المعارضة المسؤولة ضرورة
إن المغالاة في المعارضة تجلب أضراراً كبيرة على البلاد والعباد، فلنقرأ التاريخ السياسي جيداً، ولنتعظ منه، فعلى السلطة الابتعاد عن سياسة الإقصاء السياسي لبعض الشخصيات أو التيارات السياسية، لا سيما أن طريقة المحاصصة والتحالفات كان من نتائجها ضرب أغلبية الشعب المكلوم بسبب خياراتها الخاطئة، فالأصل هو إرضاء الأغلبية وتلبية مطالباتها المشروعة التي منها الإصلاح وتطوير التعليم والتنمية البشرية والتوظيف والصحة والإسكان وحل مشكلة البدون بدلاً من تعقيدها. فللأسف أننا نرى أن الحكومة تتحالف مع الأقلية ضد الأغلبية في كل تشكيل حكومي منذ 10 سنوات، فصنعت خللاً في البلاد باستبعاد الأغلبية العظمى من المشاركة في صنع القرار، مع أن وجود المعارضة الهادفة مفيد للوطن والشعب، المعارضة التي تعرض الأخطاء وتكشفها لمتخذ القرار لإصلاح المسار.وكمثال في التاريخ السياسي نذكّر هنا بحادثة تشكيل تنظيم الضباط الأحرار في المملكة الأردنية الهاشمية، الذي تم القبض على بعض أفراده ومنهم صادق الشرع الذي تم الحكم عليه بالإعدام، فلم يعتمد ملك الأردن الراحل على تنفيذ الإعدام، وتركه في السجن عدة سنوات، ثم أصدر عنه عفوا، وبعد سنوات أدخله وزيراً في إحدى وزارات الأردن المتعاقبة، وكذلك عندما أخلى الملك حسين سبيل المعارض المهندس ليث شبيلات، المدعوم من نظام صدام، فذهب إليه الملك بسيارته للسجن وأخلى سبيله، وأركبه بسيارته وأوصله للبيت، فالاحتواء طريقة تقلب موازين وتُعدِّل مسارات، فيجب علينا جميعاً التكاتف والتعاضد لإعادة الوطن إلى سكة النهـضة والنمـو والازدهـار.
فالردح السياسي للمعارضة والتعنت والاضطهاد من قبل الحكومة بتعنيفهـا وتفريقها بين شرائح المجتمع أمور مرفوضة، والأدلة على ذلك كثيرة كان آخرها تعديل قانون المرئي والمسموع، وإلغاء عقوبة السجن، والإبقاء على قانون سجن المغردين، أليس ذلك تعسفاً باستخدام السلطة وتفريقاً في التعامل بين المواطنين، فلا يمكن أن يكون الاستفراد بالقرار عامل بناء لوطن ينشد مستقبلاً زاهراً؟فالمعارضة الهادفة والمسؤولة هـي التي تكون نتائج أعمالها البناء والإصلاح للبلاد والعباد، وإذا لم تحقق كل طموحاتها وأهدافها يكون ناتج عملها لا ضرر ولا ضرار، أما ما أراه من حراك سياسي محلي فهو ردح سياسي.حفظ الله الكويت وأميرها وولي عهده وشعبها من كل سوء ومكروه.