرة هي بالأصل باللغة العربية، ترجمت إلى اللغة العثمانية في دوائر ولاية البصرة عند إرسالها إلى هناك، أو ترجمت في دائرة الترجمة بوزارة الخارجية.اختلاف المسؤولين العثمانيين
يشير د. بيات إلى أن معظم الوثائق العائدة إلى الفترة التي اختارها تتعلّق بمقتل الشيخ محمد الصباح وأخيه جراح الصباح، واتهم فيه الشيخ مبارك ويوسف الإبراهيم. ويضيف: "واختلفت مواقف المسؤولين العثمانيين في هذا الاتهام"... وهذا ما أدى إلى تأخير تعيين قائمقام جديد على الكويت من قبل السلطات العثمانية... لكن في نهاية المطاف تغلّب منطق العقل والحكمة لدى هذه السلطات، فأقرّت الشيخ مبارك "قائمقام" على الكويت.أهم الوثائق
ونستعرض هنا محتويات بعض الوثائق، حيث حملت الوثيقة الأولى في الكتاب تاريخ 18 ديسمبر 1850، وفيها طلب "مشير الجيش السلطاني السادس في الحجاز والعراق إلى الصدارة العظمى التريّث في استعادة الكويت وإعادتها إلى حظيرة الدولة العثمانية، بناء على مقترح متصرف البصرة، معشوق باشا، بسبب عدم توافر الجنود والمعدات والأسلحة اللازمة لإعداد حملة عسكرية". وتدور الوثيقة الخامسة حول مذكرة وزارة الداخلية إلى الصدارة العظمى بشأن قيام نجل شيخ الكويت صباح الجابر بالإغارة على إحدى العشائر، ثم كتاب بشأن وفاة الشيخ جابر الصباح وتعيين نجله صباح محله. كما تتحدث الوثيقة الثامنة عن عدم جواز تسليم إدارة الجمرك في الكويت لشيوخها، تلتها وثيقة عن صرف المخصصات المقررة لشيوخ الكويت بعد استعادتها.. بعدها برقية والي بغداد إلى وزارة المالية يشيد فيها بما قدّمه الشيخ عبدالله الصباح وأخيه مبارك الصباح من خدمات للدولة وصرف المخصصات المقررة لهم، ثم وثيقة جديدة بتاريخ 1878، يطلب فيها والي البصرة تكريم قائمقام الكويت، الشيخ عبدالله الصباح، وأخيه مبارك، لدورهما المشرف في الحملة العثمانية على نجد. تضمن الكتاب وثيقة عبارة عن برقية من الشيخ عبدالله الصباح والشيخ محمد الصباح إلى الصدر الأعظم يشكوان فيها من التجاوز على أراضيهما في منطقة الفاو. وكذلك وثيقة حول الأوضاع في البحرين وحكم أسرة كويتية فيها، وأيضا مذكرة قائد الجيش رضا حول مشاركة مقاتلي الكويت في الحملة على قطر، والإشادة بقيادة الشيخ مبارك.رتبة "إمارة الإمارة"
آخر الوثائق الأربع بالكتاب كانت بتاريخ 17 يونيو 1900 تناولت رسالة الشيخ مبارك الصباح إلى والي البصرة وقائدها يبلغ فيها تسمية الجامع الذي بناه باسم "جامع الحميدي"، ومذكرة الصدر الأعظم إلى السلطان بشأن تكريم الشيخ مبارك الصباح وإيفاد قائمقام (وكيل) نقيب الأشراف في البصرة رجب أفندي إلى قائمقام الكويت الشيخ مبارك الصباح، لإبداء النصائح، والعمل على إفشال المخططات الأجنبية حول الكويت وإغواءاتها، واقترحت ولاية البصرة منح الشيخ مبارك الصباح رتبة مير ميران (إمارة الإمارة) وتكريمه بنيشان (وسام) رفيع.