هل تستعد أسعار السلع لبداية دورة صاعدة؟

نشر في 23-09-2020
آخر تحديث 23-09-2020 | 00:00
بداية جديدة لأسعار السلع
بداية جديدة لأسعار السلع
في ذروة الأزمة المالية العالمية في عام 2008، قامت الصين بدور مهم لإنقاذ الاقتصاد العالمي، من خلال حزم تحفيز حكومية ضخمة رفعت الطلب على السلع الأساسية، ودعّمت الدول المصدرة للمواد الخام.

وفي الوقت الذي يعاني العالم ركودا اقتصاديا غير مسبوق، جراء وباء كورونا، ينتظر الكثيرون أن تعود الصين مجدداً لتكون عامل الدعم الرئيسي لقطاع السلع.

التعافي الاقتصادي المنتظر

- رغم حالة عدم اليقين حيال تطورات وباء كورونا، فإن السيناريو الأساسي لا يزال يشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي في العام المقبل من الضربة التاريخية التي تعرَّض لها في عام 2020.

- دعّمت تدابير البنوك المركزية الكبرى بضخ تريليونات الدولارات في الأسواق وحزم التحفيز الحكومية حول العالم توقعات تعافي النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من العام الحالي وخلال 2021.

- يتوقع صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وغيرهما من المؤسسات الدولية، عودة الاقتصاد العالمي للنمو مجدداً العام المقبل، مع تراجع أثر وباء «كوفيد- 19» على الاستثمار والاستهلاك والتجارة.

- شهدت معظم السلع، والتي تشمل المواد الخام والمعادن الصناعية، صعوداً ملحوظاً في الفترة الماضية، بدعم إشارات تعافي الاقتصاد العالمي، وتسارع أعمال البنية التحتية التي تستلزم طلباً متزايداً على السلع الأكثر حساسية لهذه المشاريع.

- قدَّم عجز المعروض، بفعل أزمات الإنتاج في دول مثل جنوب إفريقيا وتشيلي وغيرهما مع تداعيات الوباء، وتسارع الطلب خاصة من جانب الصين، دعماً إضافياً للسلع الصناعية.

- شهد سعر التسليم الفوري لخام الحديد ارتفاعاً لأعلى مستوى في 6 أعوام ونصف العام، ليتداول أعلى 129 دولاراً للطن المتري، بفضل طفرة البناء في الصين، كما صعدت أسعار النحاس لأعلى مستوياتها في عامين.

- الرهان على تعافي الاقتصاد العالمي ظهر في ارتفاع ملحوظ لأسهم قطاع المواد الأولية في سوق الأسهم الأميركي، ليصبح القطاع الأفضل أداءً في «وول ستريت» أخيرا.

- ارتفع قطاع الموارد الأولية في مؤشر «إس آند بي 500» بنحو 5.4 في المئة منذ بداية سبتمبر، رغم انخفاض المؤشر الأوسع نطاقاً بأكثر من 4 في المئة، مع حالة من فقدان الزخم، بعد ارتفاعات قياسية مسجلة أخيرا.

- نجح قطاع الموارد الأولية، الذي يشمل شركات التعدين ومؤسسات تصنيع المواد الخام، في تحقيق ارتفاع بنسبة 16 في المئة منذ بداية الربع الثالث من هذا العام، ليكون الأفضل أداءً بين قطاعات «إس آند بي 500» البالغة 11 قطاعاً.

الصين... الرقم الصعب

- في الأشهر الماضية نجحت الصين بشكل خاص في تحقيق أداء اقتصادي قوي، مع حقيقة أنها كانت أول من دخل في أزمة الوباء، وبالتالي تمكنت من التعافي أسرع من الجميع.

- سجل الإنتاج الصناعي في الصين خلال أغسطس الماضي أسرع وتيرة نمو منذ ثمانية أشهر، بارتفاع 5.6 في المئة مقارنة بنفس الفترة قبل عام.

- لم يتوقف الأداء الجيد للاقتصاد الصيني على الصناعة فحسب، لكن مبيعات التجزئة أيضاً شهدت ارتفاعاً 0.5 في المئة بأغسطس الماضي، في أول قراءة موجبة منذ بداية العام الحالي، ما دفع بنك نومورا إلى رفع تقديراته لنمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال الربعين الثالث والرابع إلى 5.2 و5.7 في المئة على الترتيب.

- حتى قبل هذه البيانات، سجل مؤشر كاسين للنشاط الصناعي بالصين ارتفاعاً في أغسطس الماضي لأعلى مستوى منذ عام 2011، مواصلاً النمو للشهر الرابع على التوالي.

- البيانات الاقتصادية الإيجابية في الصين دعّمت أسعار السلع الصناعية التي تستفيد من زيادة الطلب من جانب العملاق الآسيوي، حيث صعد سعر النحاس في بورصة لندن قرب أعلى مستوى في عامين، بعد أن وصل بالفعل في بداية سبتمبر لأعلى مستوى منذ 2018، متجاوزاً 6800 دولار للطن.

- النحاس شهد ارتفاعاً بنسبة 50 في المئة تقريباً من القاع المسجل في مارس الماضي، مع تراجع المخزونات في بورصة لندن للمعادن من 250 ألف طن في مايو إلى أقل من 100 ألف طن لأول مرة منذ عام 2007.

- رغم هذا الصعود، تشير توقعات «سيتي جروب» إلى أن النحاس قد يرتفع بشكل إضافي لمستوى 8 آلاف دولار في حال استمر الهبوط بالمخزونات للمستويات المسجلة في عام 2011 حينما قفز السعر آنذاك لمستوى قياسي بلغ 10.190 آلاف دولار.

- نهم الصين لم يتوقف على النحاس فحسب، بل شهدت واردات البلاد من الألمنيوم صعوداً بنحو 570 في المئة في يوليو الماضي على أساس سنوي، لتصبح بكين صافي مستورد للمعدن لأول مرة منذ 2009.

- رغم كل شيء، شهدت شهية الصين نحو السلع الأساسية تراجعاً نسبياً في أغسطس الماضي، لتنخفض واردات بكين من النفط وخام الحديد والنحاس وفول الصويا وغيرها مقارنة بيوليو السابق، لكنها لا تزال أعلى من نفس الفترة قبل عام.

عقبات على الطريق

- مستثمرو السلع الأساسية على موعد مع ثلاثة عوامل محفزة محتملة حتى نهاية العام الحالي: تطورات لقاح «كورونا»، ومدى قوة التعافي الاقتصادي في الصين، وحجم حزمة التحفيز الأميركية المحتملة.

- فيما يتعلق بجانب اللقاح، لا تزال التجارب مستمرة على نحو 169 لقاحا محتملا، منها 26 دخلت بالفعل في مراحل التجارب النهائية، لكن وسط مخاوف متعلقة بالوقت اللازم لشحن وتوزيع اللقاح المنتظر حول العالم.

- وعلى جبهة الصين، فإنه رغم الهبوط المسجل في واردات السلع الأساسية خلال أغسطس مقارنة بالشهر السابق له، فإن التوقعات تشير إلى مزيد من الطلب القوي في الفترة المقبلة مع استمرار تعافي الاقتصاد.

- وعلى جانب الولايات المتحدة، لا يزال الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن حزمة التحفيز الإضافية المحتملة يبدو كبيراً، وسط توقعات بتأجيل حسم الأمر لحين عقد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، رغم الجهود الحالية الساعية لإقرار مساعدات للشركات والأفراد في مواجهة الوباء وتداعياته.

- لكن النبأ الجيد يتمثل في أن كلا المرشحين؛ دونالد ترامب وجو بايدن، تحدث علانية عن خطط ضخمة للاستثمار في البنية التحتية بعد الفوز في الانتخابات، ما يقدم دعماً إضافياً للطلب على السلع والمواد الأولية.

- وبعيداً عن جانب الطلب، لا يزال الهبوط في المعروض الخاص بعدد من السلع الأساسية، مثل: خام الحديد والنحاس، يمثل سبباً رئيساً لتفاؤل بعض بنوك الأبحاث، مثل: «غولدمان ساكس» و»بنك أوف أميركا»، بشأن مستقبل الأسعار في الفترة المقبلة.

- لكن لا تزال تطورات الوباء وإمكانية السيطرة على تفشي «كوفيد- 19» تتحكم في مصير الاقتصاد العالمي، وما يشمله ذلك من الطلب على السلع الأساسية.

back to top