مع رحيل أمير الإنسانية وراسم النهج لإدارة الدولة نعزي أنفسنا والعالم العربي والإسلامي بهذا المصاب، وفي الوقت ذاته ندعو إلى سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بموفور الصحة والعافية، فلم يكن غريباً ما تلقاه من اتصالات كثيرة من العالم أجمع للقيام بواجب العزاء، فللأمير الراحل مكانة في قلوب الجميع، أعاننا الله على تلك الفاجعة، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان. فقد رفع الأمير الراحل راية العمل الاقتصادي العربي، فدعا إلى ارتقاء وتطوير الطاقات البشرية العربية عبر حديثه، رحمه الله، في المؤتمر الاقتصادي الموجه للعالم العربي، تحت مظلة جامعة الدول العربية في افتتاح القمة الاقتصادية العربية 2009: «إن بناء الإنسان وتنمية قدراته وطاقاته هو أحد أهم السبل الكفيلة بتحقيق النهوض الحضاري والإنساني المنشود، فالإنسان هو صانع الحضارات والنواة الأولى لرقي المجتمعات، وعليه فإننا مدعوون للارتقاء وتطوير مستوى الإنسان العربي».
ورفع سموه أيضا راية السلام في البرلمان، وذلك عبر خريطة الطريق التي عززها من خلال خطاباته لدعم الاستقرار الداخلي، فقال الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح عام 2011، رحمه الله وغفر له: «عاش أهل الكويت على مر الأجيال إخوة متحابين متراحمين، توحدهم روابط المصير المشترك، عاشقين لوطنهم، مضحين من أجله بالأرواح والغالي والنفيس...». ولطالما أنقذنا الأمير الراحل من مراحل الاختناق في الحوار بين الحكومة وأعضاء البرلمان أثناء وقوفنا كشعب متفرج وناقد للاثنين معا، موجهاً حديثه لنا تحت قبة عبدالله السالم مراراً وتكراراً حول تفعيل «إرادة التغيير»، واعتماد نهج جديد يواجه التراكمات الثقيلة التي أفرزتها تجارب الكويت السابقة. ولطالما أيضا طالب من خلال كلماته بانتهاج مبدأ المعالجة المنهجية لمسيرة العمل الوطني، فكان، رحمه الله، يتابع مسيرة العمل الوطني بهدوء ملحوظ واهتمام شديد، ومن خلال اهتمام أميرنا الراحل الشيخ صباح الأحمد وخطاباته البرلمانية نستذكر الوصايا الخمس التي دعا لها لتعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي: أولاً، الوحدة الوطنية وضرورة السعي إلى حمايتها من مظاهر الفرقة والتشتت.ثانياً، تطبيق القوانين والانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة التطبيق الفعلي الجاد الذي يجسد العدالة والمساواة وسيادة القانون.ثالثاً، تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتطوير العلاقة بينهما فيما يعالج العثرات والاختناقات التي تعرقل مسيرة العمل الوطني. رابعاً، تصحيح المسار الإعلامي بمختلف مؤسساته وأدواته، وتجديد الخطاب السياسي.خامساً، العمل على رسم رؤية جديدة تقوم على استشراف المستقبل والتطلع نحو العالمية وهي ليست كلمات فحسب، بل نهجاً رسمه سموه، رحمه الله، للكويت.حظي ذلك النهج بتأييد الجميع وسط التمسك بالمؤسسة التشريعية، ومعالجة ما قد يصيب المؤسسات الحكومية من ترهل والممارسات البرلمانية من تعطيل.وحقيقة الأمر أن حرص الأمير الراحل، رحمه الله، على التاريخ المشرف للحياة السياسية والبرلمانية الكويتية دعوة لنا لنعيد قراءة خطاباته وأفكاره، ووضعها أمام الأعين، وبلورتها إلى إطار من الديمقراطية، ومظلة من التطلع للعالمية، وتعزيز العلاقات الخارجية، عبر الدروس التي استقيناها تحت مظلة نسجه للعلاقات بخيوط من ذهب.
مقالات
الوصايا الخمس للأمير الراحل
01-10-2020