تعرضت كنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان، أمس، للقصف، بعد قليل من سقوط صواريخ على ستيباناكرت، عاصمة إقليم ناغورني كاراباخ، في حادثة هي الثانية من نوعها منذ اندلاع جولة جديدة للقتال، قبل 8 أيام، هي الأعنف منذ تسعينيات القرن الماضي.

وحتى الآن تدور المعارك الرئيسية بين أذربيجان وجمهورية كاراباخ المعلنة من طرف واحد، لكن القتال صار يُنذر بالتحوّل إلى حرب تقليدية مباشرة بين باكو يريفان.

Ad

وذكر مسؤولون في كاراباخ أن أهدافاً مدنية في ستيباناكرت، تعرّضت لهجمات بصواريخ أطلقها جيش أذربيجان، ما أجبر السكان على الاحتماء في أقبية وملاجئ المدينة التي قُطعت عنها الكهرباء منذ السبت.

باكو

وفي باكو، اتهم مساعد رئيس أذربيجان ومدير قسم شؤون السياسة الخارجية بالديوان الرئاسي حكمت حاجييف، "قوات الاحتلال الأرمني الارهابي" بقصف ثاني مدن البلاد، كنجه من داخل الأراضي الأرمنية، والتي يقطنها نحو 335 ألف نسمة، مضيفاً أن مدينتي تارتار في محافظة تارتار وهوراديز في محافظة فضولي تعرضتا كذلك لقصف أرمني، موضحاً أن بلاده ستدمر أهدافا عسكرية في أرمينيا تنطلق منها النار على مدن أذربيجانية.

وقال حاجييف إن زعيم كاراباخ المعلنة من جانب واحد أرايك هاروتيونيان، أصيب بجروح بليغة جراء "غارة دقيقة"، لكن سلطات اقليم كاراباخ نفت ذلك.

أما وزير الدفاع ذاكر حسنوف، فأعلن من ناحيته أن عملية القصف، التي تعرضت لها كنجه نفذت من داخل أراضي أرمينيا، مضيفا أن هذا الهجوم "يحمل طابعا استفزازيا ويوسع رقعة الأعمال القتالية".

بدوره، أكد رئيس أذربيجان، إلهام علييف في تغريدة على "تويتر"، أمس، انتزاع قوات بلاده مدينة جبرائيل وعددا من القرى في مقاطعتها من قبضة قوات جمهورية كاراباخ. إلا أن المتحدثة باسم وزارة دفاع أرمينيا شوشان ستيبانيان، اعتبرت "الأنباء عن السيطرة على جبرائيل كاذبة".

يريفان

وفي يريفان، نفى وزير الدفاع دافيد تونويان اتهامات باكو باستهداف مواقع في أذربيجان من داخل أراضيها، متهماً بالمقابل الجيش الاذربيجاني بقصف منطقة فاردينيس ومدينتي خانكندي ومارتاكيرت.

وكان هاروتيونيان قال في وقت سابق: "أصبحت المواقع العسكرية الدائمة في مدن كبيرة داخل أذربيجان الآن أهدافا لجيشنا، وأحضّ سكان أذربيجان على مغادرة هذه المدن على وجه السرعة بغية تفادي خسائر محتملة. إن قيادة أذربيجان العسكرية هي التي تتحمل المسؤولية عن كل ذلك".

وتجاهل الطرفان مناشدات من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي لوقف النار، وكثفا الأعمال العدائية كما تصاعدت حدة التصريحات.

علييف

وفي مقابلة تلفزيونية مع "العربية"، قال علييف إنه "لا توجد حرب بالوكالة" في كاراباخ، موضحاً أن بلاده قامت بالرد على الهجوم الذي بدأته أرمينيا، لكنها اصبحت الآن في موقف هجومي وهدفها استعادة أراضيها.

وقال علييف إن الحل للأزمة مع أرمينيا يجب أن يكون عبر الحوار وتنفيذ قرارات الامم المتحدة، مشيراً إلى أن "رئيس أرمينيا غير ملم بالأوضاع الجيوسياسية".

تركيا

ونددت وزارة الخارجية التركية "بالهجمات الأرمنية على كنجه"، واعتبرت في بيان أنه "دليل على يأس أرمينيا وعدم تورّعها عن ارتكاب جرائم ضد الانسانية، فضلا عن كونه مخالفا لاتفاقيات جنيف". وجددت دعمها لحق أذربيجان في الدفاع عن نفسها داخل حدودها المعترف بها دوليا.

«المرصد»

إلى ذلك، أعلن "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أمس، ارتفاع حصيلة قتلى المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا، حليفة باكو، إلى معارك كاراباخ الى 72 قتيلا. وأضاف المرصد أن "الحكومة التركية تنوي إرسال دفعة جديدة من المرتزقة السوريين إلى أذربيجان، إذ من المرتقب وصول المئات خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة".

وبلغ عدد المرتزقة السوريين المرسلين إلى أذربيجان نحو 1200 مسلح، غالبيتهم من المكون التركماني السوري، وينتمون إلى فصيلي "السلطان مراد" و"العمشات".

إلى ذلك، قال عضو أكاديمية الأزمات الجيوسياسية علي الأحمد إن "محاولة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الولوج إلى بحر قزوين عبر كراباخ يريد منه أن يبادل أماكن بأخرى، وهو عندما يقول إنه يريد التوغل شمال سورية وفي نفس الوقت يقول إنه ملتزم بالاتفاقات مع موسكو بشأن إدلب إنما يوجه رسالة لروسيا مفادها مقايضة الموضوع الأرمني بالورقة السورية، وهذه اللعبة أبعد من المسألة السورية، وهي أيضا التي أدت إلى عدم توصل المباحثات التركية - الروسية التي جرت في أنقرة أخيرا إلى نتائج".