ضغوط واشنطن على بغداد «منسّقة»
رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي يبحث عن ممولي 4 حروب أهلية بعائدات النفط
حدثان يشغلان العراق، أولهما التهديدات الأميركية بإغلاق السفارة في بغداد وضرب ميليشيات تهاجم مصالح أميركية، التي تقول مصادر عراقية، لـ «الجريدة»، إن التهديدات جدية لكنها منسقة مع حكومة مصطفى الكاظمي. ثاني الحدثين هو التحقيقات الجارية مع مديري البنوك والمؤسسات الاستثمارية والمالية الحكومية، وهي ناتجة عن حملة اعتقالات متواصلة منذ عشرة أيام، كان آخرها اعتقال جرى أمس لسعد جميل هويدي، المسؤول الكبير في هيئة الاستثمار العراقية الحكومية منذ عهد نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق.وانشغل مراقبون أمس بالحديث عن مكان الاستجوابات التي توصف بالمباغتة، لأنها تتم في مبنى يعود إلى العهد الملكي وهو قصر الرحاب الذي شيدته أسرة فيصل بن الشريف الحسين، ثم تعرضت للإعدام الميداني داخل هذا القصر عام 1958 مع الانقلاب الجمهوري، فسمي بقصر النهاية، وبقي رمزاً في العهود اللاحقة لأخطر الاستجوابات التي نظمها الدكتاتور الإرهابي صدام حسين لخصومه.
وبقي هذا المبنى مخصصاً للمخابرات ولم يقم الأميركان بتغييره حين أسقطوا صدام عام 2003، حتى إن رئيس الحكومة الحالي الكاظمي بقي في هذا القصر أربعة أعوام حين كان يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات، قبل أن يصبح أثناء احتجاجات أكتوبر على رأس الحكومة. ويستذكر المراقبون العراقيون العهد الملكي أكثر من مرة أثناء توارد الأخبار حول الاستجوابات التي تقوم بها الحكومة لمسؤولي المال، قائلين إن رجالات العهد الملكي ساهموا في تنظيم البيانات والمعلومات التي تقود للتحقيق الجاري حالياً، فالسياسي العراقي الراحل أحمد الجلبي هو من دقق شاحنتين عملاقتين من الوثائق بين 2014 و2015 ليكشف خيوط الفساد المالي الكبير الذي بدد عوائد النفط وأعاق تنمية العراق.والجلبي سليل أسرة تجارية وسياسية تمتد إلى العهد العثماني، وهو أكاديمي شيعي معروف ساعد على إسقاط نظام صدام وكان صديقاً لكبار الساسة الأميركان في إدارة بيل كلينتون وجورج بوش، لكنه أُقصي من المناصب المهمة بعد عام 2003 واعترض على حجم الفساد المالي الموصوف بأنه الأخطر في تاريخ البلاد، ونظم حملة تدقيق لإثبات جسامته قبل أن توافيه المنية في خريف 2015.وتقول مصادر إن الاستجوابات التي يقوم بها الكاظمي لشبكة الفساد تعتم على نسخة تفصيلية من تحقيقات أستاذه أحمد الجلبي، التي تركت منها نسخ لدى الحزب الشيوعي ولدى أسرة الراحل، وفيها بيانات تثبت أن الحكاية أكبر من مجرد فساد مالي داخلي، فبحسب أوصاف الشبكة، قامت أموال السرقات من عوائد النفط طوال سنوات بتمويل حروب أهلية متعددة في الشرق الأوسط، وذهبت نحو 300 مليار دولار منذ عام 2010 لتسهيل عمليات «حزب الله» اللبناني وحرس الثورة الإيراني من ليبيا إلى اليمن وسورية والخليج والعراق.وتذكر المصادر أن التحقيقات التي تقوم بها بغداد اليوم تمثل فرصة ذهبية لواشنطن، وكذلك للاتجاه المناوئ لسياسات حرس الثورة، كي يعيدوا رسم القواعد السياسية في الشرق الأوسط ويمنعوا تواصل الاحتراب خصوصاً في ملف سورية واليمن فضلاً عن العراق.وتضيف أن أي تهديد يأتي على لسان المسؤولين الأميركيين لبغداد حالياً، هو تكتيك يتبع تفاهمات بين فريق الكاظمي والبيت الأبيض، للضغط على أي طرف قد يطلب مزيداً من التبريرات المانعة لحلول لحظة الحقيقة بين العراق وإيران في خلافات أكبر مما يتحمل الوضع تتعلق بدور الميليشيات العراقية الموالية لحرس الثورة.وتشير إلى أن القسم الأول من اعترافات قصر النهاية المتعلق بشبكة فساد وحروب إقليمية يمكن أن يعلن في الأول من أكتوبر أي بعد يومين، احتفاءً بالذكرى الأولى لاندلاع الاحتجاجات الواسعة التي أدت إلى وصول الكاظمي للسلطة في العراق.