لا حركة جدية داخلية واضحة في لبنان تدفع قدماً باتجاه العمل لتشكيل الحكومة. في الأوساط السياسية، كلام كثير عن الهمس الدائر في الكواليس للبحث عن مخرج، يحرّك المياه الراكدة. لا تصور واضحاً بعد عما إذا كان هناك إمكانية للاتفاق على حكومة جديدة، والدعوة لاستشارات نيابية ملزمة لتكليف شخصية برئاسة الحكومة.

ويدور كلام في الكواليس السياسية عن تقدّم حظوظ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي كخيار لرئاسة الحكومة. لكن موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يتعارض مع موقف ميقاتي، بالإضافة إلى معلومات أخرى أفادت بأن حظوظ ميقاتي متدنية، بفعل مواقف عديدة. أولاً، موقف أميركي يرفض تشكيل الحكومة التكنوسياسية التي يفترض أن يتمثل فيها «حزب الله» وحركة «أمل» بوزيرين. وثانياً بسبب رفض رئيس الجمهورية ميشال عون تولي ميقاتي رئاسة الحكومة. كذلك، ضج الوسط اللبناني بتحليلات كثيرة في الأيام الماضية حول اختيار النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري كرئيس للحكومة. وربطت التحليلات هذا الكلام بزيارة أجراها بعاصيري إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، خلال الساعات الماضية، علماً أن بعاصيري كان قد قال إن زيارته إلى رئيس المجلس روتينية وإنه غير مرشح لأي منصب حكومي ولا يسعى لرئاسة الحكومة. وأضاف بعاصيري انه يزور بري باستمرار لأنه «المشرف على عملية تصفية جمال ترست بنك، الذي فُرضت عليه عقوبات أميركية».

Ad

ومعروف أن بعاصيري طرح في مرحلة من المراحل كخيار لرئاسة الحكومة، لكن الطرح لم يتقدم بشكل جدي، إنما بقي في مرحلة استعراض لوائح المرشحين لهذا الموقع. ويفترض أن يتوجه الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى دولة الكويت اليوم، لتقديم واجب العزاء بوفاة الأمير صباح الأحمد.

وتراهن بعض القوى المحلية على أن يكون لقاء الرئيسين عون وبرّي، على متن طائرة واحدة، عاملاً مساعداً للبحث في الجو الحكومي وإعادة تحريك الجمود، بالإضافة إلى كسر الجليد بين الرجلين، بعد الاختلاف حول تمسك «الثنائي الشيعي» بوزارة المالية، واتهام عون للثنائي بأنه أسهم في عرقلة المبادرة الفرنسية وإفشالها، وبالتالي، إفشال عملية تشكيل الحكومة.

وقالت مصادر سياسية متابعة، أمس، إنه «من غير المحسوم حتى الآن إذا ما كانت مفاوضات ترسيم الحدود ستكون عاملاً مسهلاً لمفاوضات تشكيل الحكومة، أم عاملاً معرقلاً لها. فالأمور تحتاج إلى بعض الوقت، بانتظار بروز أي مؤشر يؤدي إلى تحريك الجمود القائم».

إلى ذلك، رحب البطريرك الماروني بشارة الراعي، امس، «بإعلان الدولة اللبنانية توصلها إلى اتفاق إطاري لترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل بما يسمح للبنان بأن يستعيد خط حدوده الدولية جنوبا، ويسهل له استخراج ثرواته البحرية من النفط والغاز، وينهي مسلسل الاعتداءات والحروب بين لبنان وإسرائيل، بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، ويضعه على مسار التفاوض السلمي عوض القتال، من دون أن يعني ذلك عملية تطبيع».

وأضاف الراعي: «ولا بد في المناسبة من إيجاد اتفاق يحل مسألة وجود نحو نصف مليون لاجئ فلسطينيٍ على أرض لبنان، والعمل على ترسيم الحدود مع سورية لجهة مزارع شبعا، وإنهاء الحالة الشاذة والملتبسة هناك».

وتابع: «فداحة الأوضاع واحتمالات حصول تطورات من طبيعة متنوعة، تحتم الإسراع بتأليف حكومة تجسد آمال المواطنين، لينتظم العمل الدستوري والميثاقي، فلا يبيح أحد لنفسه استغلال حالة الغيبوبة الدستورية أو تصريف الأعمال، أو وباء كورونا، وما هو أدهى من ذلك، ليخلق أمرا واقعا. ليت جميع القيادات اللبنانية، الروحية والرسمية والسياسية والحزبية، تستعيد مبادرة اللقاء حول الثوابت الدستورية والميثاقية وتلاقي وجع الناس وحاجة البلاد إلى الخروج من أزمتها العميقة».