شروط نجاح الانتخابات في فلسطين
الانتخابات في فلسطين حق للشعب مستحق منذ أكثر من عشر سنوات، وتأخيرها أضعف النظام السياسي الفلسطيني، وخلق هوة ثقة بين القوى الفلسطينية والجمهور الفلسطيني في الداخل والخارج.ولو تم استغلال فرصة إجرائها التي أتيحت في نهاية العام الماضي لكان الوضع الفلسطيني اليوم أكثر متانة وقوة، وأكثر صلابة في مواجهة التدخلات الخارجية. اليوم تطرح الانتخابات في إطار حزمة التوافق الوطني، الذي نشأ بعد اجتماع الأمناء العامين للقوى الفلسطينية والذي عقد في 3/9/2020، وتم الاتفاق فيه على رفض صفقة القرن ومشاريع التطبيع، والبدء بحوار وطني لإنهاء الانقسام بكل أشكاله، وإنجاز المصالحة وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية. كما اتفق على بلورة رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام والمصالحة والشراكة في إطار (م ت ف)، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، وأقر الاجتماع تشكيل لجنة قيادة وطنية موحدة للمقاومة الشعبية الشاملة. وهكذا فإن الانتخابات ليست معزولة عن تصعيد المقاومة الشعبية، ولا عن إنهاء الانقسام، بل تمثل وسيلة لإنهائه واستعادة الديمقراطية كحق للشعب، ولهذا كان هناك توافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات، وعلى أساس نتائجها. تشكل الانتخابات الديمقراطية التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني الفلسطيني فرصة لتأكيد وحدة الموقف الوطني الفلسطيني المشترك في مواجهة مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية بما فيها "صفقة القرن"، وتكريس الديمقراطية كأساس للشراكة والعلاقات الوطنية والاجتماعية، ولتحقيق فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وترسيخ التعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير. ولكن الانتخابات تأتي اليوم في إطار الصراع الدائر مع الاحتلال ونظامه العنصري، وبالتالي فمن المؤكد أن الاحتلال سيضع عقبات عديدة لتعطيلها، في القدس وفي مناطق عديدة أخرى. ولهذا فإن نجاح الانتخابات، يقتضي توافر ثلاثة شروط رئيسة:أولاً- أن يتم التحضير لإجرائها بالتوازي مع إجراءات تطوير وتصعيد المقاومة الشعبية، وإنهاء الانقسام، المتفق عليها في اجتماع الأمناء العامين، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تضمن توفير الأجواء السليمة لإجراء الانتخابات، وتضمن التصدي الموحد لأي عمليات تعطيل أو تخريب خارجية أو داخلية، وخصوصا من الجانب الإسرائيلي.
ثانياً- أن يتم التوافق على إجراء الانتخابات في قطاع غزة والضفة وفي مقدمتها القدس، حتى لو حاولت إسرائيل منع إجرائها في القدس، وتحويل الانتخابات إلى معركة مقاومة شعبية، تتحدى الإجراءات الإسرائيلية وتجري الانتخابات في القدس رغم أنف الاحتلال.ثالثاً- تنفيذ التفاهمات الـ(11) التي تم التوافق عليها بين القوى الفلسطينية، بالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية، في شهر نوفمبر من العام الماضي، والتي تشكل ضمانة لنزاهة وسلامة الانتخابات على قاعدة الإجماع الذي تحقق على إجرائها بنظام التمثيل النسبي الكامل، ومنها أن تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية على التوالي في مواعيد محددة يحددها المرسوم الرئاسي نفسه ولا تزيد الفترة بينهما على ثلاثة أشهر. وأن الأعضاء المنتخبين في الضفة والقدس وقطاع غزة سيكونون ممثلين لهذه المناطق في المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية، على أن يتم استكمال انتخابات أعضاء المجلس الوطني في الخارج فور انتهاء انتخابات المجلس التشريعي. وكذلك التوافق على تشكيل محكمة الانتخابات من قضاة مشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية السياسية، وتحييد أي محكمة أخرى عن التدخل في الانتخابات ونتائجها. بالإضافة الى التطبيق الدقيق للقانون الأساسي دون تمييز بما في ذلك الإلغاء الفوري للتمييز القائم حالياً في معاملة أعضاء المجلس التشريعي السابق.وتنفيذ الأسس التي تم التوافق عليها لضمان حرية ونزاهة الانتخابات بما يشمل: - الإفراج عن كل المعتقلين والمحتجزين لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق بحرية الرأي ووقف أي شكل من الاستدعاءات لأسباب سياسية أو أمور تتعلق بالانتماء أو النشاط الحزبي والسياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة. - ضمان توافر الحرية الكاملة للدعاية السياسية والنشر وعقد الاجتماعات السياسية والانتخابية دون مضايقة ودون الحاجة إلى إذن مسبق. - ضمان حيادية الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع وعدم تدخلها في الانتخابات أو الدعاية لأي طرف سياسي.- تحريم استخدام الوزارات والأجهزة الرسمية لمصلحة أي حزب أو قائمة مشاركة في الانتخابات. - توفير فرص متكافئة لكل القوى والقوائم المشاركة في أجهزة الإعلام الرسمي دون تمييز.- إصدار مرسوم بتنظيم التمويل المالي الحكومي للحملات الانتخابية بما يضمن العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع القوائم والقوى المشاركة وتوفير دعم متساو لها.- توقيع وثيقة تتعهد فيها كل القوى باحترام نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية. - توقيع وثيقة يتعهد فيها الجميع بعد الانتخابات بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتكون على أساس نتائج الانتخابات التشريعية. انتظر الشعب الفلسطيني طويلاً إنهاء الانقسام، وانتظر طويلاً تلبية حقه في الانتخابات الديمقراطية، ونصف الناخبين في فلسطين اليوم من الشباب الذين لم تتح لهم أبداً فرصة التصويت حتى الآن. ولا يملك أحد بعد اليوم رفاهية الانتظار والتأجيل، خصوصا في ظل حاجتنا الملحة لتوحيد قوانا وإنهاء الانقسام بكل أشكاله في مواجهة أخطر مؤامرة تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنيـة الفلسطينية