قرغيزستان: المعارضة تستولي على مبانٍ حكومية
احتجاجات حاشدة تلغي نتائج الانتخابات التشريعية والرئيس المتحالف مع موسكو يتراجع خطوة
دخلت قرغيزستان، البلد ذو الأهمية الاستراتيجية بمنطقة آسيا الوسطى، حالة من الفوضى السياسية، بعد أن اقتحم أنصار المعارضة مؤسسات حكومية واستولوا عليها احتجاجاً على نتائج الانتخابات التي اتهموا الرئيس حيثسورونباي جينبيكوف المقرب من روسيا بتزويرها.
اقتحم متظاهرون معارضون في قرغيزستان، مؤسسات حكومية في العاصمة بيشكيك، اعتراضاً على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي، التي كان التقارب بين الرئيس حيثسورونباي جينبيكوف وروسيا أحد عناوينها الخلافية. وفي وقت متأخر من مساء أمس الأول، تجمع الآلاف من أنصار الأحزاب السياسية المعارضة، التي لم تنجح في الانتخابات، والذين يقولون إنه تم التلاعب في الاقتراع لضمان هيمنة الأحزاب الموالية، في الساحة المركزية في العاصمة. وفرقت الشرطة الحشود الغاضبة. وذكرت الحكومة أن قتيلاً و590 مصاباً سقطوا في الاضطرابات أثناء ليل الاثنين ـ الثلاثاء. لكن المتظاهرين عادوا واقتحموا مجمع "البيت الأبيض" الذي يضم مكتب الرئاسة والبرلمان وتمكنوا من السيطرة عليه بعد اندلاع النار فيه.
ثم اقتحم المحتجون مقر اللجنة الحكومية للأمن الوطني وأطلقوا الرئيس السابق ألماظ بك أتامباييف المسجون لمدة 11 سنة على خلفية اتهامات بالفساد، وإنها تناقش بالفعل تشكيل حكومة موقتة.وذكر شهود عيان أن نجل أتامباييف، قدير أتامباييف، دخل مع المحتجين إلى مبنى البرلمان. وتغيب أتامباييف، عن الاجتماع الذي كان مقرراً مع أنصاره بعد إطلاقه "لأسباب صحية". وإلى جانب أتامباييف، الخصم اللدود لجينبيكوف، أطلق سراح رئيسي حكومة سابقين، ونائبين سابقين، من السجن.كما سيطرت جماعات المعارضة على عدد من المباني الأخرى ومنها وزارة الداخلية ومقر رئيس البلدية وعينت عمر بك سوفانالييف، الذي اجتاز حزبه "بوتون قرغيزستان" عتبة الدخول إلى البرلمان، رئيساً للأمن القومي، ولم تتضح بعد الصلاحية القانونية للتعيين.وجرى تعيين قائم بأعمال المدعي العام وقائد لبيشكيك رغم أنه لم يتضح مدى القوة الفعلية التي تمارسها. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الوزير كاشكار غونوشالييف لم يحضر للعمل أمس، وإن السياسي المعارض والمسؤول الأمني الرفيع المستوى السابق كراسان أسانوف تولى منصب وزير الداخلية بالوكالة.وأشارت تقارير، إلى أن عددا من حكام الأقاليم قدموا استقالتهم وأن مسيرات شعبية انطلقت امس، في عدد من مراكز الأقاليم ومعظمها مناهض للحكومة.وأعلنت وزارة المالية، أنها جمدت جميع المعاملات المالية التي تنفذها، حتى إشعار آخر من السلطات الحكومية.وقبل ذلك أوصى بنك قرغيزستان الوطني (البنك المركزي) البنوك التجارية والمؤسسات المالية غير المصرفية في البلاد بتعليق عملياتها وتعزيز الإجراءات الأمنية.
مجلس تنسيق
وأعلن مسؤولو المعارضة ومن بينهم رئيس حكومة سابق والعديد من قادة الأحزاب، تشكيل "مجلس تنسيق" لإرساء الاستقرار و"العودة إلى حكم القانون".وأصدر المجلس بيانا انتقد فيه جينبيكوف لعدم الوفاء بتعهده توفير ظروف متساوية للأحزاب المشاركة في الاقتراع.في المقابل، وصف جينبيكوف ما جرى بأنه "محاولة من قبل بعض القوى السياسية للاستيلاء على السلطة من دون سند من القانون"، وقال إنه أمر قوات الأمن بألا تفتح النار في وجه المحتجين تحت أي ظرف، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يزال يسيطر على الوضع.وأعلن أيضاً أنه اقترح على اللجنة الانتخابية المركزية "أن تدقق بكل الانتهاكات واذا لزم الأمر أن تلغي نتائج الانتخابات" التشريعية التي فازت فيها أحزاب موالية له. وأشار إلى أنه سيلتقي بزعماء جميع الأحزاب الذين شاركوا في تصويت الأحد.وفي وقت لاحق، أعلنت اللجنة الانتخابية الغاء نتائج الانتخابات في هذا البلد الذي يستضيف قاعدة جوية روسية ويوجد به منجم ذهب كبير تديره كندا. وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي راقبت الانتخابات بشكل مستقل، أكدت إنه تم رصد مخالفات، من بينها "مزاعم ذات مصداقية بشراء أصوات" في هذه الانتخابات التي أظهرت نتائج فرز أولية سيطرة حزبين مواليين للرئاسة هما "بيريمديك" و"مينيكيم قرغيزستان"، على البرلمان، وخروج ثلاثة أحزاب منه.وتقع قرغيزستان على الحدود مع الصين وهي حليف وثيق لروسيا ولطالما كانت ساحة للمنافسة الجيوسياسية بين موسكو وواشنطن وبكين. ولهذه الجمهورية السوفياتية السابقة الوحيدة في آسيا الوسطى التي تنعم ببعض من التعدّدية السياسية، ويبلغ عدد سكانها 6.5 مليون نسمة والمتحالفة بشكل وثيق مع روسيا، تاريخ من التقلبات السياسية.ففي السنوات الخمس عشرة الماضية، أطاحت الثورات باثنين من رؤسائها.وتنتمي قرغيزستان الى "المجلس التركي للدول الناطقة بالتركية"، الذي يضم 6 دول، تعتمد اللغة التركية ولهجاتها لغة رسمية لها وهي: أذربيجان، جمهورية شمالي قبرص التركية، تركمانستان، أوزبكستان، قرغيزستان، وكازاخستان. و80 في المئة من القرغيزيين يعتنقون الإسلام، و16 في المئة من المسيحيين الأرثوذكس، والروسية هي اللغة الثانية بعد القرغيزية التي تعتبر إحدى اللهجات التركية.ولم يتضح إذا كان هناك أي تأثير تركي على انتخابات الأحد أو على المعارضة، وسط التوتر بين روسيا وتركيا، على خلفية الصراع بين أذربيجان وأرمينيا.ويتعرض النفوذ الروسي في عدة مناطق لمخاطر مثل ما يحدث في بيلاروسيا، الحديقة الخلفية لموسكو، التي تشهد حراكا سياسيا واحتجاجات مطالبة بالديمقراطية.
محتجو المعارضة «يحررون» الرئيس السابق ألماظ بك أتامباييف من السجن