الدستور طريقنا للإصلاح
اللقاءات الودية التي جمعت سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح مع إخوانه وأبنائه المواطنين للاستماع إلى آرائهم وتطلعاتهم للمرحلة القادمة كرست النهج الذي أصله وسار عليه حكام الكويت، وبثت حالة من الارتياح العام بين جموع المواطنين.هذا الانفتاح ليس بغريب على شخص سمو الشيخ نواف الأحمد، فهو الرجل الذي عرف بتواضعه وإخلاصه للكويت وحبه لأهلها، وهو الشخص الذي يحظى باحترام ومحبة أهل الكويت، لذلك أكرر بأن هذا السلوك الأبوي المسؤول ليس بغريب على سموه.المرحلة التي تمر بها دولة الكويت من تحديات سياسية واقتصادية على الصعيد المحلي والإقليمي في غاية الخطورة والأهمية تتطلب تكاتف وتوحيد الجهود وجمع الصفوف من أجل عودة الثقة بمؤسساتنا الدستورية من خلال تبني وثيقة وطنية إصلاحية يتوافق عليها جميع مكونات المجتمع دون إقصاء لأحد.
مجمل ما قدم من رؤى لسمو نائب الأمير، حفظه الله، تدور حول تشخيص الاختلالات في المسارات الإدارية والاقتصادية والسياسية ومعالجات جذرية للتركيبة السكانية، وميكنة آليات العمل وتطوير البنى التحتية والخدمات والتعليم، ومكافحة واجتثاث أوجه الفساد، وهي مطالبات ضرورية لتحقيق الاستقرار والمضي بالكويت قدماً إلى آفاق جديدة تعيد لها مجدها.كما لم تخلُ تلك المطالبات من الدعوة إلى المصالحة الوطنية والعفو العام عن المحكومين في قضايا الرأي والمدانين بقضايا تمس أمن الوطن، وهنا أود التوقف قليلاً والتفكير في أوضاعهم وفي حال ذويهم دون تخوين لهذا الطرف أو ذاك، مع يقيني بأن العفو عنهم أمر يخص ولي الأمر. قال تعالى: "وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، وقال في سورة الشورى: "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ". صدق الله العظيم، فلنقف ولنتدبر هذا التوجيه القرآني، ولننظر إلى وعد الله سبحانه وتعالى عباده بقبول التوبة منهم، ومدحه للعافين بوصفهم بالإحسان، ولنبتعد عن التخوين وتوجيه أصابع الاتهام لبعضنا.وعلى مسار الإصلاح ذاته ومهما كانت أجواء التشاؤم وفقدان الثقة التي يمر بها مجلس الأمة إلا أنها لا تعفي المواطنين من التصويت والمشاركة الفاعلة لاختيار الأكفاء من بين المرشحين، وإيصال أكبر عدد منهم، والحديث عن تراجع أدائه لا يعني التخلي عنه وعن بيت الشعب باعتباره إحدى أهم ركائز الإصلاح. الحمد لله نحن في الكويت ننعم بنعمة الأمن والأمان، ويميزنا دستور يحفظ كرامات المواطنين وبعلاقة مميزة تربط الشعب بحكامه ولا مكان للمزايدين على هذه الثوابت الوطنية.أخيراً: لقد تميزت كلمة ممثل سمو الأمير في الجمعية العامة للأمم المتحدة سمو الشيخ صباح الخالد عن سائر الكلمات التي وجهها قادة ورؤساء الحكومات بسبب شموليتها وترسيخها لأسس التعاون الدولي في مواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية التي صاحبت جائحة كورونا، ومناشدة دول وشعوب العالم بالوقف الفوري للحروب والجلوس إلى طاولة المفاوضات والاحتكام إلى لغة العقل وتقديم مصلحة الشعوب، ودعم الشعب الفلسطيني في حقه بقيام دولته عاصمتها القدس، وتوجيه الجهود الرامية نحو تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز النظم الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستعداد دولة الكويت لإحياء مبادرة السلام في اليمن الشقيق، ومباركتها لكل الجهود الداعمة لاستقرار الأوضاع في سورية وليبيا وأفغانستان، والإشادة بجهود جمهورية العراق والمجتمع الدولي في القضاء على تنظيم "داعش".ودمتم سالمين.