المجد الحقيقي للتاريخ الأميركي
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وأشار الكتاب إلى العبودية بالتأكيد، لكن باعتبارها سببا ثانويا للحرب الأهلية، فقد كان السبب الأساسي هو حقوق الولايات، وتم تصوير العبيد بأنهم كانوا يعيشون حياة سعيدة في المزارع لا ضحايا مؤسسة مقيتة. لقد كان هذا تلقينا، وما لم نتعلمه أن هناك «مؤرخين جددا» أنفقوا ستين عاما الماضية يساعدوننا في الفهم بشكل أفضل، فقد أوضحوا الصورة بجعلنا ندرك مساهمات الصين في حضارة الغرب قبل مارك بولو، وعلمونا وحشية الحروب الصليبية والدور الذي أدته الحضارة الإسلامية في تحفيز الفكر الذي أدى إلى عصر النهضة، وحضارات إفريقية عظيمة عصف بها الغزو الاستعماري والدور الذي أداه الاستعمار والجشع الاستعماري في تدمير التطور الطبيعي لدول في آسيا وإفريقيا، ودور التنافس بين القوى الاستعمارية في إشعال الحرب العالمية الأولى. ما لم نتعلمه بشأن التاريخ الأميركي ربما يملأ كتباً، وهذا ما فعله المؤرخون أنفسهم الذين أدانهم الرئيس، ومن هذه الروايات التي توصف بأنها محرفة، عرفنا أعمال الإبادة العرقية التي ارتكبت ضد السكان الأصليين لأميركا وشرور العبودية وإرثها، حتى بعد إلغائها، والسياسات الحكومية القمعية التي قمعت السود في أميركا، وعلى الرغم من أن أميركا لا تريد أن ترى نفسها في الضوء نفسه الذي ترى فيه القوى الاستعمارية الأوروبية، لكن الجشع والغزو الأميركيين قادا إلى استعمار الجنوب الغربي واستخدام القوة العسكرية للسيطرة على موارد أميركا الوسطى والكاريبي، بل حتى منطقة الهادي، لخدمة مصالح الشركات الأميركية، ونعلم الآن أنه رغم «الترحيب» بموجات المهاجرين الجدد، كان هناك تمييز دوما وجيل أو أكثر من الفقر والضيق. وأخيرا، تعلمنا الآن أن هناك أبطالا كافحوا على مدار عصور، متحلين بالشجاعة والعزم، لتحدي الظلم وقاتلوا من أجل توسيع نطاق الحقوق لتشمل المهاجرين والعمال والسود والهسبانك والنساء، وتعلمنا أن هناك أصواتا شجاعة واجهت القصة الناقصة للتاريخ الأميركي وكافحت كي تكمل الصورة بالحقائق، وهؤلاء ليسوا ملقنين بل مؤرخين حقيقيين. التاريخ، مثل الظلم، لا يصحح نفسه بنفسه، بل يتطلب عملا شاقا ومثابرة وتضحية، وكي نقدر الطريق الطويل الذي قطعناه والعراقيل التي تغلبنا عليها والعمل الذي لم ننجزه بعد، يتعين علينا النظر إلى التاريخ كما كان وإلى مشكلاتنا كما هي حقا، فتجميل الماضي لن يجعلنا أفضل، وهناك مجد في التاريخ الأميركي، ليس في النسخ الرومانتيكية التي يروج لها الرئيس، لكن في مساعي شعبنا التي لا تكل لمواجهة وتصحيح ظلم وأهوال ماضينا والمضي قدما.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن