بدأ الأسبوع بوتيرة هادئة إلى حد ما في الولايات المتحدة، إلا أن إيقاع الأحداث أخذ بالتسارع في ظل متابعة ما وصف بأنه مناظرة رئاسية «فوضوية» على أحسن تقدير، حيث لوحظ تعمد ترامب مقاطعة حديث أي شخص آخر على خشبة المسرح، وتحديدا منافسه الديمقراطي جو بايدن، والمذيع كريس والاس، الذي تولى إدارة المناظرة.

وفي وقت لاحق من الأسبوع، أقر مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، حزمة تحفيز مالي جديدة بقيمة 2.2 تريليون دولار، وكانت نتائج التصويت متقاربة عند 214-207 لمصلحة القرار، بينما تعتبر المرة الثانية منذ مايو التي يقر فيها المجلس الأدنى من الكونغرس تشريعا لدعم الاقتصاد الأميركي دون الحصول على دعم المشرعين الجمهوريين وإدارة ترامب.

Ad

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، كانت هناك محاولات جارية بين نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الديمقراطي، وستيفن منوشين وزير الخزانة لإبرام اتفاق مؤخرا، ومن المتوقع أن يواصلا المحادثات بعد تصويت مجلس النواب، وتتم مراقبة المفاوضات الجارية في كابيتول هيل عن كثب من قبل الاقتصاديين، بمن فيهم اقتصاديو الاحتياطي الفدرالي، الذين يخشون أن يؤدي سحب الدعم المالي إلى إعاقة تعافي الاقتصاد الأميركي.

وزادت البيانات التي تم إصدارها الخميس من المخاوف، بعد أن كشفت عن انخفاض الدخل الشخصي بنسبة 2.7 في المئة بأغسطس، فيما يعزى إلى حد كبير لانقطاع إعانات البطالة الطارئة لمواجهة جائحة كورونا، والمدرجة ضمن الجولة الأولى من برنامج التحفيز المالي بقيمة 3 تريليونات دولار.

ويتضمن مشروع القانون تقديم إعانات جديدة مباشرة للأسر الأميركية فيما يعتبر امتدادا لمزايا اعانات البطالة الطارئة، كما يشمل تقديم الدعم المالي للشركات والحكومات المحلية والولايات، والتي كانت إحدى أهم النقاط العالقة أثناء المحادثات.

ثم أتى يوم الجمعة، وبدأ بإعلان الرئيس دونالد ترامب على «تويتر» تأكيد إصابته هو والسيدة الأولى ميلانيا ترامب بفيروس كورونا، وقال ترامب في تغريدة نشرها على صفحته بموقع تويتر: «الليلة تم تأكيد إصابتي والسيدة الأولى بكوفيد 19، سنبدأ الحجر الصحي والتعافي على الفور. سوف نتجاوز هذا معا!».

ويساهم تأكيد تشخيصه بالمرض في اضافة مستوى جديد من الضبابية لحملته الرئاسية المضطربة بالفعل، حيث لم يتضح بعد ما إذا كان الحجر الصحي لترامب سينتهي بحلول موعد المناظرة الرئاسية المقررة في 15 أكتوبر، وكيف سيؤثر الحجر الصحي على قدرته على متابعة حملته الانتخابية خلال آخر 32 يوما من السباق الرئاسي.

وصرح الطبيب المعالج للرئيس ترامب د. شون كونلي: «الرئيس والسيدة الأولى بصحة جيدة في الوقت الحالي، ويخططان للبقاء في المنزل داخل البيت الأبيض خلال فترة النقاهة»، مضيفا: «اطمئنوا، أتوقع أن يواصل الرئيس أداء مهامه دون انقطاع أثناء التعافي». إلا انه بالنظر إلى الحقائق، ذكر خبراء الفيروسات أن ترامب من ضمن فئة «المعرضين لمخاطر المضاعفات». ووفقا للمركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن مرضى فيروس كورونا ممن تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عاما هم أكثر عرضة بمقدار 5 مرات للدخول إلى المستشفى، وأكثر عرضة 90 مرة للوفاة، مقارنة بالمرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، كما قد يكون مؤشر كتلة الجسم الخاص بترامب من عوامل الخطر أيضا، حيث تربط الأبحاث بين السمنة وارتفاع معدلات الوفاة لدى مرضى كورونا.

حركة الأسواق

وساهمت تلك الأخبار في وضع المزيد من الضغوط على وول ستريت، التي تعاني بالفعل الضغوط الناتجة عن الأوضاع المضطربة للانتخابات الأميركية، وأنهى مؤشر ناسداك المركب تداولات اليوم متراجعا 2.22 في المئة عند مستوى 11.075.02 نقطة، بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.96 في المئة، ليغلق عند مستوى 3.348.44، كما أغلق مؤشر داو جونز الصناعي المتوسط عند مستوى 27.682.81 نقطة، بانخفاض بلغت نسبته 0.48 في المئة، كما تأثرت الأسواق الأوروبية أيضا، حيث تراجع مؤشر يورو ستوكس بنسبة 0.10 في المئة، حيث أغلق عند مستوى 3.190.93 نقطة.

وشهدت أسواق العملات الأجنبية اداء متقلبا على مدار الأسبوع، حيث سيطرت معنويات العزوف عن المخاطر على تحركات الدولار، على خلفية الأسبوع العاصف الذي شهدته الولايات المتحدة، حيث أغلق مؤشر الدولار منخفضا بنسبة 0.46 في المئة، وصولاً إلى 93.844.

من جهة أخرى، انهى الين الياباني تداولات الأسبوع مرتفعا بنسبة 0.14 في المئة مقابل الدولار عند مستوى 105.36، كذلك ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 0.86 في المئة مقابل الدولار، حيث أغلق عند مستوى 0.9214، وأنهى الجنيه الإسترليني تداولات الأسبوع عند مستوى 1.2936 مرتفعا 1.35 في المئة، كما ارتفع اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.77 في المئة، وأنهى تداولات الأسبوع عند مستوى 1.1718.

أما على صعيد أسواق السلع فقد استفاد المعدن الأصفر من معنويات العزوف عن المخاطر، حيث أنهى الذهب تداولات الأسبوع مرتفعا 2.11 في المئة إلى مستوى 1.898.70. من جهة أخرى، تراجعت أسعار النفط إلى ما دون حاجز 40 دولارا للبرميل، لتصل بذلك إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ يونيو الماضي، حيث يراهن المتداولون على فقدان زخم انتعاش السوق الذي تأثر سلبا بالجائحة.

تباطؤ وتيرة نمو سوق الوظائف

أظهرت البيانات الصادرة الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 661 ألف وظيفة الشهر الماضي، بانخفاض عن إضافته 1.371.000 وظيفة في الشهر السابق، كما جاء أقل من التوقعات التي أشارت إلى إمكانية تسجيل نمو بمعدل 900 ألف وظيفة. من جهة أخرى، انخفض معدل البطالة إلى 7.9 في المئة مقابل 8.4 في المئة الشهر السابق، ومتجاوزا التوقعات البالغة 8.2 في المئة.

وتمثل هذه البيانات التحديث الشهري الأخير قبل انتخابات نوفمبر، بما يعني أن الرئيس دونالد ترامب سيتحمل أعباء أسوأ معدل للبطالة خلال سبتمبر، مقارنة بأي رئيس أميركي في التاريخ الأميركي منذ انتهاء الحرب.

وأظهرت الأرقام أن اصحاب العمل الأميركيين يواصلون استعادة بعض الوظائف التي تم انهاؤها خلال عمليات الإغلاق في بداية الجائحة، وإن كان بوتيرة أضعف بكثير مقارنة بأشهر الصيف. وعلى مدار يوليو وأغسطس، تمكن الاقتصاد الأميركي من إضافة 1.6 مليون وظيفة شهريا، مقابل 661 ألفا في سبتمبر، واستعادت الولايات المتحدة الآن 11.4 مليونا فقط من أصل 22.2 مليون وظيفة تم الاستغناء عنها من فبراير حتى أبريل الماضي.

ورافق التغيير، الذي طرأ على معدل البطالة، الذي تم قياسه من خلال إجراء مسح منفصل للأسر، انخفاض معدل مشاركة القوى العاملة، ليعطي بذلك إشارة غير مشجعة بخصوص التعافي، ورغم أن الاقتصاد الأميركي قد تعافى بسرعة أكبر مما كان متوقعا من الصدمة الأولية للجائحة، فإن هناك قلقا بين صفوف الاقتصاديين من أن التوقعات قد تكون أكثر قتامة خلال الأشهر المقبلة نتيجة لتلاشي التحفيز المالي، والمخاوف من موجات جديدة من الفيروس، وربما التوترات المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية.

أوروبا

صرحت رئيسة «المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد في خطابها الأربعاء الماضي بأن هذا البنك سيدرس اتباع نهج الاحتياطي الفدرالي الأميركي بالسماح للتضخم بتجاوز المستوى المستهدف بعد فترة من تباطؤ ارتفاع الأسعار.

وجاء هذا الإعلان في أعقاب إعلان رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول الشهر الماضي تحولاً استراتيجياً في سياسته بالاعتماد على معدل متوسط للتضخم، والتي من شأنها أن تتغاضى عن تجاوز التضخم لمستوى 2 في المئة المستهدف لفترة زمنية.

ويعتقد المحللون أن هذا التحول من الاحتياطي الفدرالي يفرض ضغوطاً على المركزي الأوروبي والجهات التنظيمية الأخرى ليحذوا حذوه. وقالت لاغارد أثناء المؤتمر الصحافي، الذي عقد في فرانكفورت، إنه «يمكننا دراسة جدوى ذلك النهج كجزء من مراجعة استراتيجية المركزي الأوروبي».

وتابعت: «النطاق الأوسع لنقاش اليوم... هو ما إذا كان يتعين على البنوك المركزية أن تلتزم صراحة بتعويض تراجع معدلات التضخم عندما تصل في بعض الأوقات إلى ما دون المستوى المستهدف».

وكان البنك المركزي الأوروبي أطلق مراجعته الاستراتيجية في يناير الماضي، التي تم تعليقها في مارس على خلفية تفشي جائحة فيروس كورونا، ومن المقرر الانتهاء منها في سبتمبر.

وذكرت لاغارد أن المراجعة الاستراتيجية ستدرس إعادة صياغة مستهدف التضخم حالياً عند مستوى أقل من، لكن قريب من 2 في المئة إلى معدل مستهدف «أكثر توافقاً» يتمثل في مراعاة انخفاض وارتفاع معدل التضخم عن مستواه المستهدف بنفس القدر.

وأضافت أن الطريقة التي يتم بها قياس التضخم يمكن تغييرها لتأخذ في الاعتبار بشكل أكبر أسعار المساكن التي يشغلها مالكوها، ودعت إلى زيادة التركيز على معدل التضخم الأساسي، والذي يستبعد العناصر الأكثر تقلباً مثل أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

وللإشارة فإن «المركزي الأوروبي» فشل في الوصول إلى المستويات المستهدفة على مدى سنوات عديدة وتراجعت منطقة اليورو إلى منطقة الانكماش منذ انتشار جائحة فيروس كورونا، على الرغم من توقعات المركزي الأوروبي أن يكون ذلك الوضع مؤقتاً.

الاقتصاد الصيني يواصل التعافي

واصلت مؤشرات قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات في الصين إظهار تعافيها في سبتمبر، وفقا للبيانات الصادرة الأربعاء، وأظهرت البيانات أن مؤشر مديري المشتريات التصنيعي استقر عند مستوى 51.5 في سبتمبر، مرتفعا من قراءاته السابقة البالغة 51.0 في أغسطس ومتخطيا توقعات ارتفاعه إلى 51.3.

من جهة أخرى، سجل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي من Caixin Markit، الذي يركز على الشركات الخاصة الصغيرة على عكس المؤشر الرسمي الذي يركز على الشركات الكبيرة المملوكة للدولة، تراجعا هامشيا إلى مستوى 53.0 في سبتمبر، مقابل 53.1 في أغسطس. واستقر مؤشر مديري المشتريات الرسمي غير التصنيعي، الذي يقيس المعنويات في قطاعي الخدمات والبناء، عند مستوى 55.9 في سبتمبر، متجاوزا مستويات اغسطس البالغة 55.2، بما يعكس استمرار الموجة الإيجابية للنشاط الاقتصادي على مدى 7 أشهر متتالية.

بروكسل تتخذ إجراءات قانونية ضد المملكة المتحدة

بدأت الاضطرابات تعصف بالمملكة المتحدة بعد أن أرسلت بروكسل «إشعاراً رسمياً» يؤكد مقاضاتها للمملكة المتحدة نتيجة لخرقها شروط اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي تم التوصل إليها العام الماضي بما قد يؤدي إلى إحالة بريطانيا إلى محكمة العدل الأوروبية. وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مؤتمر صحافي أن المفوضية قررت اللجوء للقضاء على الرغم من أن مشروع القانون البريطاني لم يصبح قانوناً بعد وذلك لاعتقادها أن رئيس الوزراء بوريس جونسون خرق أحكام «حسن النية» المنصوص عليها بالمعاهدة العام الماضي بمجرد طرحه لمشروع القانون.

وأضافت أورسولا فون دير لاين: «مشروع القانون بطبيعته يمثل خرقاً لالتزام حسن النية المنصوص عليه ضمن اتفاقية الانسحاب. إضافة إلى ذلك، ففي حال تبنيه بصيغته الحالية فهو يتناقض تماماً مع البروتوكول المتعلق بأيرلندا وأيرلندا الشمالية» مشيرة إلى أن المملكة المتحدة يمكنها إرسال ملاحظاتها في غضون شهر قبل أن تقوم بروكسل بتصعيد الأمور.

وتأتي تلك الخطوة بعد أن تجاهلت حكومة المملكة المتحدة مهلة نهاية سبتمبر التي أصدرها الاتحاد الأوروبي لشطب المواد المخالفة من مشروع القانون.

وسيسمح مشروع القانون للمملكة المتحدة بتجاوز أجزاء مهمة من التسوية الحساسة التي تفاوض عليها جونسون مع الاتحاد الأوروبي العام الماضي بشأن أيرلندا الشمالية.