ماذا نريد من العهد الجديد؟
رحل، رحمه الله، وترك لنا مآثر سيخلدها التاريخ، كان رجل دولة وقائدا للعمل الإنساني والخيري ورمزاً للدبلوماسية والحكمة السياسية، وكانت بصماته حاضرة في كل المراحل والمواقف، ولا ننسى دوره في دعم التضامن والتفاهم العربي والأخوة العربية.
رحل عنا بالأمس المغفور له بإذنه تعالى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الحاكم الخامس عشر لدولة الكويت (صباح الرابع)، وإننا نعزي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد حفظه الله ورعاه ونعزي الشعب الكويتي قاطبة والأمتين العربية والإسلامية في وفاة قائد مسيرتنا الشيخ صباح الأحمد الصباح، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.فقد رحل، رحمه الله، وترك لنا مآثر سيخلدها التاريخ، كان رجل دولة وقائدا للعمل الإنساني والخيري ورمزاً للدبلوماسية والحكمة السياسية، وكانت بصماته حاضرة في كل المراحل والمواقف، ولا ننسى دوره في دعم التضامن والتفاهم العربي والأخوة العربية، وفي رأب الصدع بين الأشقاء ومحاولاته الدائمة لترميم العلاقات بين الدول ودعم الشعوب المنكوبة وتوجيهاته في تقديم الدعم للدول المتضررة في شتى بقاع العالم.وخلفه الآن سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي نبارك له توليه مسند الإمارة، وندعو له بالبطانة الصالحة، وأن يعينه المولى عزّ وجلّ على حمل الأمانة الثقيلة في تولي شؤون البلاد والعباد، فالكويت الآن تمر بمنعطف سياسي خطير وتواجه جبهات مفتوحة تحتاج إلى حكمة سموه وقوته وحزمه في اتخاذ القرارات الحاسمة، وفي وقتها الصحيح.
لن أزيد في رثاء الأمير المغفور له، ولا ذكر أفعاله ومناقبه التي لا تخفى على القاصي والداني في كل أرجاء المعمورة، فيكفينا شرفاً- نحن الكويتيين- أننا لم نطبع مع الكيان الصهيوني المحتل في وقت كان هذا سلوك ونهج متبع لمن هم حولنا، وسميت بلادنا في عهد المغفور له ببلد الإنسانية والدبلوماسية والقيادة الحكيمة.ولكن سأسرد بعض الأماني التي لطالما حلمت بها أنا ومن معي من شباب الكويت الذين يتمنون أن يروا بلادهم درة العالم ومنارة للكون كما عهدناها، فلا يخفى عن الجميع ما تعانيه البلاد من فسادٍ تعود المواطن البسيط أن يستهل أسبوعه به، من أخبار مبعثرة هنا وهناك، فساد سياسي ومالي وإداري، ولعله الأخطر علينا في مؤسسات الدولة، فهو منبثق من صميم الأعمال اليومية، والذي يمكننا جميعا أن نلمسه حين نخاطب أحدهم، ونحن على رؤوس أعمالنا، لنستشف أن «الرجل المناسب، ليس في المكان المناسب»، وأن العملية تشوبها شيء من «خشمك، إذنك» و«هذا ولدنا وهذا ولدهم»، هذا ناهيك عن الهمز والتلميحات عن مس جيب المواطن البسيط، الذي بات يلبس ملابس دون جيوب خشية مد يد التاجر عليها. والمشكلة الأعظم في رأيي هي توافر الحلول وبشكل مباشر وسريع، ﺇلا أن رياح القوى المفسدة دائماﹰ ما تأتي على عكس ما يتمناه المواطن البسيط، فبالطبع لابد للفاسد أن يحتضن قوى الفساد ويرعاها وإلا لما كان له وجود على كرسي هو لا يستحقه. البطانة الصالحة التي أتمنى أن أراها هي تناصح المسؤولين وتعاطيهم مع المشورة الصحيحة فيما يثلج قلب المواطن، الذي يجب أن يدرك أن قلة قليلة هي التي تتحكم في القرارات السياسية والاقتصادية في الدولة وهي التي ترعى فساد الإدارات وسراق المال العام، وتمكن الطالح على حساب الصالح. أتمنى من بطانة المسؤولين الآن أن تدرك وتوجه القياديين إلى اتخاذ النهج المؤسسي السليم، وألا يغلب طابع التفرد على القرارات أبداﹰ، وأتمنى أن أرى حلولا للمشاكل المتراكمة من حل جذري عادل وإنساني لمشكلة الكويتيين البدون، وحفظ هيبة الدولة في تطبيق القوانين على الجميع دون تردد، والتصدي لقوى الفساد المالي والإداري للدولة. ولا أغفل أن «أتمنى» حفظ اسم الكويت والكويتيين خارجياﹰ من الدول التي اعتادت أن تردد هذا الاسم إما تملقاﹰ (وهذا مشين) أو تصغيراﹰ (وهذا بلاء)، فللكويتي هيبة، وهيبة عظيمة لا يحسها ﺇلا الكويتي نفسه حين يسافر ويرتحل لسبب أو لآخر. أمنيتي القادمة، وهي ليست الأخيرة، أن أرى قراراﹰ حاسماﹰ وفورياً في إحلال الكويتيين والكوادر الوطنية في كل مكان في الدولة، وعلى وجه الخصوص في الوظائف القيادية الفنية، ليتحقق انفراج على مستوى الكويت لطالما حلمنا به. لا يقبل كويتي أن يمثل بلده إلا مواطن شريف مثله، ولا يتكلم باسمه إلا مواطن مثله، فلن تجدوا أحدا يتكلم باسم أي بلد في الخارج إلا من مواطني ذاك البلاد، فنحن نريد باختصار أن ينتهي «العصر الجوراسي الإداري للديناصورات» ويشرق على مؤسساتنا عهد جديد يتمكن منه المواطن الشريف الغيور على بلده من ممارسة ما يرضي الله، وما يشرف به بلده، فمكّنوا أبناء الكويت لتروا كويتاﹰ جديدة بكل معنى.