كلمة في حق الكويت وفقيدها الكبير
وفاة الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، تحولت إلى تظاهرة عالمية لتذكر مواقف الكويت الجليلة في عهده، لقد شاهدنا كيف أن الدول والشعوب تسابقت لمشاركة الكويت أحزانها والتعزية بوفاة هذا الأمير القائد الذي استطاع حمل الكويت وسط العواصف الإقليمية والعالمية بقيادة موزونة وخط واضح حافظت فيه الكويت على مصالحها، وأدت واجباتها، وحمت حقوق الآخرين بالعيش في سلام.هذه التظاهرة العالمية المحبة للكويت والمقدرة لمواقفها البارزة لم تأت من فراغ، لقد تميزت الكويت في السنوات العشر الأخيرة تحديداً في العمل جنباً إلى جنب مع الشعوب في محنها، وساندت الدول المحتاجة في نكباتها، وتمسكت بكل ما أوتيت من قوة وإيمان بالوحدة الخليجية ولمّ شتات الصف العربي وخدمة القضايا الإسلامية، وكانت الكويت دوماً إلى جانب المستضعفين حول العالم، واجتهدت في حل الخلافات العميقة بين المتحاربين في الدول العربية، ولم تشارك في أي حرب أهلية لإذكائها وإنما لإطفائها وحماية الأرواح وإنهاء الصراعات المدمرة.
هذا الحضور العالمي المهيب للكويت، وهذه القوة الناعمة للدبلوماسية الكويتية إرث كبير ساهم في لبناته الأولى الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، عندما ترأس وزارة الخارجية في عهد الاستقلال المبارك، ورفع علم الكويت الميمون على صواري الأمم المتحدة سنة ١٩٦٣ إلى يومنا هذا.لا عجب مما رأيناه من الفزعة العالمية لمشاركة الكويت أحزانها من الشعوب قبل الحكومات، ومن الناس قبل الأنظمة، فالكويت ولله الحمد قد ارتبط اسمها بالعطاء والمواساة والسلام بفضل الله تعالى، ثم بالنهج القويم للحكومة والشعب والمنظمات الرسمية والجمعيات التطوعية والخيرية في مد يد العون للعالم من حولنا. إن هذا السمت الإنساني الواضح الذي يجب علينا جميعا- حكومة وشعباً- التمسك به والحفاظ عليه هو ما دعت له شريعتنا الإسلامية الغراء، وهو ما جبلنا عليه في هذا الوطن الصغير بحجمه والعظيم بعطائه، فرحم الله فقيد الوطن، وأحسن الله عزاءكم يا أهل الكويت، ودعاؤنا لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بالتوفيق والسداد. والله الموفق.