«نتفليكس»... شكراً «كورونا»!
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
وإذا كان من سؤال واجب في هذا المقام فهو: هل يعرف من يرددون هذه الآراء أن المشاهدين العرب والمسلمين، في معظمهم يحملون تلفونات ذكية؟ وأن ما يمكن أن تقدمه هذه التلفونات من متعة شخصية في شتى نواحي الاهتمام الإنساني، يفوق بمرات ما تقدمه "نتفليكس"؟ ويأخذ الحديث نغمة أخرى متى ما انتقلنا إلى القول بأن عدداً كبيراً من الأمهات، والأمهات الصغيرات تحديداً، صرن يستعنّ بأجهزة التلفزيون، والآي باد، والتلفون الذكي، لتهدئة أطفالهن. وجميع هذه الأجهزة تبث للأطفال، الذين لا تتعدى أعمار بعضهم السنتين، تقدم لهم زاداً فنياً ممتعاً ومسلياً عن القصص الغربي، والخرافات الغربية، والأغاني الشعبية الغربية، وكل ما هو غربي! وهذا ما يجعل أطفالنا يشربون ويتشربون بمعطيات العالم الغربي الفنية، مع حليب الرضاعات! لذا، فإنني أرى أن القول بأن "نتفليكس" تنقل الرذيلة إلينا قول لا يعي كنه اللحظة الإنسانية التي نعيش، وأن الخوف على الفضيلة والهرب من الرذيلة صار، في العالم كله، شأناً أسرياً بالدرجة الأولى، فمن أراد أن يُحصّن أطفاله فعليه بالدرجة الأولى تنشئتهم التنشئة الصحيحة، ويرعى طفولتهم حناناً وقرباً واهتماماً وفكراً وتعليماً، وهذا وحده ما سيحصّنهم في القادم من الأيام.الإنسان العربي المسلم جزء لا يتجزأ من منظومة العالم الصغير والصغير جداً، والذي أشير إليه ليس بعالم القرية الكونية، بل هو عالم اللحظة الكونية، وأن الإنسان اليوم هو محلي بقدر ما هو عالمي، ولذا أطلقت عليه في كتابي الأخير "لون الغد... رؤية المثقف العربي لما بعد كورونا" تسمية "الإنسان المحعالمي". وهذه التسمية/ النعت تصلح على الأبناء أكثر مما تصلح على الكبار.لا خوف على عيالنا متى ما حصّنّاهم في صغرهم وأعطيناهم الثقة في كبرهم. الخوف كل الخوف في الحصار الذي يفرضه بعض الأهالي على عيالهم ويدفعهم قسراً إلى الذهاب نحو كل ما هو ممنوع، ليس حباً بالممنوع ولكن انتقاماً من ذلك الحصار الذي لا يليق باللحظة الإنسانية الراهنة!