عايش أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي توفي الثلاثاء عن 91 سنة، أخطر أزمات بلاده والمنطقة، وخط مسيرة سياسية حافلة بالأحداث التاريخية والوساطات جعلته «عميد الدبلوماسية» و«حكيم العرب».وحتى قبل تسلّمه مقاليد الحكم، قضى الشيخ صباح عقوداً في أروقة الدبلوماسية والسياسة في عهدي أخيه غير الشقيق الأمير الراحل الشيخ جابر الصباح وابن عمه الأمير الراحل الشيخ سعد الصباح.
تولى الشيخ صباح وزارة الخارجية الكويتية لسنوات طويلة، وقد عرف خلال فترة عمله في الوزارة بكونه وسيطاً موثوقاً من قبل الدول الإقليمية والمجتمع الدولي.ولد الأمير الراحل في السادس عشر من يونيو 1929، وهو نجل حفيد الشيخ مبارك الصباح، مؤسس الكويت الحديثة.والشيخ صباح، الأمير الـ15 للكويت، ساعد بلاده على تخطي تبعات غزو العراق، وانهيار الأسواق العالمية، والأزمات المتلاحقة داخل مجلس الأمة الكويتي والحكومة وبين أبناء بلاده.وعلى الرغم من تقدمه بالسن، ظل الأمير منخرطاً إلى حد كبير بالأعمال اليومية وبالسياسة الإقليمية والدولية، وقد حضر في نهاية مايو 2019 ثلاث قمم خليجية وعربية إسلامية في مكة استمرت أعمال كل منها حتى ساعات الصباح.ودعا خلال هذه القمم إلى نزع فتيل الأزمات الإقليمية، وخفض التصعيد في الخليج بينما كانت التوترات تزداد بين إيران والولايات المتحدة وتوحي بحرب قريبة، داعياً إلى أن «نعمل بكل ما نملك ونسعى إلى احتواء ذلك التصعيد».وفي الأشهر الأخيرة من حياته، قاد الأمير جهود بلاده لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وكانت الكويت من أولى دول الخليج التي اتخذت إجراءات إغلاق صارمة لمنع انتشار الوباء الذي أصاب أكثر من مئة ألف من سكان البلاد وتسبب بأكثر من 600 حالة وفاة.
مهندس السياسة الخارجية
اتّبع الشيخ صباح سياسة مستقلة، ما ساعد على تحصين سمعته الإقليمية وصقلها، رغم الأزمات في بلاده.تولى أول منصب حكومي له في 1962، وكان عمره 33 عاماً، قبل أن يصبح وزيراً للخارجية في العام اللاحق، في منصب حمله لأربعة عقود، قبل أن يخرج من الحكم لبضعة أشهر ويعود وزيراً للخارجية.ينظر إلى الأمير الراحل على أنّه مهندس السياسة الخارجية الحديثة لدولة الكويت.فخلال عمله على رأس وزارة الخارجية لأربعة عقود، نسج علاقات وطيدة مع الغرب، وخصوصاً مع الولايات المتحدة التي قادت الحملة العسكرية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي في 1991.وبرز في وقت لاحق كوسيط بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، وبين السعودية وقطر في أعقاب الأزمة التي تسببت بقطع العلاقات بين البلدين في يونيو 2017.ولُقّب الأمير الراحل في الاعلام بـ «عميد الدبلوماسية» و«حكيم العرب».خلال سنوات حكمه الأولى، عاشت الكويت استقراراً مالياً كبيراً مع تجاوز ثروة الصندوق السياسي 600 مليار دولار، للمرة الأولى، بفضل أسعار النفط.لكن انهيار الأسعار في 2014 تسبّب بعجز في الموازنات الكويتية، ما دفع الحكومة إلى رفع أسعار الوقود وتكلفة الخدمات.وفي سبتمبر 2019، أجرى الأمير فحوصاً طبية في الولايات المتحدة ما تسبّب بإلغاء لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.