روسيا تكافح للبقاء على الحياد بين أذربيجان وأرمينيا

• سيرج سركيسيان: لا نريد سورية أخرى
• طهران تعرض على الطرفين خطة متكاملة للحل

نشر في 06-10-2020
آخر تحديث 06-10-2020 | 00:04
منزل مدمّر بفعل قصف أذربيجاني في ستيباناكيرت عاصمة كاراباخ     (ا ف ب)
منزل مدمّر بفعل قصف أذربيجاني في ستيباناكيرت عاصمة كاراباخ (ا ف ب)
تجد روسيا نفسها أمام وضع معقد في جنوب البلقان، إذ تجمعها علاقات قوية مع أذربيجان وأرمينيا اللتين دخلتا في نزاع عسكري قد يتطور إلى حرب مفتوحة في منطقة تتشابك بها المصالح الإقليمية والدولية وتعتبر حيوية لإمدادات الطاقة إلى أوروبا.
بينما واصلت أذربيجان وأرمينيا، أمس، اشتباكاتهما العنيفة لليوم التاسع على التوالي بشأن إقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه، الذي يطلق عليه الأرمن أيضاً تسمية "آرتساخ"، تجد روسيا نفسها في ورطة، فمن جهة لديها قواعد عسكرية وعلاقات دينية وثقاقية واتفاقية دفاع مشترك مع يريفان، ومن جهة أخرى لديها مصالح حيوية مع باكو، وأكثر من ذلك، تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف علاقة خاصة.

في السياق، كتب المحلل السياسي الروسي ميخائيل موشكين، في صحيفة "فزغلياد" الروسية، أمس، تحت عنوان "ما حاجة روسيا إلى أذربيجان؟" أن "تفاقم الوضع في ناغورني كاراباخ أثار عدداً من الأسئلة. على وجه الخصوص: لماذا موسكو ليست في عجلة من أمرها للتوسط لأرمينيا ولماذا لا تنتقد بشدة أذربيجان؟ الجواب هو أن موسكو وباكو تربطهما علاقات وثيقة جداً، وليس فقط اقتصادية".

وقال الخبير العسكري ورئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني" الروسية إيغور كوروتشينكو، لـ"فزغلياد": "تتخذ روسيا موقفاً محايداً وعلى مسافة متساوية من نزاع كاراباخ. بالنسبة لنا، أذربيجان ليست أقل أهمية من الناحية الاستراتيجية من أرمينيا".

وأضاف: "وفي العلاقات بين رئيسي الدولتين، هناك ما يسمى الكيمياء المتبادلة، أي التعاطف والدعم والمودة، وهو أمر مهم في الاتصالات الدولية. رئيسنا، سياسي منضبط وحذر، فهو يُبقي معظم شركائه في السياسة الدولية على مسافة بعيدة، لذا، فإن العلاقات الجيدة مع علييف تساوي الكثير".

وتابع: "هنا السيرة الذاتية مهمة أيضاً. فقد سبق أن عمل والد الرئيس الأذربيجاني الحالي، زعيم الجمهورية منذ فترة طويلة، حيدر علييف، وبوتين في مكان مشترك".

وبشكل عام، وفقاً لكوروتشينكو، فإن "خلفية" عائلة علييف مفهومة للزعيم الروسي: "إلهام علييف، خريج معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، ويتحدث الروسية والإنكليزية على حد سواء. أما زعيم أرمينيا، رئيس الوزراء نيكول باشينيان، الذي وصل إلى السلطة على موجة ثورة ملونة عام 2018، فشيء آخر". وكانت هناك شكوك حول علاقة باشينيان بالغرب ونيته التحرر من نفوذ موسكو خصوصاً بعد إطاحته رجل موسكو القوي سيرج سركيسيان.

وغداة وصفه بأنه جاهل في "الجيوبولتيك" من نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، شدد الرئيس الأرمني آرمين سركيسيان، على أنه "لا نريد سورية أخرى في المنطقة حيث سيتدخل الجميع وسيكون الأمر مدمراً".

وقال في تصريحات تلفزيونية، إن "أذربيجان هي التي بدأت الحرب، والمعارك أصبحت معقدة بسبب تدخل طرف ثالث". وتابع: "أنقرة أرسلت آلاف المرتزقة لدعم أذربيجان، معظمهم إرهابيون متطرفون. هذا لا يغضب الأرمن فقط بل سيغصب العديد من الدول الإقليمية".

إسرائيل

إلى ذلك، أكد الرئيس الإسرئيلي رؤوفين ريفلين لنظيره الأرمني أن بلاده لديها علاقات طويلة الأمد مع أذربيجان، وأن التعاون بين البلدين ليس موجهاً ضد أي طرف، معرباً عن أمله في عودة السفير الأرمني إلى تل أبيب قريباً، مشدداً على أن إسرائيل مهتمة بتعزيز العلاقات مع أرمينيا ومستعدة لمساعدتها على المستوى الإنساني.

علييف

وفي باكو، أعلن الرئيس الأذربيجاني،أمس، أن موقف روسيا من التطورات في الإقليم المتنازع عليه بالغ المسؤولية والتحفظ.

وشدد الرئيس الأذربيجاني أمس على ضرورة أن يكون لتركيا "وجود في العملية المستقبلية الخاصة بالتسوية السلمية للنزاع"، مضيفا ان أنقرة "جهة فاعلة مهمة في المنطقة، وهي جارة لأذربيجان وجارة لأرمينيا أيضاً". وأوضح وفي موسكو، أكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي لا يخطط حالياً لإجراء محادثات مع نظيره الأذربيجاني أو التركي رجب طيب إردوغان.

كما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن قلق بلاده من ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين، ودعا في مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الأرمني زوهراب مناتساكانيان، إلى وقف النار في أقرب وقت ممكن.

وفي طهران، أكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة مجدداً أن بلاده "أعدت متكاملة لحل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، وهي مستعدة لمناقشتها مع طرفي النزاع"، معرباً عن الأمل في أن يبادر الجانبان لوقف النار.

الناتو

وفي أنقرة، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبيرغ خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، عن قلقه من استمرار الأعمال القتالية، وجدد الدعوة للطرفين إلى وقف فوري لإطلاق النار. وقال: "نتوقع من تركيا أن تهدئ الوضع بينهما".

من جهته، دعا أوغلو "الناتو" لأن يطالب أرمينيا بالانسحاب من كاراباخ، مشيراً إلى أن "أرمينيا تستهدف المدنيين والنساء والأطفال علناً، بما يمثل جريمة حرب".

ميدانياً، أفادت وزارة الدفاع الأرمنية، أمس، بأن عاصمة كاراباخ، ستيباناكيرت، تعرّضت لقصف مكثف براجمات الصواريخ.

وأشارت الناطقة باسم الوزارة شوشان ستيبانيان، إلى أن "الجيش الأذربيجاني استأنف هجومه على المحور الجنوبي للجبهة في كاراباخ، وهناك معارك ضارية في المنطقة".

من ناحيته، قال آرتسرون هوفهانيسيان، السكرتير الإعلامي لوزارة الدفاع الأرمنية في مقابلة خاصة مع "العربية.نت"، إن "المعارك مستمرة على طول الخط الحدودي بين آرتساخ وأذربيجان لاسيما في القطاعات الشمالية والجنوبية وتستخدم فيها باكو كل الأسلحة المتوافرة لدى جيشها".

بدوره، طالب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان الحكومة الأميركية بتقديم تفسير، على خلفية ما وصفه باستهداف سلاح الجو التركي المدنيين في كاراباخ باستخدام مقاتلات F16 أميركية الصنع.

وفي حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، قال باشينيان: "على الولايات المتحدة أن تشرح، هل قدمت F16 لتركيا من أجل قصف المدنيين والقرى المسالمة؟".

من جهتها، اتهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية القوات الأرمنية بقصف بلدات بردا وترتار وبيلاغان من أراضي أرمينيا.

وأصدر مكتب المدعي العام الأذربيجاني بياناً جاء فيه، إن مدنياً قتل ونقل ثلاثة آخرون إلى المستشفى نتيجة القصف على خط التماس في كاراباخ.

وكانت وكالة "نوفوستي" نقلت عن مصادر مطلعة في المعارضة السورية أن 93 من المرتزقة السوريين قتلوا في معارك كاراباخ ، فيما توجهت دفعة ثالثة من المرتزقة تضم 430 عنصراً، غادرت إلى منطقة النزاع في كاراباخ نهاية الأسبوع الماضي.

وفي مينسك، نفت الناطقة باسم وزارة الدفاع البيلاروسية ناتاليا غافروسيك، أمس، إرسال بلادها طيارين عسكريين إلى أذربيجان للمشاركة في الأعمال القتالية.

*دفعة جديدة من المرتزقة السوريين ويريفان تطالب واشنطن بتفسيرات عن استخدام تركيا F16
back to top