في تطور زاد ضبابية الوضع، دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشفى وولتر ريد العسكري قرب واشنطن، أمس الأول، لقضاء فترة الحجر الصحي، وبدء علاج تجريبي لفيروس كورونا، الذي أصابه قبل شهر من انطلاق السباق المحموم إلى البيت الأبيض، وتسبب في تحول حملته الانتخابية عن اللقاءات الجماهيرية الصاخبة إلى الاجتماعات الافتراضية على الإنترنت.

وبعد غيابه عن الساحة العامة منذ إعلانه المفاجئ أنه والسيدة الأولى ميلانيا مصابان بالفيروس، غادر ترامب البيت الأبيض مساء أمس الأول، بدون أي مساعدة، واضعا كمامة خلال توجهه نحو المروحية الرئاسية التي نقلته إلى المستشفى الواقع في ضاحية واشنطن لتلقي العلاج.

Ad

وفي مقطع فيديو مدته 18 ثانية سجل داخل البيت الأبيض ونشر على "تويتر"، كسر ترامب صمته قائلا إنه سيدخل المستشفى، لكن "أعتقد أنني في حال جيدة جدا، وسنتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام"، موضحا أن زوجته أيضا "في حال جيدة جدا".

وفي أول تعليق له بعد نقله إلى "والتر ريد"، وتلقيه علاجا مضادا لفيروس كورونا، كتب ترامب، في تغريدة، "الأمور تسير بشكل جيد، حسبما أعتقد، شكرا لكم جميعا، كل الحب".

وقبل ثبوت إصابتها بكورونا، ذكرت المتحدثة باسم حملة الرئيس الجمهوري كايلي ماكناني أن ترامب يتلقى عقار ريمديسفير، بعد التشاور مع المتخصصين، و"لا يحتاج إلى أكسجين إضافي"، مبينة أنه "في إجراء احترازي، وبناء على توصية طبيبه والخبراء الطبيين، سيعمل من المكاتب الرئاسية في (مستشفى) وولتر ريد خلال أيام قليلة".

أجسام مضادة

وبعد أن قدم مساعدو الرئيس تقييمات متفائلة في البداية، أشار طبيب البيت الأبيض شون كونلي إلى وضع أكثر خطورة، وأن ترامب يتلقى علاجا تجريبيا عبارة عن أجسام مضادة صناعية، وأيضا عقار ريمديسيفير والزنك وفيتامين (د) والفاموتيدين والميلاتونين والأسبرين، مضيفا أنه "لا يزال متعبا، لكن معنوياته جيدة وليس بحاجة لتزويده بالأكسجين"، وميلانيا تعاني "سعالا خفيفا وصداعا".

وأوضح كونلي أنه تم حقن ترامب بأعلى جرعة (8 غرامات) من العلاج الذي طوره مختبر "ريجينيرون"، وأعطى نتائج أولية مشجعة في التجارب السريرية على عدد صغير من المرضى، مشيرا إلى أن الخبراء يفحصونه وسيُقدمون توصيات بشأن "الخطوات التالية".

وفي حين أفاد مصدر بأن ترامب يعاني من الحمى منذ صباح أمس، لكنها لا تزال متوافقة مع وصف كونلي بالأعراض "الخفيفة"، قال نجله إن والده "يأخذ الأمر على محمل الجد بطبيعة الحال، لكنه مقاتل".

وشكل تأكيد إصابة ترامب الصادم ضربة قوية لجهوده الرامية للفوز بولاية ثانية، مع تسببه في تجميد حملته التي كانت مقررة في أنحاء أميركا، بهدف اللحاق بالركب في استطلاعات الرأي.

وقالت حملة ترامب إن الأحداث المخطط لها تم تأجيلها أو ستجري عبر الإنترنت، بدءا من إلغاء تجمع في فلوريدا أمس الأول، وآخر في ويسكنسن أمس، وغيرهما في الولايات الغربية مثل أريزونا الأسبوع المقبل، حتى ان المناظرة الثانية بين ترامب وبايدن، المقرر إجراؤها 15 أكتوبر، أصبحت الآن موضع شك.

وتعتبر التجمعات جزءا رئيسيا من حملة ترامب، لدرجة أن عدم قدرته المفاجئة على السفر تترك فريق حملته يعاني في جهود إعادة رسم استراتيجيته. وإضافة إلى ذلك، كثيرا ما ركز ترامب في حملة إعادة انتخابه على مسألة أن مخاطر فيروس كورونا مبالغ فيها.

البيت الأبيض

وزادت مخاوف اجتياح الإصابات قلب البيت الأبيض، حيث التقى ترامب عشرات الأشخاص خلال الأسبوع، وحضر حملة لجمع التبرعات في نيوجيرسي، بعدما تأكدت إصابة مستشارته المقربة هوب هيكس، وأوضح البيت الأبيض أنه يجري عملية تعقب لمخالطي ترامب، بينما قالت الناطقة باسم ميلانيا ترامب إن نجلها بارون، البالغ 14 عاما، جاءت نتيجة اختباره سلبية.

ورغم أن نتيجة اختبارهما وشخصيات بارزة أخرى جاءت سلبية، تقرر مضاعفة التباعد الآمن بين نائب الرئيس مايك بنس والمرشحة الديمقراطية لمنصبه كامالا هاريس خلال مناظرتهما الأربعاء، من 2 إلى 4 أمتار.

وفي حين أكد البيت الأبيض أن نتيجة اختبار المرشحة للمحكمة العليا آيمي كوني باريت جاءت سلبية أيضا، أعلنت ليل الجمعة - السبت كيليان كونواي، المساعدة السابقة، أنها مصابة بالفيروس، وتعاني من أعراض "خفيفة".

وكشف مدير حملة الرئيس بيل ستيبين، الذي كان مع ترامب الاثنين بالبيت الأبيض، وسافر معه من وإلى كليفلاند برفقة هيكس، للمشاركة في المناظرة الرئاسية الأولى الثلاثاء الماضي، أن نتيجة اختباره جاءت إيجابية، وهو في الحجر الصحي مع أعراض خفيفة.

وأفادت شبكة NBC بأن 11 شخصا مصابا بفيروس كورونا حضروا المناظرة الرئاسية، إضافة إلى صحافيين من فريق تغطية نشاطات البيت الأبيض.

وأمر مجلس الأمن القومي جميع موظفيه بوضع كمامات في الأماكن المشتركة بالبيت الأبيض، وتجنب الزيارات غير الضرورية للجناح الغربي.

وأبلغت حملة المرشح الديمقراطي، التي قررت وقف كل الإعلانات السلبية تجاه ترامب، صحافي البيت الأبيض بأنها لن تسمح بمرافقتهم لبايدن في لقاء مع أنصاره في ميشيغان.

ويزيد هذا التطور المفاجئ ضبابية وضع الانتخابات المرتقبة في 3 نوفمبر، إذ اضطر ترامب، الذي يتخلف عن خصمه الديمقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي، إلى تجميد جزء كبير من حملته.

وقلب مرض ترامب مسار السباق إلى البيت الأبيض رأسا على عقب، بعدما وجد بايدن نفسه فجأة وحيدا في مضمار الحملة الانتخابية، وقادرا على إثبات أن نهجه الأكثر حذرا تجاه الوباء كان مبررا، ومن السابق لأوانه التنبؤ بطريقة تأثير إصابة ترامب في السباق إلى البيت الأبيض، وهو من أكثر المعارك الأميركية صخبا في العصر الحديث.

وجعل بايدن من إدارة ترامب لأزمة الوباء، لاسيما الرسائل المختلطة بشأن وضع الكمامات، محور حملته الانتخابية، بينما حاول ترامب مرارا تحويل الانتباه إلى مجالات يشعر فيها بالقوة، مثل الاقتصاد. وأعلن بايدن، الذي وقف على مقربة من ترامب لمدة 90 دقيقة خلال المناظرة الأولى في كليفلاند، أن نتيجة اختبار فيروس كورونا له ولزوجته جيل، أمس الأول، جاءت سلبية.

وفي خطوة تؤكد ميزة اكتسبها فجأة في السباق، سافر بايدن، الذي تمنى الشفاء لترامب وعائلته، إلى غراند رابيدز في ولاية ميشيغان، لعقد تجمع انتحابي، مذكرا الناخبين بأنه دافع باستمرار من أجل أخذ فيروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 208 آلاف أميركي، على محمل الجد، بخلاف خصمه الذي سخر مرارا منه لتمسكه باستخدام الكمامات.

وقال بايدن، لأنصاره بالولاية الرئيسية في "حزام الصدأ"، التي فاز بها ترامب في 2016، "الكمامات مهمة جدا، وبالتالي كونوا وطنيين. إنها ليست مسألة تعنت. يتعلق الأمر بالمشاركة في الجهد الجماعي. هذه ليست مسألة سياسة. إنه تذكير قوي لنا جميعا بأنه يتعين علينا التعامل مع هذا الفيروس بجدية. لن يختفي تلقائياً".

وفي أحد التجمعات في غراند رابيدز، لم يأت إلا بضع عشرات من الأشخاص، ولم يكن هناك تفاعل شخصي مرئي بين بايدن والناخبين، لكن الرسالة كانت واضحة: بايدن لا يسمح لإصابة ترامب أن تقلب حملته الانتخابية التي تكثفت أخيرا، وضمت جولة بالقطار الأربعاء عبر أوهايو وبنسلفانيا.

وقدم ناخبو ميشيغان، الذين اصطفوا على جانبي الطريق خلال عقد بايدن التجمع، آراءهم في التطورات الأخيرة، وحملت امرأة لافتة صغيرة كتب عليها "الكمامات فعالة".

ومع ذلك، امتنع بايدن عن الانتقاد المباشر لخصمه، وأنهى حديثه بتمنيات بالشفاء العاجل لترامب، وقال: "حفظ الله العائلة الأولى وكل أسرة تتعامل مع هذا الفيروس".

ومع تبقي 32 يوما فقط قبل الانتخابات، أعلن فريق بايدن فعاليات جديدة. ستزور زوجته جيل ولاية مينيسوتا السبت، في حين سيزور السيناتور المنافس السابق بيرني ساندرز نيو هامبشير نيابة عنه. وكانت نائبته هاريس في نيفادا أمس الأول.

أوباما يتضامن... وكيم يبعث أول برقية

وجّه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما رسالة لخليفته دونالد ترامب، تمنّى له فيه مع زوجته ميشيل أطيب التمنيات بالشفاء من فيروس كورونا، مشيرا في الوقت ذاته إلى "المعركة السياسية الكبيرة" بين الديمقراطيين والجمهوريين.

وقال أوباما، خلال حملة لجمع التبرعات للمرشح الديمقراطي جو بايدن عبر الإنترنت، "رغم أننا في خضم معركة سياسية كبيرة، ونحن نأخذ ذلك على محمل الجدّ، فإننا نريد أيضاً أن نوجه أطيب تمنياتنا إلى رئيس الولايات المتحدة والسيدة الأولى"، مضيفا: "ميشيل وأنا نتمنى أن يتلقّيا، إلى جانب المتضررين الآخرين من الفيروس، الرعاية التي يحتاجون إليها، وأن يكونوا على طريق الشفاء العاجل".

وفي الوقت الذي هزّت هذه الأنباء أسواق الأسهم العالمية، تمنّى قادة من أنحاء العالم بمن فيهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لترامب والسيدة الأولى الشفاء العاجل.

وفي سابقة لم تحدث من قبل، بعث الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رسالة إلى ترامب، تمنّى له فيها التعافي "في أسرع وقت".

وذكرت وكالة الأنباء الرسميّة، أمس، أن كيم "أعرب عن تعاطفه مع الرئيس والسيّدة الأولى، ويأمل بصدق في أن يتماثلا للشفاء في أسرع وقت، ويتغلّبا على ذلك. وأرسل إليهما تحيّاته الحارّة".

ووفقًا لوكالة يونهاب الكورية الجنوبية، هذه هي المرة الأولى التي يرسل كيم مثل هذه الأمنيات إلى زعيم ثبتت إصابته بالفيروس.

بدوره، تمنّى الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الأميركي الشفاء العاجل، وأعرب وزوجته بينغ ليوان، في رسالة، عن تعاطفهما مع ترامب وميلانيا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني إنه ليس لديه شك في أن ترامب سيتعافى على نحو جيد للغاية، مؤكداً أنه "شخصية مقاومة بطبيعتها".