قطعاً ليس أميراً مبجلاً فقط، أو شيخاً موقراً، أو حاكماً استثنائياً، أو سياسياً لامعاً، أو إنساناً جميلاً، بل جمع كل ذلك في شخص واحد وزيادة... تشرّفت بلقائه في عدد من المناسبات في نيودلهي عندما كنت أعمل هناك، وفي لندن عامي 1996 و1997، وفي الكويت قبل توليه الحكم، وعند توليه الحكم، وبعد توليه الحكم... وفي كل مرة أتشرّف بزيارته أزداد إعجاباً بتواضعه ووجهه البشوش، وابتسامته المشرقة، مما دفعني إلى نظم قصيدة مطلعها:
بَدْرُ الكويت صباحٌ أنت سُؤددنا كُحل العيون لشعبٍ قلبه صببُرأسُ الفهود بحقّ شخصك الساميصقرُ الطيور ونَسرٌ فكرهُ أدبُتتلمذ على يد والده المرحوم الشيخ أحمد الجابر، وكان توأم أخيه الأكبر جابر الخير، وتكاد لا تجد صورة قديمة له في شبابه إلا ويكون والده وأخوه جابر معه. بدأ حياته المهنية عام 1954، أو ما يُعرف بسنة الهدامة الثانية، حيث تم تعيينه في مهمة شعبية، وهي إغاثة المنكوبين والمتضررين بسبب الأمطار، فكان رئيساً للجنة، ولم يترك أحداً من الكويتيين من غير أن يعمل على إغاثته وإيجاد سكن بديل له، وتوفير كل احتياجاته. وفي عام 1959 تولّى مسؤولية مكافحة غلاء المهور، ونجح في ذلك نجاحاً باهراً، إذ تم تحديد المهر بما لا يزيد على مبلغ 2000 روبية، ونشر بياناً للشعب بأنه لن يراقب المبالغ المدفوعة للزواج لثقته بالشعب وعائلات الكويت، وعندما تم توزيره عمل بجدّ واجتهاد، وكسب ثقة الأمراء السابقين له وثقة الشعب، واستمر في عطائه أكثر من ستة عقود متتالية، ترك فيها آثاراً لا تحصى، وخصوصاً في المجال السياسي الخارجي.لقد مرّ العالم العربي بمشكلات وأزمات كثيرة خلال العقود الستة الماضية، وكان لأميرنا الراحل مواقف وجهود مخلصة وبناءة في تسويتها، مما أكسبه احترام وتقدير السياسيين والقادة العرب من مختلف مشاربهم، وأدى إلى رفع اسم الكويت بين الدول العربية والأجنبية.أما بعد تولّيه الحكم في عام 2006 فقد أرسى الشيخ صباح دعائم أسلوب جديد في الحكم، أساسه المواجهة السياسية مع المعارضة، والإصرار على قناعاته في التعامل مع قضايا الشعب والوطن. ورغم أن هناك من السياسيين من اختلف معه في التعامل مع مشاكل البلاد بشكل جذري، فإنه امتلك رؤية خاصة به وقناعة صلبة ومتميزة لم يتراجع عنها، واستمر فيها إلى يوم وفاته... رحمك الله يا صباح الوجه الباسم، ووداعاً يا بدر الكويت.
أخر كلام
وداعاً بدر الكويت صاحب الابتسامة المشرقة والنظرة الثاقبة
02-10-2020