قبل 6 أسابيع فقط على الانتخابات الرئاسية الأميركية، خيّمت معركة تعيين بديل لقاضية المحكمة العليا الراحلة روث غينسبورغ على السباق في الولايات التي تعد نتائج التصويت فيها غير محسومة، سواء للرئيس دونالد ترامب أو منافسه الديمقراطي جو بايدن.ويرى الجمهوريون أن وفاة غينسبورغ فرصة ذهبية لترامب، ولو كانت مثيرة للجدل، لاختيار شخصية محافظة للمرة الثالثة منذ دخوله البيت الأبيض في 2016، وترسيخ غالبية المحافظين في المحكمة العليا لسنوات عديدة مقبلة على الأرجح.
ومع احتدام معركة ترامب مع بايدن، بات ينظر على مسألة استبدال القاضية الراحلة على أنها قضية متفجّرة ستغيّر السباق الرئاسي بشكل جذري، إضافة إلى سلسلة مسائل انتخابية انقسامية مثيرة للجدل، مثل التعامل مع جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها، والجدل حول التمييز العرقي.لكن الديمقراطيين على مستوى القاعدة يأملون في أن يقابَل ترشيح ترامب المرتقب يوم السبت بردّ فعل عنيف من شأنه أن يغيّر مسار المنافسة في ولايات المنطقة الصناعية (نطاق الصدأ) مثل ميشيغن وأوهايو.وفي خطوة حاسمة، أعلن السناتور الجمهوري ميت رومني، أمس، أنه لن يعارض تصويت مجلس الشيوخ على مرشح ترامب قبل الانتخابات، الأمر الذي يعني تعزيز أغلبية الحزب للمضي قدماً في هذا التصويت المثير للجدل.وكتب رومني، الذي صوت مع الديمقراطيين لمصلحة إدانة ترامب في إجراءات العزل، إذا كان التصويت على العضو المقبل "فسيصل إلى مجلس الشيوخ، فأنا أنوي التصويت على أساس مؤهلاته".وقبله أكد رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، السيناتور ليندسي غراهام، أن الجمهوريين لديهم الأصوات الكافية لتثبيت مرشح ترامب لشغل مقعد غينسبورغ قبل الانتخابات، وقال: "حصلنا على الأصوات، وسنمضي قدماً بالإجراءات الدستورية".والجمهوريون لديهم أغلبية ضئيلة من 3 مقاعد في مجلس الشيوخ، رفض اثنان منهم تأييد إجراء التصويت قبل الانتخابات. لكنّ منع التصويت يحتاج إلى تمرّد 4 عن الحزب الجمهوري. وحتى في حال انقسمت الأصوات بين الحزبين بالتساوي، فإنّ صوت نائب الرئيس مايك بنس سيحسم الأمر لمصلحة ترامب.
«كورونا» والتجارة
وفي عودة إلى موضوعات هيمنت على السباق قبل وفاة غينسبرغ، انتقد بايدن تعامل خصمه مع وباء فيروس كورونا، في حين هاجم ترامب سجله في التجارة.ووسط صراعه لنيل الأصوات في ولايات الغرب الأوسط الحاسمة، قال بايدن، بعد اجتماعه مع عمال في مصنع للألومنيوم بمانيتووك في ويسكونسن، إن ترامب "لم يحرك ساكناً لمواجهة التحدي الهائل ولم يتحلّ بالقيادة اللازمة للتصدي للأزمة الصحية، ولم يكن على استعداد لذلك، وفشل في التصرف وأصيب بالذعر وأخفى العواقب المحتملة لكورونا".ووجّه بايدن، الذي يحاول استعادة ويسكونسن مرة أخرى، بعد أن انتزعها ترامب بفارق ضئيل في 2016، نداء مباشرا إلى الناخبين من العمال الذين دعموا الرئيس السابق باراك أوباما في 2008 و2012، قائلاً: "الحقيقة البسيطة هي أن ترامب ترشّح للرئاسة ووعدد بتمثيل الرجال والنساء المنسيين في هذا البلد، وبمجرد توليه المنصب، نسيهم".وفي أوهايو، انتقد ترامب دعم بايدن السابق لصفقات تجارة حرة كبدت الدولة وظائف، وأضرت بالاقتصاد في الغرب الأوسط. وقال: "يجب ألا يطلب بايدن دعمكم. عليه أن يتوسّل إليكم طلبا للغفران".وانتقد ترامب دعم بايدن السابق لاتفاقية التجارة الحرّة لأميركا الشمالية، والتي تم استبدالها باتفاقية جديدة في عهده، والشراكة عبر المحيط الهادي التي انسحب منها في عام 2017 بعد توليه منصبه. وقال: "لقد خانكم وكذب عليكم وأساء إليكم. ولهذا السبب حان الوقت لإحالة جو بايدن إلى التقاعد".حملة تشويه
إلى ذلك، نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريراً أمس يفيد بأن وكالة المخابرات المركزية (CIA) أجرت تقييماً سريّا أظهر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ربما يوجّه" عملية تأثير لتشويه سمعة بايدن.ونقل التقرير عن مصادر قولها إن "CIA" أصدرت في 31 أغسطس الماضي تقييما للجهود الروسية للتدخل في انتخابات نوفمبر، في تقرير داخلي شديد السرية يُدعى «سي آي إيه وورلد وايد إنتليجنس ريفيو». جمّع محللو CIA التقييم بمدخلات من وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفدرالي، بناء على عشرات المعلومات المستقاة من مصادر استخبارات عامة وغير سريّة وسرية.ويتضمّن التقييم تفاصيل تحليل "CIA" لأنشطة المشرع الأوكراني أندري ديركاش لنشر معلومات مهينة عن بايدن داخل الولايات المتحدة من خلال جماعات الضغط و"الكونغرس" ووسائل الإعلام والاتصالات مع شخصيات مقرّبة من الرئيس.في 10 سبتمبر، عقب دعوات من المشرعين الديمقراطيين، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على ديركاش، زاعمة أنه "كان عميلا روسيا". وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين، في بيان صدر في 10 سبتمبر، إن "ديركاش وعملاء روسيين آخرين يستخدمون التلاعب والخداع لمحاولة التأثير على الانتخابات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى حول العالم". صرحت وزارة الخزانة أن ديركاش "شنّ حملة تأثير سرية تركزت على زراعة روايات كاذبة وغير مدعومة بأدلة تتعلّق بالمسؤولين الأميركيين في الانتخابات الرئاسية القادمة لعام 2020".«مدن فوضوية»
وفي تطوّر لافت، حددت وزارة العدل أمس الأول أسماء ثلاث "مدن فوضوية" تخضع لسيطرة حكومات محلية سمحت باستمرار العنف وتدمير الممتلكات ورفضت اتخاذ تدابير معقولة لمواجهة الأنشطة الإجرامية"، موضحة أنها تشمل نيويورك في ولاية نيويورك وبورتلاند بولاية أوريغون وسياتل في ولاية واشنطن.ويأتي هذا الإجراء تنفيذا لموقف ترامب الصارم من أعمال الشغب، التي تخللت الاحتجاجات العرقية التاريخية على مدار الأسابيع الماضية، وإصداره أمراً بمراجعة التمويل الفدرالي للمدن التي تقلّص تمويل أجهزة الشرطة وتفشل في كبح جماح العنف.وقال وزير العدل ويليام بار إنه "عندما يعيق قادة الولايات والقادة المحليون مسؤولي ووكالات إنفاذ القانون من أداء وظائفهم، فإنّ ذلك يعرّض المواطنين الأبرياء للخطر"، مؤكدا أنه لن يسمح بـ "تبديد أموال الضرائب الفدرالية عندما تكون سلامة المواطنين على المحك".وبينما تعهّد بار بتحديث هذه القائمة، هدد رؤساء بلديات المدن برفع دعوى قضائية، ووصفوا تحرّك ترامب بأنه "استعراض سياسي".تهديدات خيالية
في السياق، أعرب وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس عن قناعته بأن ترامب يؤجج التوترات السياسية الداخلية في بلده كأداة لحشد أنصاره، مؤكداً أن تهديده باستخدام الجيش خلال أعمال الشغب العرقية غير المسبوقة "فاق الخيال".